في تحركات دولة إثيوبيا في العقود الأخيرة، شيء يحيلنا على تصديق أن ثمة مؤامرة تحاك بدقة وبطء، هدفها تغيير موازين القوى في دول حوض نهر النيل من جانب، ومنطقة النفوذ البحري في البحر الأحمر من جانب آخر، بوجود خمس دول عربية، يطولها التأثير بدرجات متفاوتة، هي: السودان، جيبوتي، الصومال، اليمن، وبالطبع مصر، التي تضررت من بناء سد النهضة الإثيوبي من جانب، وتراقب التحركات الإثيوبية للنفاذ إلى الموانئ الأفريقية على البحر الأحمر من جانب آخر، في مخاوف من الإضرار بمصالح قناة السويس، واحدة من أهم القنوات في العالم، ومن محددات مكانة مصر، ومحوراً دائماً للمطامع.
من وراء الأحداث، تقف إسرائيل تدعم وتحرض، ومن بعدها دولة الإمارات حليفها العربي، فيما تتمسك إثيوبيا بحقوقها في سد يخالف الحقوق التاريخية لدول حوض النيل، ويحقق لها الاكتفاء من الكهرباء، وميناء بحري يحرّرها من صفة الدولة الحبيسة، ويدعم نفوذها وتجارتها، مستغلة الظروف السياسية الشائكة في المنطقة، والضعف العربي العام، والتفكك الإفريقي تحت وطأة الفقر والصراعات السياسية، وتراجع الدور المصري على الصعيدين العربي والإفريقي، على الرغم من كل ما تمتلكه مصر من مقومات تاريخية وحضارية.
تمثل إثيوبيا بوجه عام دولة ذات ثقل في أفريقيا، باعتبارها ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان، وموطن ملايين من الأيدي العاملة، وعاصمتها أديس أبابا المقر الدائم للاتحاد الإفريقي، كما تشارك في قوات حفظ السلام الدولية بدول الصراع ،خاصة في أفريقيا، وتنتمي إلى مجموعتين جغرافيتين مهمّتين في القارة العجوز: الأولى مجموعة دول حوض النيل، فهي دولة المنبع الأساسي لأكبر أنهار إفريقيا: النيل الأزرق، وهو الفرع الأكبر والأهم لتغذية نهر النيل، ويسهم بنسبة حوالي 80– 85 في المئة من مياه النيل التي تصل إلى مصر والسودان.
والمجموعة الجغرافية الثانية هي دول القرن الأفريقي في شرق أفريقيا، التي تضم دولاً أخرى، من مثل: الصومال، وجيبوتي، وإريتريا،، وجميعها دول تعد عنصراً أساسيّاً في أمن البحر الأحمر، وقناة السويس، وباب المندب من جهة قارة أفريقيا، ولذلك تشهد تزايداً للنفوذ السياسي والعسكري الدولي.
فتنة الجغرافيا لا تفارق باب المندب
02-03-2023
وإثيوبيا إلى ذلك دولة حبيسة بلا ميناء بحري، بعد استقلال دولة إريتريا عنها عام 1993، عقب استفتاء شعبي أيدته الأمم المتحدة، لهذا فهي تلجأ إلى عقد الاتفاقيات لاستئجار الموانئ البحرية أو الحصول على حق انتفاع للاستخدام، لحماية مصالحها التجارية، وتتخذ من موقعها الجغرافي ذريعة مقنعة لدى الهيئات الدولية، تماماً كما فعلت خلال سنوات بناء سد النهضة. ومؤخراً زادت رغبتها في امتلاك قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، بالتزامن مع توطيد علاقتها مع دولة إسرائيل المحتلة.
منفذ بحري
قبل الدخول في تفاصيل الاعتماد الإثيوبي على الدول المجاورة لها للحصول على منفذ بحري، علينا أولاً النظر إلى الخريطة، حيث البحر الأحمر يربط البحر المتوسط بالمحيط الهندي عبر قناة السويس شمالاً، وخليج عدن جنوباً، كما يربط بين شبه الجزيرة العربية شرقاً، وشمال شرق إفريقيا غرباً، وبذلك يفصل بين قارتين من العالم القديم، آسيا وأفريقيا. من ناحية آسيا تطل على البحر الأحمر السعودية، تليها اليمن، أما من ناحية إفريقيا فنجد بالترتيب: مصر، ثم السودان، ثم إريتريا، وجيبوتي، والصومال. ويقع باب المندب، المضيق الأشهر والأكثر أهمية اقتصادياً وعسكرياً، في دولة اليمن من جانب قارة آسيا، وبين دولتي إريتريا وجيبوتي من جانب قارة إفريقيا. ما يعني أن الحصول على قاعدة عسكرية من الصومال سيتحكم في مدخل باب المندب من ناحية المحيط الهادي، أما الحصول على قاعدة عسكرية في إريتريا فستتحكم في باب المندب من مدخل البحر المتوسط وقناة السويس. وهنا تظهر خطورة المطامع الإثيوبية في الحصول على قاعدة عسكرية في دولة الصومال.
