"ماغاديش نتجمعو حدا دوك الناس، راهوم كبارين علينا" (لن نتجمع بجوار هؤلاء الأشخاص، إنهم أكبر منا سناً).
تحدث أحد شباب جيل زد المغربي مع رفاقه الواقفين، الذين صادفتهم عشية يوم 30 أيلول/ سبتمبر الماضي، في شارعٍ شهِد كرّاً وفرّاً بين المحتجين وقوات الأمن، انتهت بفض مظاهراتهم.
يحيل كلام هذا الشاب على رغبة أفراد هذا الجيل في تمييز أنفسهم عن الأجيال السابقة، وتأكيد خصوصيتهم المرتبطة بأعمارهم وتجاربهم، وكأنهم يريدون أن يفرضوا حضورهم الاحتجاجي في الفضاء العام السياسي والاجتماعي، بعيداً عن أية وصاية أو تمثيل تقليدي.
احتجاجاتُ الجبلِ تكشف الفجوة بين مَغربَيْنِ
14-08-2025
كثيراً ما يُوصف شباب هذا الجيل بأنهم يفتقرون إلى النزعة التأطيرية الكلاسيكية، ويَنْزعون إلى الانفعالية والعنفوان، ويحتجون من دون تبنيهم لمشروع مجتمعي مؤطَر أو رؤية ناضجة. لكن يحضر خلف هذه الحكم القطعي واقعٌ أكثر تعقيداً. فهم يعيشون في سياق اجتماعي مثقل بتدهور الخدمات العمومية، ومستشفيات ومدارس لا ترقى إلى تطلعاتهم، وفساد ينهش ما تبقّى من ثقة في المؤسسات، في وقت تُوجَّه فيه الموارد المالية والاستثمارات إلى مشاريع كبرى، مثل التحضير لمونديال 2030.
لذا، لا يرون في احتجاجاتهم مجرد ردّ فعل انفعالي عابر، بل وسيلة لإعادة ترتيب سلم الأولويات للبلد، فهم لا يعارضون بالضرورة "حلم" تنظيم المونديال، بقدر ما يعتبرون أن تحقيقه الحقيقي يبدأ من الضروريات الملحة: تحسين خدمات الصحة والتعليم المجانيين، ومكافحة الفساد.
احتجاج سلمي وآخر منفلت
انقسمت احتجاجات حركة جيل زد المغربي (GenZ 212) بين مسارات سلمية محدودة، وأخرى شهدت انفلاتا من قبل قاصرين لا ينتمون إلى هذه الحركة التي تبرأت من أعمالهم التخريبية. ففي يوم 29 أيلول/ سبتمبر الماضي، حاول آلاف الشباب تنظيم وقفات سلمية في مدن عديدة، كالرباط والدار البيضاء، للمطالبة بإصلاحات في التعليم والصحة، إلا أن السلطات منعت هذه الاحتجاجات بدعوى "تحقيق التوازن بين حق المواطنين في التظاهر السلمي، وحق المجتمع في الحفاظ على النظام العام". واستند هذا التبرير إلى الفصل 29 من الدستور المغربي، الذي يضمن الحق في التظاهر السلمي، لكنه يحدد شروطاً قانونية لممارسته.
في المقابل، شهدت مناطق وأحياء أخرى تصعيداً عنيفاً ليلياً، من قبل قاصرين ومراهقين، خاصة في مناطق ومدن "هجينة"، تندرج ضمن ما يوصَف بأحزمة الفقر، وغياب أو ضعف الخدمات والبنى الأساسية، من مثل: أيت عميرة، والقليعة بضواحي أكادير. ففي 30 أيلول/ سبتمبر، اندلعت مواجهات متفرقة في هذه الجغرافيا المهمَشة، حيث أضرم بعض المتظاهرين النار في سيارات الشرطة وفروع بنوك، كما وثّقت مقاطع فيديو اعتداءات على ممتلكات عامة وخاصة. أما في منطقة القليعة، فقد شهدت ليلة 1 تشرين الأول/ أكتوبر مواجهات عنيفة أسفرت عن ثلاثة قتلى، بعدما أطلق عناصر الدرك النار على المتظاهرين، تحت مبرر الدفاع عن مقر الدرك، الذي تعرض لـ"محاولات الهجوم والاستيلاء على الذخيرة من قبل قاصرين ملثمين" (وفق بيان وزارة الداخلية). وبلغت حصيلة الإصابات 23 جريحاً من المتظاهرين و263 من عناصر الأمن، مع اعتقال حوالي 409 شخصاً. وامتدت هذه الأعمال إلى مدن مغربية أخرى، من مثل: تارودانت، ومراكش، وكلميم، وسلا، ووجدة.
