النظام المصري اليوم: جدلية القمع بمواجهة الإبداع

"تهريب المخدرات أسهل من تهريب قصيدة أو مقال من داخل السجن!"
2025-06-12

رباب عزام

صحافية من مصر


شارك
ياسين محمد - مصر

أنجز هذا التحقيق ضمن أنشطة شبكة المواقع الاعلامية المستقلة حول العالم العربي، والتي تضم علاوة على "السفير العربي"، "أوريان 21"، "مدى مصر"، "حبر"، "ماشاالله نيوز"، "المغرب الناهض"، "نواة"، و"باب المد".

في آب/ أغسطس من العام 2014، تجمع مئات من الفاعلين الثقافيين ومن الجمهور، حول مسرح خشبي واسع، في حديقة تحتل الساحة الأمامية لـ "قصر عابدين" الرئاسي، في وسط العاصمة المصرية. في تلك المساحة المفتوحة، ارتفعت لافتات تؤيد غزة، وأخرى تطالب بتحرير المعتقلين من سجون القاهرة. كان الحضور يدركون أنها المرة الأخيرة التي تسمح السلطة فيها بإقامة مهرجان فن الشارع، المسمى بـ"الفن ميدان". يقول "أيمن حلمي"، وهو موسيقي وناشط ثقافي وأحد مؤسسي المهرجان، إن "الفن ميدان هو أحد مكتسبات الثورة، وانتصارٌ رائعٌ في إحدى معاركها، وهي معركة الفضاء العام".

مهرجان "الفن ميدان"

وكانت ثورة "يناير 2011" قد عززت أيضاً فنوناً مختلفة، مثل "الغرافيتي"، وظهر ذلك بشكل كثيف في شارع "محمد محمود" القريب من "ميدان التحرير"[1]. إلا أن تلك المساحة الممتدة اختفت، بعد أن صدرت اللائحة التنفيذية لـ "قانون التظاهر" الجديد في العام 2014، لينحسر الشارع بوصفه ساحة عامة حُرّة للتعبير الفني/ الثقافي.

ومع صعود الرئيس "عبدالفتاح السيسي" إلى الحكم في العام 2014، وعلى الرغم من أنه أعلن ضمن برنامجه الانتخابي، عن حزمة من الوعود، من بينها حماية الثقافة وتراثها، والاهتمام بالآثار، إلا أن ما تلا ذلك، جاء مخالفاً بحدة لمواد الدستور المصري، التي أقرت مبادئ رئيسة فيما يتعلق بالالتزام بالثقافة، وحرية الإبداع، وتداول المعلومات. فقد تقلصت كافة تلك المساحات بشكل غير مسبوق، بعد أن صار شائعاً اعتقال كل من يُعبِّر. ثم تعرض المشهد الثقافي، منذ العام 2016، إلى سلسلة من القرارات الحكومية القمعية. وقد شهدت القاهرة إغلاق مكتبات وأماكن ثقافية، وصودرت الكتب واعتُقل كتّاب وأصحاب دور نشر، كان من بينها مكتبتان من سلسلة "مكتبات الكرامة"، و"مكتبة البلد" التي أغلقت بدعوى عدم الترخيص.

وشهد الربع الثالث من العام 2024، زيادة في الانتهاكات المرتبطة بحرية التعبير، إذ اعتقل رسام الكاريكاتير "أشرف عمر"، ومنعت أفلام – مثل: "هاني" و"التاروت" - من العرض لأسباب دينية وسياسية. كما أصدر نقيب المهن الموسيقية قراراً بمنع مؤدي المهرجانات "حسن شاكوش" من الغناء، وإحالته إلى التحقيق على خلفية فيديو نشره ينتقد فيه معاملة تعرَّض لها في مطار تونس. وبالمثل، أصدرت نقابة المهن التمثيلية قراراً تقييدياً بمنع "البلوغرز" من المشاركة في الأعمال التمثيلية.

وعلى الرغم من ذلك، استمرت محاولات عدة في مواجهة تلك السياسات، لتخرج بعض الإنتاجات الثقافية في ظل نظام مطارِد للإبداع والمبدعين.

