"ضمير العالَم" تحت القصف الإسرائيلي

قصف الاحتلال الإسرائيلي "ضمير العالَم"، حرفياً ومجازياً، وبكلّ سخرية مرّة.
2025-05-08

شارك
سفينة الضمير التابعة لأسطول الحرية محترقة إثر قصفها يوم 2 أيار/مايو 2025 (عن الانترنت).
إعداد وتحرير: صباح جلّول

أعلن تحالف أسطول الحرية - الائتلاف غير الحكومي الدولي الذي نشط في محاولات فكّ الحصار عن غزّة منذ عام 2010 - أن أحدث أساطيله، المسمّى أسطول "الضمير"، تعرّض لقصف مباشر مرتين من مسيّرتَين في عرض البحر، أثناء إبحار السفينة مقابل سواحل مالطا صباح يوم الجمعة الماضي في 2 أيار/مايو 2025.

استهدف القصف مولّد السفينة وأحدث حرائق فيها ـ بالإضافة إلى ثقب يعرّضها لخطر الغرق، وذلك أثناء تواجد 30 مناضلاً وناشطاً حقوقياً أممياًعلى متنها.

بعد الحادث، اشترطت مالطا تفتيش السفينة وكامل حمولتها، قبل أن يُسمح لها بالوقوف عند الشاطئ وإصلاحها، وهو ما وافق عليه القائمون على الأسطول بشرط تواجد ممثل عنهم مع الفاحصين. إلا أن الحكومة المالطية رفضت ذلك، في ما يبدو أنه تواطؤ مع دولة الاحتلال أو خضوع لضغوطها!

مقالات ذات صلة

يتيح موقع أسطول الحرية متابعة كل محطة وحدث متعلق بسفينة "الضمير" بشكلٍ مباشر، ويمكن تتبع موقعها وبياناتها، وكل الظروف المحيطة بالعدوان الذي طالها. ونقلاً عن صحيفة "تايمز أوف مالطا"، فقد حلّقت طائرة نقل عسكرية إسرائيلية في محيط جزيرة مالطا لمدة 3 ساعات، قبيل الهجوم بطائرة مسيّرة على سفينة "الضمير" التابعة لتحالف أسطول الحرية.

جانب من الأضرار في سفينة "الضمير" إثر قصفها مرتين من الجو.

يحدث كل هذا، من عراقيل مباشرة وغير مباشرة، واعتداءات مباشرة قد تسبب (وسببت فيما مضى) مجازر، واعتداءات على المدنيين العزل في مياه دولية، من دون حساب، فقط لأنّ مجموعة من الناس فكروا بإيصال مساعدات إغاثية بالغة الضرورة في وضع إنساني كارثي بكل معاني الكلمة، إلى قطاع غزة المحاصر منذ عام 2007، والذي يتعرض إلى إبادة جماعية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، والذي أُغلقت فوق ذلك كل معابره مجدداً أمام أية شحنة مساعدات، وبالتالي لم يدخله كيس طحين واحد ولا حبة خضار واحدة منذ 2 آذار/مارس 2025، ما يترك أكثر من مليونَي إنسان معرضين للجوع وسوء التغذية. هذه ليست مبالغات ولا تهويلات، فالأطفال (والبالغون) بدأوا يتساقطون أجساداً هزيلة بلا حياة بالفعل، ما يستدعي آلاف الأساطيل العاجلة بدل الواحد!

سارعت المناضلة البيئية غريتا ثونبرغ، التي كان من المقرر أن تنضم لفريق سفينة "ضمير العالم" المتجه إلى غزة بعد يوم من استهدافه، إلى التصريح بأنها لن تألو جهداً في مواصلة النضال مع رفاقها من أجل فتح ممر إنساني. واتهم الناشطون دولة الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف خلف الهجوم، وسط إحجام إسرائيلي عن الاعتراف، وصمتٍ دولي غريب (بل لم يعد غريباً مع كل هذا التواطؤ منذ بدء الإبادة) عن إدانة قصف أسطول إغاثي مدني في مياه دوليه قبالة أوروبا!