ويبدو أن هذه الأعمال لم تكن اعتباطية، بل نتيجة تراكم الإحباط الجماعي في أحياء مهمّشة، تغيب عنها البنية التحتية والخدمات الأساسية، ما جعلها أكثر قابلية للاحتقان والتصعيد. وعلى الرغم من أن السلطات الأمنية كانت قد سمحت بالاحتجاجات السلمية، في الأيام التي تلت هذه الأحداث العنيفة، إلا أن منعها في الأيام الأولى لم يعالج السبب الجذري للغضب، بل فاقم من التوترات. فهذا الضغط الاجتماعي المكبوت، يمكن أن ينفجر في أحزمة الفقر، بشكل أكثر حدة من المدن الكبرى، حتى مع غياب التحريض المباشر.
المستشفى أولاً والملعب عاشراً
لم يكن الغضب الشبابي ليتجسد ميدانياً، لولا ظهور التداعيات المتتالية للأحداث الاحتجاجية، التي عرفتها البلاد في أيلول/ سبتمبر الماضي، كان أبرزها حادثة وفاة ثماني نساء حوامل في مستشفى الحسن الثاني بأكادير في ظرف أسبوع واحد، وهي تُعتبر شرارة هذا الحراك الشبابي، الذي لم ينظر إلى هذه الوفيات كحوادث فردية، بل كدلالة على إخفاق مستمر، في توفير مستشفيات مجهزة وأطر طبية كافية.

في السياق نفسه، دُشن في المغرب ملعب أنيق وضخم بمواصفات عالمية. وانبهر المغاربة بهذه السرعة الفائقة في إنجاز هذا المعلم الرياضي في ظرف سنة ونصف تقريباً. وقد ثَمَنُوا هذا المجهود الكبير، لكنهم تمنّوْا لو أن مثل هذه السرعة في الإنجاز اعتُمدتْ لإعادة إعمار ما تبقى من أضرار زلزال الحوز، أو في بناء وإعادة تأهيل مستشفيات عمومية وُصِفت في مناسبات عدة بأنها مقابر للموت.
شهدت مناطق وأحياء أخرى تصعيداً عنيفاً ليلياً، من قبل قاصرين ومراهقين، خاصة في مناطق ومدن "هجينة"، تندرج ضمن ما يوصَف بأحزمة الفقر، وغياب أو ضعف الخدمات والبنى الأساسية.
لم تكن هذه الأعمال اعتباطية، بل نتيجة تراكم الإحباط الجماعي في أحياء مهمّشة، تغيب عنها البنية التحتية والخدمات الأساسية، ما جعلها أكثر قابلية للاحتقان والتصعيد. وعلى الرغم من أن السلطات الأمنية كانت قد سمحت بالاحتجاجات السلمية، في الأيام التي تلت هذه الأحداث العنيفة، إلا أن منعها في الأيام الأولى لم يعالج السبب الجذري للغضب، بل فاقم من التوترات.
لعبت المقاطع المصورة القصيرة ("الريلز") دوراً ما في تحريك مشاعر الغضب بين الشباب، متجاوِزة تأثير خطابات المؤثرين ونشطاء السوشال ميديا المعارضين. وتُظهِر هذه الفيديوهات الهوة الشاسعة بين ملعب مولاي عبد الله الحديث، والمناطق المهمشة التي تفتقر إلى مستشفيات ومرافق أساسية. انتشرت هذه المقاطع المصورة كالنار في الهشيم، على منصات من مثل تيك توك، وإنستغرام، وفيسبوك، مغذية حال الاحتجاج الرقمي الجمعي، التي تبناها شباب جيل زد، وخلقت شكلاً جديداً من التعبئة الشعورية والاجتماعية العابرة للانتماءات السياسية والجهوية.