هل تمكن القمع من تقويض الإبداع؟

على الرغم من تعقيدات الهيمنة والقمع الممتدة عبر أنظمة السلطة الاجتماعية والسياسية والثقافية، التي وصفتها "منظمة العفو الدولية" في تقرير لها بأنها "قمعت بقسوة أية مساحات سياسية أو اجتماعية أو حتى ثقافية مستقلة، بشكل أكثر تطرفاً مقارنة بالحكم القمعي للرئيس السابق حسني مبارك"، استطاع المصريون بشكل جزئي، وربما متحايِل، مواجهة تلك القيود من خلال مخزون هائل من الإبداع المتجذّر في وعيهم. الأمثلة الشعبية المتداولة، على سبيل المثال، مثلت ولا تزال سلاحاً ضد الظلم، واستفزازاً نقدياً عميقاً للذات والمجتمع. تعابير مثل: "إنْ طال الليل لا بد من طلوع الفجر" ترمز إلى المقاومة، بينما تعكس أمثال مثل: "حاميها حراميها" النقد للسلطة الفاسدة.

يقول الروائي الفرنسي من أصل مصري، "جيلبرت سينويه"[2] "يولد المصري وفي قلبه ورقة بردي مكتوب عليها بحروف ذهبية إن السخرية هي المنقذ الوحيد من اليأس". فعلى الرغم مما يوصف عادة بالتراجع أو القهر، استطاعت الممارسات اليومية للشعب أن تعلن عن وجودها بصوت واضح، متجسدةً على سبيل المثال في فن "الكوميكس" الساخر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو في الشوارع، بعد تراجع فن الكاريكاتير بسبب قمع الصحافة. مثال واقعة "شاشة شارع فيصل" في العام 2024، التي مزج فيها الفنان المحتج بين السخرية والسياسة، حين أبرز "السيسي" في زي السارقين الشهير وفي أسفل اللوحة جملة "انتوا مش عارفين إن أنا حرامي ولا إيه؟".

ومن ضمن أبرز أشكال الإبداع المتزايدة في السنوات العشر الأخيرة، ظاهرة "السينما المستقلة" في مصر. فعلى الرغم مما يقابلها من معوقات، إلا أنها صارت ملجأ للفنانين الذين يرغبون في التعبير، واحتلال مساحة في الفضاء العام. من أبرز الأمثلة الفيلم التسجيلي "رفعت عيني للسما" الذي حاز على جائزة "العين الذهبية" لمهرجان كان في العام 2024. وقد صنعته مجموعة من الفنانات الشابات المستقلات في محافظة "المنيا"، إذ كونت الفتيات فرقة مسرحية وقدمن عروضاً في الشارع، نابعة من مشكلات النساء المهمّشات في "صعيد مصر".

أيضاً، بدأ المصريون في ابتكار فرص بديلة للإبداع الثقافي الذي تعرض للحصار، فظهرت مبادرات من مثقفين اختاروا عدم التصادم المباشِر مع القرارات السياسية والاقتصادية. من ضمن المبادرات التي اختارت ألاّ تكون "ثورية" أو "جذرية"، لتتمكن من الوجود: مبادرة "رسم مصر" التي تستهدف، عن طريق الرسم، توثيق المناطق الأثرية والتراثية، قبل هدمها الذي كان يجري على قدم وساق، ومبادرة "سيرة القاهرة"، التي تستهدف الحفاظ على تراث العاصمة والتوعية بالتاريخ.

وبعيداً عن مركزية العاصمة، ظهرت إنتاجات ثقافية ترتبط بالطبقات الفقيرة والمهمشة، إذ استخدم أفراد وعائلات من محافظات مصرية تطبيقات التواصل الاجتماعي لخلق دراما بديلة (أُطلق عليها اسم "تلفزيون الهامش")، تناقش قضاياهم الاجتماعية والاقتصادية بعيداً عن أعين السلطة واحتكارها للدراما التقليدية. بدأ هؤلاء في تقديم محتوى يعبِّر عن ثقافتهم الخاصة ومجتمعهم المحافظ، كنوع من الاحتجاج غير المباشِر على سيطرة السلطة على منافذ الإعلام والثقافة عبر "شركة المتحدة"، التي رأوا أنها صارت لا تمثِّلهم. وقد تنبهت السلطة لمحتوى ما يقدِّمون، والذي يستقطب كل يوم جمهوراً جديداً، لذا بدأت في ممارسة بعض من قيودها، مثل فرض ضرائب منذ أيلول/سبتمبر 2021، على الأرباح الخاصة بصنّاع المحتوى هؤلاء، أو اعتقال بعضهم بتهمة الاتجار بالعملة الأجنبية، للاستحواذ على مدخراتهم الدولارية، مثلما حدث مع صانع المحتوى "أحمد أبو زيد".

