«في قلب البيت، في أوسع غرفه وأكثرها حيوية، على امتداد 30 مترا مربعا أو يزيد، تتسلق مكتبة العائلة الجدارين الشمالي والشرقي، حتى لتبدو دعامة البيت الفعلية، واعتقدها كذلك مبنىً ومعنىً... تتسلق مغطية كل الفراغات، وتتدلى عناقيد الرفوف على اختلاف أحجامها وأُكُلها.
كبرت على أعتابها، متخذة دور أمينتها ولم يعهد لي أحد بذلك، وكبرت وتحسنت هي الأخرى على مرأى مني، زادت قطوفها، وتبدلت بالخشب الأبيض المصقول دعاماتها بعد أن كانت معدة من صفائح معدنية، تتطلب كثيرًا من الحذر، إذ أن أدنى جرح منها يعادل سكينًا مشحوذًا.
أذكر أنها استقرت برمتها في غرفتي، كان هذا قبل تسع سنوات، تحوطني من كل اتجاه، وتبقي مساحة صغيرة تحت النافذة لسريري، ألفتها بالنظر، فبتُّ أدرك أن أبي تناول كتابًا ما منها، وحفظت ترتيب الكتب فيها لونيًا.
عرفت لاحقًا، أن الكتب لا تصير خيالية ومثيرة وهي مسجاة على الرفوف، إنها ساكنة مصمتة، إلى اللحظة التي تباشرها العيون ومن خلفها الأفئدة».
من مدونة «مجاز» الأردنية