لم تستطع الحكومة من جهتها احتواء أو صد احتجاج الصورة، لكنها حاولت أن تروِّج بقنواتها الرسمية مسوغاتها في التشبث بتنظيم هذه التظاهرة الكروية العالمية، التي صارت "مكسباً وطنياً"، بعد محاولات متكررة للترشح منذ تسعينيات القرن الماضي. إذ تعتبرها وسيلة وغاية في آن واحد، تبتغي منها تسويق بلد له تاريخ حافل بالإنجازات الكروية، يستحق الاستثمار فيه اقتصادياً ورمزياً. إلا أن ضخ الأموال العمومية في مشاريع الملاعب والبنى التحتية الرياضية أثار سؤالاً عن الأولويات: أين الصحة والتعليم من هذا الزخم؟
تستطيع الأرقام الرسمية أن تجيب جزئياً على هذا السؤال. فعلى المستوى التعليمي يبلغ عدد تلاميذ التعليم الأساسي هذا العام حوالي 8.27 مليون تلميذ، مقابل 299 ألف مدرّسٍ، أي بمعدل مدرِّس واحد لكل 35 تلميذاً. وقد ارتفعت ميزانية التعليم تدريجياً من 69 مليار درهم (حوالي 6.9 مليار دولار) عام 2023 إلى 86 مليار درهم عام 2025 (أي حوالي 8.6 مليار دولار)، وهو ما يمثل قرابة 12في المئة من الميزانية العامة. وعلى ذلك، لا تزال بعض الفصول الدراسية تشهد اكتظاظاً وضعفاً ونقصاً في المسلتزمات التعليمية.

أما على صعيد الصحة، فقد ارتفعت ميزانية هذا القطاع من 28 مليار درهم (حوالي 2.8 مليار دولار) عام 2023 إلى 32.6 مليار درهم (حوالي 3.2 مليار دولار) عام 2025، أي حوالي 4 في المئة من إجمالي الميزانية العامة. وعلى الرغم من وجود 6 مستشفيات جامعية، وأكثر من 3000 مؤسسة صحية حكومية، فإن عدد الأطباء المسجلين لا يتجاوز 15.6 ألف طبيب، أي بمعدل 0.43 طبيب لكل ألف نسمة، في حين يبلغ المعدل العالمي 1.72. وهكذا يصنف المغرب في مؤشرات دولية ضمن المراتب المتأخرة: المرتبة 101 في جودة التعليم، و94 من أصل 99 في الرعاية الصحية سنة 2025.
لم يكن الغضب الشبابي ليتجسد ميدانياً، لولا ظهور التداعيات المتتالية للأحداث الاحتجاجية، التي عرفتها البلاد في أيلول/ سبتمبر الماضي، كان أبرزها حادثة وفاة ثماني نساء حوامل في مستشفى الحسن الثاني بأكادير في ظرف أسبوع واحد، وهي تُعتبر شرارة هذا الحراك الشبابي، الذي لم ينظر إلى هذه الوفيات كحوادث فردية، بل كدلالة على إخفاق مستمر، في توفير مستشفيات مجهزة وأطر طبية كافية.
دُشن في المغرب ملعب أنيق وضخم بمواصفات عالمية. وانبهر المغاربة بهذه السرعة الفائقة في إنجاز هذا المعلم الرياضي في ظرف سنة ونصف تقريباً. وقد ثَمَنُوا هذا المجهود الكبير، لكنهم تمنّوْا لو أن مثل هذه السرعة في الإنجاز اعتُمدتْ لإعادة إعمار ما تبقى من أضرار زلزال الحوز، أو في بناء وإعادة تأهيل مستشفيات عمومية وُصِفت في مناسبات عدة بأنها مقابر للموت.