انتهى الأمر بإرسال الحكومة المالطية بالتعاون مع التركية 6 من الناشطين الذين نجوا من قصف المسيرة إلى بلدانهم، فيما بقي مصير هذه القافلة، والمساعدات العاجلة عليها، غير محسوم، وسط تأكيد الناشطين على استمرار سعيهم وازديادهم إصراراً.

وخلاصة الأمر: قصف الاحتلال الإسرائيلي "ضمير العالَم" – حرفياً ومجازياً، وبكلّ سخرية مرّة.

مهمّات أسطول الحرية منذ النشأة إلى اليوم

بعد فرض الاحتلال حصاراً خانقاً على قطاع غزة عام 2007، والتحكم بكل مداخله، والبضائع الداخلة إليه كماً ونوعاً، وُلدت فكرة ائتلاف أسطول الحرية استجابة للحاجة الضرورية لكسر هذا الحصار اللا-إنساني على القطاع الذي صار يُكنّى بأكبر سجن مفتوح على وجه الأرض.

منذ عام 2010 وحتى اليوم، نظّمت المبادرة نحو 7 أساطيل في أوقات مختلفة، دأب الاحتلال على محاولة إفشالها وترهيب المناضلين والمتطوعين فيها. ما يلي ملخص لأبرز محطات الأساطيل والتواريخ والأحداث التي رافقت رحلاتها.