ويرجع تاريخ حدوث أزمة خاصة بالموانئ في إثيوبيا إلى عام 1993، عقب انفصالها عن دولة إرتيريا كما سبق ذكره، وما أعقب ذلك من نشوب مناوشات على الحدود بين البلدين، ما أدى إلى لجوء إثيوبيا إلى جيبوتي الجارة الأقرب، للاستفادة من موانئها على البحر الأحمر، حيث أسست الدولتان اللجنة المشتركة عام 1999، واتفقتا على استخدام الموانئ وخدمات الشحن العابر عام 2002.
في كانون الثاني/ يناير 2024، وقّعت إثيوبيا مذكرة مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، غير المعترف به رسمياً، سمحت بمرور البضائع الإثيوبية عبر ميناء بربرة مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم الانفصالي، ومنح إثيوبيا 10 كيلو مترات ساحلية لبناء قاعدة بحرية، بدعم من الإمارات وشركة DP World. هدفت الصفقة إلى خلق ثقل عسكري قبل مضيق باب المندب من ناحية المحيط الهندي وخليج عدن. فكانت المباركة الإماراتية، التي تحاول مدّ نفوذها في البحر الأحمر. وهي أيضاً حليفة لإسرائيل.
إثيوبيا دولة حبيسة بلا ميناء بحري، بعد استقلال دولة إريتريا عنها عام 1993، عقب استفتاء شعبي أيدته الأمم المتحدة. لهذا فهي تلجأ إلى عقد الاتفاقيات لاستئجار الموانئ البحرية أو الحصول على حق انتفاع للاستخدام، لحماية مصالحها التجارية، وتتخذ من موقعها الجغرافي ذريعة مقنِعة لدى الهيئات الدولية، تماماً كما فعلت خلال سنوات بناء سد النهضة. ومؤخراً زادت رغبتها في امتلاك قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، بالتزامن مع توطيد علاقتها مع دولة إسرائيل المحتلة.
مَثّل تولي آبي أحمد رئاسة وزراء إثيوبيا عام 2018، نقلة كبيرة في اتساع طموح وأطماع الدولة، بقيادة سياسي شاب حصل على جائزة نوبل للسلام بعد توليه المنصب بعام واحد فقط، إثر نجاحه في إنهاء حرب استمرت 20 عاماً بين بلاده وإريتريا. أعقب ذلك اعتماد إثيوبيا ما يعرف بـ دبلوماسية الموانئ[1]، ما أتاح لها استخدام معظم الموانئ البحرية في المنطقة وامتلاك حصص فيها، بما يشمل ميناء جيبوتي، بورتسودان، لامو، مينائي عصب ومصوع في إريتريا عقب توقيع الاتفاقية، وأربعة موانئ في الصومال. وهدفت تلك السياسة إلى تعزيز مكانتها الإقليمية في القرن الإفريقي، وحماية مصالحها الاقتصادية والتجارية، إلى جانب تسويق دورها كشريك استراتيجي للأمن والاستقرار الإقليمي.
يأتي ذلك في ظل تراجع الدور المصري منذ الخمسينيات من القرن الماضي، حينما لعبت مصر بقيادة جمال عبد الناصر دوراً محورياً في دعم حركات التحرر الأفريقية ضد الاستعمار، خاصة في الجزائر وشرق أفريقيا، ووفرت إذاعات بثت بلغات أفريقية عديدة، حينما كان الإعلام المصري من ضمن أدوات القوة الناعمة للبلاد. كما أسهمت مصر أًيضاً في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963، ودعمت مبادئ عدم الانحياز التي جعلت مصر أحد مراكز حركات التحرر عالمياً.