تؤكد هذه الأرقام أن النتائج على أرض الواقع لا ترقى إلى طموحات المواطنين، وهو ما عَبّر عنه الشباب بوضوح، سواء في الميدان أو على منصات التواصل. فالمغاربة لا يعارضون تنظيم كأس العالم في حد ذاته، ولكنهم يسألون: لماذا لا تُدار بالكفاءة نفسها مشاريع الصحة والتعليم؟ ولماذا لا تُحشَد الطاقات حين يتعلق الأمر بكرامة الإنسان ومعيشه، لا بواجهة البلد؟
الناجح: لا أحد
19-12-2023
من هنا، اكتسب شعار "الصحة أولاً.. ما بغيناش كاس العالم (لا نريد كأس العالم)" رمزية خاصة. فهو ليس رفضاً للرياضة، بل صرخة ضد اختلال الأولويات. إنه احتجاج رمزي على واقعٍ يرى فيه المواطن أن الملعب صار يُبنى بسرعة تفوق إصلاح قسمٍ أو مستشفى. وبينما تتزين المدن بالملاعب الجديدة، تبقى القرى الجبلية في الأطلس والحوز والريف، تنتظر سيارات إسعاف قد لا تصل بالمرة.
احتجاج أفقي
تبدو الحركة في جوهرها غير راديكالية، فهي لا تمسّ شكل النظام ولا ترفع شعار المطالبة بالملَكية البرلمانية، وفق تصور حركة 20 فبراير، بل تُركِّز على مطالب معيشية ملحة، وتوجّه خطابها إلى الملك مطالِبة إياه بإصلاح حكومي. وتعمل هذه الحركة الشبابية الرقمية والميدانية وفق التنظيم الأفقي، يستوعبها ويحتضنها الجيل الثاني من تطبيقات السوشال ميديا، على رأسها "ديسكورد"، إذ اعتُمِدَ من قِبَلهم لمناقشة وتبادل أفكارهم، وعرضها، والتصويت عليها على نحو تشاركي وديمقراطي.

من زاوية سوسيولوجية، يمكن قراءة هذه الحركة من خلال حضور بنية شبكية رقمية، تسمح بتفلّت الرسائل من القيود المجتمعية وسلطة المؤسسات البيروقراطية. كما أن غياب قنوات تمثيلية تقليدية لدى الشباب (أحزاب ومنظمات) أدى إلى اعتماد نمط رقمي، يعزز لغة تبتعد عن "الخشبية" في التعبير عن مواقفهم، التي ترفض ثقافة الوساطة السياسية التقليدية. فالشباب هنا يقولون ضمنياً: "راهوم كبار علينا"، (إنهم أكبر منا في السن)، عندما يميلون إلى عدم الرغبة في التنظيمات التقليدية، التي يقودها زعماء أحزاب متكلسة.
اكتسب شعار "الصحة أولاً.. ما بغيناش كاس العالم (لا نريد كأس العالم)" رمزية خاصة. فهو ليس رفضاً للرياضة، بل صرخة ضد اختلال الأولويات. إنه احتجاج رمزي على واقعٍ يرى فيه المواطن أن الملعب صار يُبنى بسرعة تفوق إصلاح قسمٍ أو مستشفى. وبينما تتزين المدن بالملاعب الجديدة، تبقى القرى الجبلية في الأطلس والحوز والريف، تنتظر سيارات إسعاف قد لا تصل بالمرة.
تُركِّز هذه الحركة على مطالب معيشية ملحة، وتوجّه خطابها إلى الملك مطالِبة إياه بإصلاح حكومي. وتعمل هذه الحركة الشبابية الرقمية والميدانية وفق التنظيم الأفقي، يستوعبها ويحتضنها الجيل الثاني من تطبيقات السوشال ميديا، على رأسها "ديسكورد"، إذ اعتُمِدَ من قِبَلهم لمناقشة وتبادل أفكارهم، وعرضها، والتصويت عليها على نحو تشاركي وديمقراطي.
بالموازاة، تعمل الأدوات الرقمية (مثل الريلز، والفيديوهات القصيرة) كآليات شبكية، تُحرِّك العاطفة الجماعية بسرعة تفوق الخطابات الرسمية، ما يمنح الحركة صفة عفوية ومؤثرة. وقد أسهم خادم GenZ212 على "ديسكورد" في تعزيز هذا التأثير، إذ جمع مئات الآلاف من الأعضاء خلال أيام قليلة، ومكّن الشباب من تنسيق الدعوات محلياً ونشرها بسرعة وفعالية. وساعدتهم هذه البنية الرقمية على التعبير المباشِر عن مطالبهم، من دون وساطة وجوه قد تشوِّه الرسالة أو تُسيّسها.