  • آب/أغسطس 2008: أول مهمّة بحرية لحركة كسر الحصار عن غزّة. تحدّى قاربا صيد صغيرَين الحصار الإسرائيلي ووصلا شاطئ غزّة، بمبادرة من ناشطين دوليين منهم البروفيسور اليوناني الراحل فانجيليس بيسياس، ليكونا أول مركبين دوليَّين يصلان غزّة دون إذن من الاحتلال منذ أكثر من أربعين عاماً. استُقبل المناضلون بحفاوة كبيرة في غزة، وتزينت من اجل تحيتهم أرصفة الميناء، وخرج الناس اليها للقائهم. مذّاك، عمد الاحتلال على تصعيب كل المهمات الرامية إلى كسر الحصار، بأي طريقة كانت...
  • أيار/مايو 2010: انطلاق تحالف أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزّة بشكل رسمي، تحت شعار "افتحوا الطريق إلى فلسطين"، بمشاركة جمعيات مدنية ومتطوعات ومتطوعين ومناضلات ومناضلين من كل أنحاء العالم. حمل الأسطول الأول 6 آلاف طن من المساعدات الإنسانية، وشارك فيه 750 ناشطاً من 37 دولة حول العالم، منهم 600 كانوا على متن سفينة "مافي مرمرة" الأكبر، المنطلقة من إسطنبول. يوم 30 أيار/مايو 2010 وصل أسطول الحرية مقابل شواطئ غزة، ليصلهم تهديد إسرائيلي يحذرهم من الاقتراب. ردّ المنظِّمون بأن الأسطول يريد إيصال مساعدات إنسانية لا غير، لكنّ الاحتلال سرعان ما شوّش على كل الأجهزة المحمولة والإعلامية، ليرسل 4 سفن حربية و3 مروحيات وغواصتين، لمداهمة السفن في المياه الدولية (ولم تكن في مياه فلسطين بعد). اقتحمت قوة كوماندوس سفينة "مافي مرمرة" وأطلق الجنود الرصاص الحي مرتكبين مجزرة رهيبة قتلت على الفور 9 مواطنين مدنيين أتراك، وتوفي عاشر متأثراً بجراحه فيما بعد. جُرح العشرات ومنع الإسرائيليون - بسادية مطلقة - الأطباء على السفينة من التدخل لإغاثة الجرحى[1] حفرت هذه الجريمة عميقاً في وجدان كلّ من عملوا على مهمات أسطول الحرية، لكنها لم تثنهم عن متابعة المحاولات والاستعداد لتقديم التضحيات.
إحدى سفن أسطول الحرية عام 2010 انطلقت من أيرلندا وسُميت "راشل كوري" تيمناً بالمناضلة الأميركية التي قتلها الاحتلال دهساً بالجرافة في قطاع غزة عام 2003.
  • حزيران/يونيو 2011: إطلاق أسطول كسر الحصار الثاني، تحث شعار "كن إنساناً". منعت الموانئ اليونانية سفن الأسطول من الانطلاق نحو غزّة بعد ضغوط شديدة وملاحقات في البحر، وذلك تحت ذريعة "حماية ركاب الأسطول". وبالفعل، لم يتمكن هذا الأسطول من الانطلاق إلى غزة، إلا أن السفينة الفرنسية المسماة "الكرامة" تمكنت من التحرك بعد إبلاغ السلطات اليونانية أن وجهتها هي ميناء الإسكندرية في مصر، واتجهت السفينة من هناك نحو غزة، فتمّ اعتراضها من قوات كوماندوس إسرائيلية، ورُحّل الناشطون الذين كانوا على متنها.
  • تشرين الأول/أكتوبر 2012: لم تسيّر رحلات من ائتلاف أسطول الحرية في العام 2012، ولكن الحملة السويدية لكسر الحصار عن غزة نظمت رحلة عبر سفينة فنلندية تحمل مساعدات إنسانية وألعاب أطفال ومعدات موسيقية. السفينة حوصرت من 5 سفن حربية إسرائيلية في المياه الدولية في البحر الأبيض المتوسط، واقتيدت إلى ميناء أشدود بدل غزّة.
  • حزيران/يونيو 2015: نُظّم من ائتلاف أسطول الحرية بسرية تامة تفادياً لمحاولات الاحتلال الحثيثة لإفشال الأساطيل السابقة. وانطلق بالفعل مركبان و3 سفن تبعتها 4 سفن أخرى من شواطئ يونانية. تمكنت سفينة "ماريان" التي ترفع العلم السويدي من الاقتراب بالفعل من شاطئ غزّة، إلا أن الاحتلال أجبرها على التوقف، وقام بتفتيش السفينة وإجبارها على التوجه إلى ميناء أشدود، حيث رُحّل المناضلون منه إلى بلدانهم.
  • 8 آذار/مارس 2016: أعلن عن تنظيم أسطول نسائي بالكامل، بمناسبة يوم المرأة العالمي، على أن يصل غزّة في تشرين الأول/أكتوبر، إلا أن ذلك لم يحدث بسبب عطل في أحد المركبين المنطلقين، وإرغام الاحتلال الإسرائيلي المركبَ الثاني على التوجه إلى أشدود.
  • تموز/يوليو 2018: انطلق الأسطول الخامس من ميناء باليرمو في إيطاليا. سفن الأسطول توقفت في 20 ميناء أوروبياً للتوعية بما يحدث في غزة، وبرسالة الأسطول وهدفه لفك الحصار. وبالطريقة نفسها، لم تنجح السفن تلك في الوصول إلى شاطئ غزة، بعد أن اعترضها الإسرائيليون.
  • نيسان/أبريل 2024: في خضمّ حرب الإبادة الإسرائيلية، أًعلِن عن مهمّة تنظيم رحلة سادسة لأسطول الحرية، لكنّ الضغوط الإسرائيلية حالت دون ذلك، إذ ضغط الاحتلال على جمهورية غينيا بيساو لإزالة علمها عن سفن الأسطول، لسحب شرعيته في اليوم نفسه المقرر لانطلاقه.
  • أيار/مايو 2025: تعرّض أسطول "ضمير العالم" إلى قصف بمسيرات عطّلت قدرته على الإبحار من قبالة شواطئ مالطا نحو غزّة. تستمرّ الجهود رغم تهديدات مباشرة على حياة المناضلات والمناضلين.

وتعريفاً، فتمويل هذه الحملات يتم بالكامل عبر تبرعات تُجمع شعبياً، وهذا مهم بذاته!

______________________

  1. حسب موقع الجزيرة التوثيقي

مقالات من العالم

جوليان أسانج حرّ

2024-06-27

فعل أسانج المحظور الأكبر في هذا العالم. كشف اللثام عن أكبر أكاذيب العالم وأكثر أساليب الدول وحشية، وفضح تلك البرودة الفظيعة التي يتمتع بها الجميع خلف الكواليس، وتلك السهولة الرهيبة...