من داخل المعتقلات

في ظل تزايد أعداد السجون والمعتقلات، وجد معتقَلون من أصحاب الرأي والسياسة أنفسهم مضطرين للتعبير عن معاناتهم من وراء القضبان بطرق إبداعية، فكان "أدب السجون" هو الملاذ. من أبرز الأمثلة، الناشط السياسي والصحافي "أحمد دومة"، الذي قضى نحو عشر سنوات في السجن. خلال تلك الفترة، تمكّن بطرق مبتكرة من تهريب ديوانه الأول "كيرلي".

ومن بين الكتابات التي لفتت الانتباه، تلك التي صدرت عن السياسي والصحافي "خالد داوود"، بعد خروجه من السجن، إذ نشر عدداً من المقالات الأدبية التي وصفت رحلة المعاناة داخل المعتقل. وهناك أيضاً واحدٌ من أهم الإصدارات الأدبية التي خرجت من السجون، هو كتاب "أنت لم تهزم بعد" لـ"علاء عبد الفتاح". ولا يزال "علاء" قابعاً في السجن، ويعارض النظام بشدة إطلاق سراحه. وبحسب "أحمد دومة"، في مقابلته معنا"، فإن السلطة أبلغتهما مسبقاً أنهما "سيقبعان في السجن حتى الموت أو الجنون".

علاء عبد الفتاح
  • تمكنا أثناء بحثنا من إجراء مقابلتين مع "خالد داوود"، و"أحمد دومة"، للوقوف على إنتاجهما الثقافي الخاص بأدب السجون، وأهمية التدوين من داخل الأسوار كجزء من توثيق الظرف التاريخي.

يوميات المساجين في كتاب لم يُنشر

يصف "خالد داوود" الأسباب التي زجّت به في السجن مدة 19 شهراً، بداية من أيلول/ سبتمبر العام 2019، قائلاً إن النظام المصري شعر بالتخبط جراء الدعوات التي أطلقها المقاول "محمد علي" في تلك الفترة، والتي أعقبتها تظاهرات واسعة، اعتقل على إثرها آلاف من المواطنين والفاعلين في المجال العام، منهم "داوود" نفسه. وهو يقول إن كتاباته أزعجت السلطة بشكل خاص، وإن التضييق على الكتّاب والناشطين في المجال العام، ارتبط بشكل وثيق بصفقة بيع جزيرتي "تيران" و"صنافير"، الموقعة بين القاهرة والرياض في نيسان/ إبريل 2016. إذ تصاعدت حدة الاحتجاجات ضد السلطة آنذاك، ما منحها مبرراً لاعتقال مزيد من المواطنين. وازدادت حدة القمع بشكل ملحوظ في العام 2019، وهو العام الذي شهد اعتقاله.

مقابلة مصورة مع خالد داوود

يصف تفاصيل تجربته في السجن التي ألهمته كتابة يومياته في كتاب باسم "سجين احتياطي"، لم يتمكن من نشره بسبب القيود المفروضة عليه. وكيف أن ظروف السجن خانقة ومقيِّدة، خاصة للمعتقلين من ذوي الخلفيات السياسية والثقافية، إذ فرضت عليهم إجراءات كيدية قاسية قيدت مثلاً ممارسة التريض اليومي، أو اقتناء أدوات النظافة الشخصية! وكان الكتاب هو الصديق الأوحد في تجربة السجن، خاصة الروايات الاجتماعية، وكتب التاريخ التي كان يسُمح فقط باقتنائها. مُنع "داوود" من تلقِّي الصحف إلا بعد مرور ثلاثة أيام على إصدارها، واقتصارها على الصحف الرسمية فقط.

يقول: "ناقشت مع الناشر تصنيف الكتاب، وأخبرني أنه يُعتبر جزءاً من أدب السجون". من هذا المنطلق، تعاطى مع تجربة الكتابة كوسيلة لتوثيق الأحداث من داخل السجن، بنظرة الصحافي الذي يستعرض الصورة الأوسع من الخارج، ثم يغوص في تفاصيلها. في يومياته، ينقل تفاصيل عالم مختلف لا يعرف عنه شيئاً كثيرٌ من الأشخاص خارج الأسوار. بذلك، تحول الكتاب إلى دليل مفصّل لما يمكن أن يتوقعه ويواجهه كل سجين وسجينة في فترة الحبس الاحتياطي في مصر.