وبوجه عام، فإن مصر منذ عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك أهملت جانبها الأفريقي، خاصة عقب محاولة اغتيال الرئيس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 1995. بعدها تغيرت العلاقات بين القاهرة وعدد من العواصم الأفريقية، وصارت العلاقات الدبلوماسية في أفريقيا أقل أهمية من غيرها، وزاد الأمر تعقيداً ما وُصِف بالاتجاه المصري المتزايد نحو الانعزال والتركيز على الداخل، أو بـ"دبلوماسية التنمية[2]"، التي طبقتها مصر في عهد الرئيس الأسبق مبارك. وعقب قيام "ثورة يناير 2011"، وإقصاء الرئيس مبارك من الحكم، كان الوقت قد فات لتدارك الأمر، حيث أعلنت أثيوبيا بداية العام نفسه عن تدشين سد النهضة بتكلفة أربعة مليار دولار.
قاعدة عسكرية
ظل طموح دولة إثيوبيا الحبيسة في الوصول إلى منفذ بحري، لحاجتها التجارية والملاحية، أمراً مشروعاً لأغراض سلمية. لكن بتولي آبي أحمد رئاسة الوزراء، برزت مطالبات ببناء قاعدة عسكرية في الدول المجاورة ذات الإطلالات البحرية على البحر الأحمر، فيما وصفته عدد من الصحف الإفريقية بمحاولة إثيوبيا لتطوير إمبراطورية بحرية عسكرية، تعيد الأمجاد التاريخية، لمملكة أكسوم[3]. وكل ذلك لم يكن بعيداً عن اليد الإسرائيلية والإماراتية.
بدأ الأمر بتوقيع اتفاق السلام 2018 بين آبي أحمد ورئيس إريتريا إيساياس أفورقي، يسمح بالاستخدام التجاري لموانئ إريتريا. ورفضت الأخيرة أية عروض لبناء قاعدة عسكرية من قبل إثيوبيا. تكرر الأمر العام الحالى، بعد رفض رئيس جيبوتي، إسماعيل عمر جيلة، بشكل قاطع اقتراح إثيوبيا إقامة قاعدة بحرية على أراضي بلاده، مؤكداً أن جيبوتي لا تنوي أن تصبح "القرم في القرن الإفريقي[4]"، مشيراً إلى شبه جزيرة القرم، التي ضُمّت عام 2014 إلى الأراضي الروسية.
يقع باب المندب، المضيق الأشهر والأكثر أهمية اقتصادياً وعسكرياً، في دولة اليمن من جانب قارة آسيا، وبين دولتي إريتريا وجيبوتي من جانب قارة إفريقيا. ما يعني أن الحصول على قاعدة عسكرية من الصومال سيتحكم في مدخل باب المندب من ناحية المحيط الهادي، أما الحصول على قاعدة عسكرية في إريتريا فستتحكم في باب المندب من مدخل البحر المتوسط وقناة السويس. وهنا تظهر خطورة المطامع الإثيوبية في الحصول على قاعدة عسكرية في دولة الصومال.
ظل طموح دولة إثيوبيا الحبيسة في الوصول إلى منفذ بحري، لحاجتها التجارية والملاحية، أمراً مشروعاً لأغراض سلمية. لكن بتولي آبي أحمد رئاسة الوزراء، برزت مطالبات ببناء قاعدة عسكرية في الدول المجاورة ذات الإطلالات البحرية على البحر الأحمر، فيما وصفته عدد من الصحف الإفريقية بمحاولة إثيوبيا لتطوير إمبراطورية بحرية عسكرية، تعيد الأمجاد التاريخية، لمملكة أكسوم.. وكل ذلك لم يكن بعيداً عن اليد الإسرائيلية والإماراتية.
وقبل ذلك، في كانون الثاني/ يناير 2024، وقّعت إثيوبيا مذكرة مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، غير المعترف به رسمياً. سمحت الاتفاقية بمرور البضائع الإثيوبية عبر ميناء بربرة مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم الانفصالي، ومنح إثيوبيا 10 كيلو مترات ساحلية لبناء قاعدة بحرية، بدعم من الإمارات وشركة DP World. هدفت الصفقة إلى تقليل اعتماد إثيوبيا على موانئ جيبوتي، وخلق ثقل عسكري قبل مضيق باب المندب من ناحية المحيط الهندي وخليج عدن. لذلك كانت المباركة الإماراتية، التي تحاول مد نفوذها في البحر الأحمر، مثل إحكام السيطرة على جزيرة سقطرى اليمنية. وهي أيضاً حليفة لإسرائيل، وتقف ضد استهداف مصالحها في البحر الأحمر.