بيد أن هذا النموذج الرقمي الشبابي يواجه تحديات، تكمن في غياب القيادة المركزية، التي تجعل التفاوض مع المؤسسات صعباً، وغياب ممثلين رسميين مما قد يؤدي إلى تشرذم الشعارات وتعدد وتخبط القرارات المتخذة، مثلما كان سائداً ومألوفاً حتى الآن في الحركات الاحتجاجية على اختلاف غاياتها. على الرغم من ذلك، أتاح التصويت الجماعي داخل خوادم رقمية للحركة نوعاً من الشرعية الذاتية، مما ساعد على تنسيق الدعوات والنشاط الميداني بفعالية، وإن لم يُنتِج بعد واجهة تفاوضية رسمية، للتعامل مع الدولة.
هوة بين إيقاعَي جيل زد والحكومة
ليست مسألة التواصل بين محتجي جيل زد والسلطات الحكومية مجرد نقاش تقني حول اعتماد قناة تواصل معينة، بل هو صراع على قواعد التمثيل، وطرق التعاطي مع مطالب شابّة، تتفاعل في زمن السرعة الرقمية. إذ يبحث الشباب اليوم عن ردود فورية، ولغة تلامِس يومياتهم عبر الوسائل التي تتيحها السوشال ميديا عامة، وأدوات تطبيق ديسكورد خاصة، بينما تعمل المؤسسات الحكومية بمنطق البروتوكول والآجال والإجراءات الإدارية البيروقراطية. وهذا ينم عن هوة بين سرعتي الطرفين.
نشرت حركة جيل زد عبر صفحاتها الرسمية الرقمية قائمة مطالب، ركّزت على إقالة حكومة أخنوش ومحاربة الفساد، وربط المسؤولية بالمحاسبة وإصلاح القضاء، وحل الأحزاب المتورطة في الفساد، والإفراج عن المعتقلين.
هذا التباين في الإيقاع، جعل كل طرف يقرأ تصرف الطرف الآخر على أنه ينم عن "فشل في الاستجابة"، فالشباب يشكو من بطء الردود الرسمية، ومن خطابٍ لا يترجَم إلى قرارات فعلية، في حين ترى الحكومة أن اتخاذ قرارات ملموسة يتطلب إجراءات مؤسساتية والتزاماً قانونياً لا يمكن تجاوزه بضغطٍ ميداني انفعالي تراه عابراً.
في هذا السياق، نشرت حركة جيل زد عبر صفحاتها الرسمية الرقمية قائمة مطالب، ركّزت على إقالة حكومة أخنوش ومحاربة الفساد، وربط المسؤولية بالمحاسبة وإصلاح القضاء، وحل الأحزاب المتورطة في الفساد، والإفراج عن المعتقلين. ويخشى الشباب أن يعتمدوا مُمثِلاً لمطالبهم، لأنه قد يُتابَع قضائياً، مستندين إلى تجربة ناصر الزفزافي وحراك الريف، وما تلاها من متابعة قاسية لقادته ونشطائه. يعزز هذا الحذر تمسّكهم باللامركزية ورفضهم أية قيادة، قد تصير هدفاً للقمع أو الإجراءات القضائية.
الزفزافي الخارج من رواية مأساوية
03-05-2018
المغرب: من ثورة فاس إلى ثورات الريف
26-12-2019
في المحصلة، يعكس الخطاب بين الطرفين اختلاف زمنين: زمن السوشال ميديا السريع والانفعالي، السائل، الذي يطالب بردود فورية، وزمن المؤسسات البيروقراطية البطيء، الذي يحكمه الإطار القانوني والإداري العمودي. يخلق هذا التباين فجوة في الفهم بين الطرفين، مما يجعل التواصل بين جيل زد والسلطات تحدياً جوهرياً لأي مسار مستقبلي لمعالجة مطالب الشارع وتحقيق استجابة فعّالة. فهل سيتمكن هذا الجيل، من فرض إيقاعه وتحقيق مطالب عموم المغاربة؟ أو أنه سيمتثل لبطء حركة الدولة وسلطتها العمودية؟