مقالات ذات صلة

وهو يسرد المعاناة التي شهدها وملاؤه في كتابة رسائل إلى ذويهم في الخارج، إذ كان الحصول على بضعة أوراق وقلم من الأمور العسيرة التي يجب أن تتم بعد موافقة مسبقة من الأمن الوطني. وحينما سُمح لهم بإرسال بعض الرسائل للخارج، كان الضابط المسؤول يقوم أولاً بقراءتها وإعادتها، ليتم إعادة نسخها بما يسمح فقط.

بعد خروجه من السجن بشهر واحد، قرر "داوود" الإسراع في كتابة يومياته، ونشر بالفعل نحو 22 مقالاً في موقع "المنصة" الصحافي، إلى أن فكّر في استكمالها وجمعها في كتاب. إلا أن الناشر فاجأه بأن مكالمة قد صدرت من أحد ضباط الأمن الوطني تحذرهم من طباعة الكتاب، الذي كان قد حصل على رقم للإيداع بالفعل.

مجيبًا على السؤال حول خنق وقمع النظام للإبداع، يقارن "داوود" بين المساحة الهائلة التي اكتسبها الشارع الثقافي المصري في الثلاث سنوات التي تلت العام 2011، والقيود الواسعة التي لاحقته في الأعوام التالية، ويرى أن الوضع تحول إلى خانق.

"يشبه الهتاف.. يشبه الأنين"

مثلما "علاء عبد الفتاح"، كان "أحمد دومة"، من رموز الثورة الذين مكثوا عشر سنوات في المعتقل، منها سبع سنوات ونصف في الحبس الانفرادي، حتى آب/ أغسطس 2023، حين خرج بعفو رئاسي. خلال سنوات سجنه الممتدة، عكف، ومنذ الليلة الأولى لاعتقاله على الكتابة والتدوين. وبحسب وصفه، مثّلت الكتابة أداة للنجاة من ظروف السجن القاسية، أو لمواجهة "مهمة" السلطة في دفعه للجنون. في ديوانه الأول "صوتك طالع" الذي صدر في العام 2012، شارك قصائد ثورية تتحدث عن الفترات التي التحق فيها بالحركات الاحتجاجية، قبل "ثورة يناير"، كحركتي "كفاية"، و"6 أبريل"، وسجل قصائد ذيلّها بتواريخ حبسه، وأماكن اعتقاله.

يقول: "أنجزت سبعة كتب على مدار العشر سنوات، ما بين شعر بالعامية والفصحى، ومجموعة قصصية، ومجموعة مقالات، ومشروع رواية. كانت الكتابة مصدر دخلي، إضافة إلى أنها الوسيلة الوحيدة للتعاطي مع نفسي ومع الحياة.. ففي تجربة الاعتقال والسجن الانفرادي الطويلة، يفقد الشخص السيطرة على ذهنه وأفكاره، لذا كانت الكتابة وسيلتي للنجاة. تالياً، اهتممت بها كتوثيق ونقل للسردية بقدر من الصدق وعدم الانهزام".

مقابلة مصورة مع أحمد دومة

يتساءل المواطنون دوماً عن الطريقة التي يُخرِج بها المعتقلون إنتاجاتهم الثقافية والصحافية، وسط رقابة مشددة على الزيارات المحدودة التي يُسمح فيها لأهالي المعتقل أو لمحاميه بزيارة السجين، بعد تفتيش ذاتي ودقيق. لكن "دومة"، الذي نجح في ابتكار وسائل كثيرة لتهريب إنتاجاته وكتابتها، يذكر أن من ضمنها الكتابة على الملابس الداخلية، أو عبر قصاصات الأوراق الصغيرة، أو من خلال هاتف بدائي حصل عليه لاحقاً، وكان يسجِّل كل قصيدة ويرسلها في رسائل سريعة، أو بحفر الرسائل بأظافره على جدران الزنزانة. يقول: "هناك العشرات من الطرق التي ربما أشاركها لاحقاً، لكنها لا تزال مستخدمة داخل السجون، وربما التصريح بها يعني توقف مَن بالداخل عن استخدامها"[3]. ويشير إلى أنه تَشارك مع السجناء الجنائيين - خاصة تجار المخدرات منهم - الطرق التي استطاعوا بها تهريب مقتنياتهم إلى الخارج، ولكن "تهريب المخدرات أسهل من تهريب قصيدة أو مقال من داخل السجن".