أثارت صفقة القاعدة العسكرية الإثيوبية، رد فعل غاضب من قبل الحكومة الرسمية في دولة الصومال، واعتبرت الأمر اعتداء على سيادتها، وحظيت بدعم من مصر، فيما عارضت تركيا الصفقة الإثيوبية، لكنها توسطت مع مقديشو-عاصمة الصومال، لإيقاف أي توسع بحري إثيوبي.
تصاعدت وتيرة التوتر بعد زيارة وفد عسكري صومالي إلى القاهرة ولقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، منتصف آب/ أغسطس الماضي. وكان الرئيس المصري قد شدد في وقت سابق على دعم مصر لوحدة الأراضي الصومالية، ورفضها لأي تدخل خارجي في شؤون الجارة الأفريقية-العربية الداخلية. وفي هذا السياق وصلت إلى العاصمة الصومالية قوات ومعدات عسكرية مصرية، وصرّح سفير[5] الصومال في القاهرة: أن مصر ستكون أولى الدول، التي تنشر قوات دعماً للجيش الصومالي ضمن البعثة الأفريقية المرتقبة، فيما أعلنت إثيوبيا عن احتجاجها على الأمر.
وفي المقابل، واصلت إسرائيل تعزيز دعمها لإثيوبيا. ففي شباط/ فبراير من العام الجاري، وبعد توقيع الاتفاقية الإثيوبية-الإسرائيلية، برزت تل أبيب بوصفها شريكاً رئيسياً في مشاريع استراتيجية داخل إثيوبيا، في مجالات الطاقة والمياه والابتكار، وشملت الاتفاقية دمج شركات إسرائيلية في مشاريع الطاقة المتجددة، إضافة إلى مشاركتها في تطوير البنية التحتية للمياه. وأكدت وزارة الطاقة الإسرائيلية[6] في بيانها أن هذا التعاون، إلى جانب المكاسب الاقتصادية للطرفين، سيعزز النفوذ السياسي لإسرائيل في القارة الإفريقية، وهو ما يُنظر إليه كخطوة تهدف إلى إضعاف الدور العربي في إفريقيا، وتمس الأمن السياسي لمصر.
على هامش ما سبق، ينبغي الانتباه إلى الخطاب الإعلامي المصري حول تلك الاتفاقية، فالتناول كان ضعيفاً لا يرقى لخطورة الحدث، وكانت هناك محاولة لمهاجمة أطراف الاتفاقية من دون معلومات وشرح وتوثيق، وهذا لا يعكس سياسة الإعلام المصري فقط، بل يكشف عن قصور في الفهم العميق للملف الأفريقي.
كوميديا سوداء
"والله والله، لن نقوم بأي ضرر للمياه في مصر"، عبارة قالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باللغة العربية، ليكررها آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا كنوع من الوعد، في مشهد استعراضي خلال مؤتمر صحافي مشترك بقصر الاتحادية عام 2018، في محاولة لإرسال رسالة مطمئِنة مباشِرة إلى الشارع المصري، الذي لا يجد إجابة مقنعة على السؤال الأكثر صعوبة: لماذا لم تنجح مصر في احتواء تداعيات بناء سد النهضة؟
لكن ذلك لم يغير من حقيقة الوضع على الأرض، واستمر صدور التقارير الحكومية والإعلامية التي تشير إلى تعرقل المفاوضات، وتأثير السد المباشر على كلٍ من الأمن المائي المصري والسوداني بدرجات متفاوتة، كان آخرها ما حدث خلال شهري أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر الماضيين، حين تعرضت أجزاء من الأراضي السودانية للغرق، ومثلها حدث في مصر في أراضي طرح النهر في منطقة الدلتا.
وذلك عقب بضعة أسابيع فقط من تدشين سد النهضة خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، ما أدى إلى اعتراض مصر الرسمي[7]، منددة في رسالة إلى مجلس الأمن بـ"إجراء أحادي" مخالف للقانون الدولي. وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها: "إن مصر لن تغض الطرف عن مصالحها الوجودية في نهر النيل". وجاء في البيان: "رغم كل المساعي الواهية لمنح السد الإثيوبي غطاء زائفاً من القبول والشرعية، فإنه يظل إجراء أحادياً مخالفاً للقانون والأعراف الدولية، ولا تنتج عنه أي تبعات من شأنها التأثير في النظام القانوني الحاكم لحوض النيل الشرقي".
واصلت إسرائيل تعزيز دعمها لإثيوبيا. ففي شباط/ فبراير من العام الجاري، وبعد توقيع الاتفاقية الإثيوبية-الإسرائيلية، برزت تل أبيب بوصفها شريكاً رئيسياً في مشاريع استراتيجية داخل إثيوبيا، في مجالات الطاقة والمياه والابتكار، وشملت الاتفاقية دمج شركات إسرائيلية في مشاريع الطاقة المتجددة، إضافة إلى مشاركتها في تطوير البنية التحتية للمياه.
بدورها ردت دولة إثيوبيا مؤكدة "التراجع عن الاتفاقية الإطارية للتعاون وتعليق عضويتها في مبادرة حوض النيل"، معتبرة أن مصر "تتمسك بعقلية الحقوق التاريخية وتستخدمها لتبرير مزاعم الأمن المائي"، مضيفة أن هذه العقلية "استعمارية وتتجاهل مصالح دول الحوض".
وقالت: "إن مصر لديها موارد جوفية واسعة، وعليها أن توقف هدر المياه، وتحد من المدن غير المستدامة، وتوقف مشاريع تحويل المياه خارج الحوض، وتستثمر أكثر في تحلية المياه". وهو ما يخالف حقيقة الوضع المائي في مصر، الذي وصل إلى حد الفقر قبل سنوات من البدء في تدشين سد النهضة. حتى إن تصريحات سابقة لوزارة المياه[8] أكدت أن احتياجات مصر اليومية من المياه تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، فى حين تقدّر الموارد المائية الفعلية بحوالي 59.6 مليار متر مكعب سنوياً، من ضمنها 55 مليار متر مكعب من نهر النيل.
الآن يبدو أن الصراع بين مصر وإثيوبيا سينتقل إلى الصومال، في ظل دعم إسرائيلي وإماراتي، وعدم توصل مصر إلى حلول دبلوماسية مع إثيوبيا. فهل نواجه حلاً عسكرياً قريباً، ينبع من مخاوف مصر من الإضرار بالملاحة في قناة السويس، في حال إتمام إثيوبيا للقاعدة العسكرية بالصومال الانفصالية، والغضب من تضرر المصالح المائية الذي تزداد معالمه وضوحاً عقب افتتاح السد؟ الإجابة لا تزال رهن تطورات الأحداث القادمة، لكن المؤكد هو وجود أدلة على أن القيادة في مصر قد بدأت تشعر بخطورة الأمر، وأن التحركات البطيئة سابقاً لحل الأزمة، قد صارت أسرع وأكثر كثافة. فهل ستجد مصر حلفاء لدعم موقفها؟
- - رمضان، زينب عبدالعال سيد. (2022). موقع إثيوبيا وأثره على سلوكها السياسي تجاه دول الجوار: دراسة في الجغرافيا السياسية. سلسلة بحوث جغرافية، ع169، 1-124. مسترجع من: http://search.mandumah.com/Record/1351741 ↑
- https://2u.pw/MxR3hG الاخطاء السبعة للسياسة المصرية تجاه إفريقيا ,وخاصة دول حوض النيل منذ 1995 حتى 2013 ↑
- هي إحدى الممالك القديمة في شرق أفريقيا، وواحدة من الممالك التاريخية، التي شكلت أساس الحضارة الإثيوبية الحديثة. ↑
- https://2u.pw/H6FwIe Djibouti to Ethiopia: “We’re Not the Crimea of Africa”-23/06/25 ↑
- https://2u.pw/AiuEYADD معدات ووفود عسكرية مصرية تصل مقديشو-28 أغسطس 2024. ↑
- https://2u.pw/jEe750 إسرائيل وإثيوبيا توقعان اتفاقية لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمياه -وكالة الأناضول-6 فبراير 2025. ↑
- https://2u.pw/3aaO3J تصعيد دبلوماسي بين إثيوبيا ومصر عقب افتتاح سد النهضة -11/9/2025 ↑
- https://2u.pw/62Cpu4 وزير الرى: احتياجات مصر المائية 114 مليار متر مكعب من المياه سنوياً-21 أكتوبر 2024 ↑