احتفظ "دومة" بقصاصات الأوراق وأدواته التي رافقته في زنزانته لسنوات، حتى يتمكن من التذكر دوماً. من بينها عشرات القصائد التي لم يستطع طباعتها بعد، بسبب التضييق عليه، وعلى كل ناشر يرغب في مساعدته. يتذكر أن إنتاجه في العشرة شهور الأولى من اعتقاله تمّ حرقها كاملة من قبل السجّان، لكنه واظب تالياً على تهريب كل ما أنتجه.

لم ينشر من الأعمال السبعة التي أنتجها من داخل السجن سوى ديوان "كيرلي" في العام 2021، وكتاب "يشبه الهتاف.. يشبه الأنين" في العام 2022. ويدرك أن الأخير هو النموذج الذي يعتبره نواة تجربته في أدب السجون، وهي نصوص نثرية أقرب إلى لغة الشعر. يقول "دومة"، إن النصوص في الكتاب الأخير جاءت على هيئة مقالات بغرض نشرها في إحدى المنصات الصحافية، لتدر عليه دخلاً في السجن، لكنه فشل في ذلك ليكمل التجربة بشكل موسع ويصدر كتابه. أما مجموعته القصصية فكتبها في العام 2016. وينتظر أن يجد ناشراً لديوانه المنتظَر "الورد مش حِمل الأمل"، وقد بدأ في كتابته منذ العام 2021، واستمر في كتابة قصائده بعد خروجه من المعتقل.

يرى "دومة" أن مشاهد "سجن صيدنايا"، في سوريا قد استدعت لديه ذكريات وآلام المعتقل، ليقرر أن يبدأ في تدوين كل ما شهده عن سجون مصر، مروراً بتجارب الاعتقال في نماذج شبيهة حول العالم، في مشروع أسماه "شِبر وقبضة"، من خلال كتابات قصيرة، وبرنامج مصور يعمل على إعداده. ويتمنى ألا تستمر السلطة في معركتها مع القصائد والأدب، ليتمكن من النشر بدون قيود. وألا تقتصر تجربته على الكتابة من داخل السجن فقط، بعدما حصل على حريته.

______________________

  1. - أدى "الغرافيتي"، منذ انطلاق ثورة 2011، دوراً ملهِماً، كأداة مهمة من أدوات الاحتجاج الشعبي. أرّخ رساموه الثورة بمراحلها المختلفة عبر الجدران، كان الأشهر من بينها في شارع "محمد محمود" بالقرب من "ميدان التحرير". وقد رسمت عشرات الجداريات التي وثقت الشهداء والأحداث بدءاً من اليوم الأول للثورة حتى فترة حكم الإخوان. ثم قرر النظام أن يمحو كل تلك الرسومات، مدّعياً أن هناك تجديدات تجري على مبنى "الجامعة الأمريكية" في القاهرة، التي تحتل جانباً كبيراً من "شارع محمد محمود"، وكانت الرسومات قد وُثِّقت على جدرانها الأمامية.
  2. Gilbert Sinoué, المولود في القاهرة في العام 1947، باسم "سمير جيلبير كسّاب".
  3. -قررت "سهى بشارة"، التي أطلقت النار على الجنرال العميل لإسرائيل، "أنطوان لحد"، والتي اعتقلت في معتقل "الخيام" جنوب لبنان، وأمضت فيه عشر سنوات منها 6 سنوات في الانفرادي، أن تقوم بإرسال كتابها "أحلم بزنزانة من كرز" الصادر عن دار الساقي في بيروت، والذي تصف فيه أساليبها في الكتابة وتهريب ما كانت تكتبه في المعتقل، إلى هؤلاء المعتقلين في مصر!

مقالات من مصر

للكاتب نفسه

تلفزيون الهامش: حكايات المهمشين في أزقة مصر

رباب عزام 2025-04-17

تمثِّل ظاهرة "تلفزيون الهامش" استجابة إبداعية وواقعية للتحديات التي تواجهها الصناعة الإعلامية التقليدية في مصر، التي شهدت تضييقاً احتكارياً وسيطرة سياسية شديدة على الإنتاج الفني والإعلامي. وتُبرِز كيف أن التكنولوجيا...

العاصمة المصرية في مفترق طرق..

رباب عزام 2024-11-21

على الرغم من الأهمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بالنسبة إلى المواطنين، للمنشآت والمباني المقامة حالياً على أراضي "طرح النهر"، خاصة في العاصمة القاهرة، إذ يشمل أغلبها كثيراً من الأندية الاجتماعية التابعة...