أمضينا أشهرَ مرهقة، ونحن نحاول أن نجعلكم تشعرون وتتأثرون بإبادة لا سابق لها، إبادة موثقة بالكامل، سهّلها تواطؤ وأسلحة حكوماتكم.
لا يتعلق الأمر بالنسبة إلينا بإثبات إنسانيتنا لكم، التي لم تعد تستجدي اعترافكم بها. نحن نعرف أنفسنا بعمق، بالعاطل والحسن الذي فينا، ونعرف أنكم لا تملكون شيئاً. أية قدرات، أية معرفة، أي تاريخ، أي معطى إضافي، أي حيادية.. قد تمنحكم القدرة على تبخيس قيمتنا.
لسنا أبداً أيّاً ممن تطلقون عليه تلك الصفات، لا "العالم الثالث"، ولا "في طريق التنمية"، ولا "إرهابيين"، ولا "برابرة متوحشين"، ولا "متحضرين"، ولسنا معنيين بإثبات ذلك لكم.
نحن شعوب مستعدة للمقاومة، مقاومة بربريتكم وبربريتنا.
____________
ملف خاص
إلى غزة وأهلها
____________
نحن رجال ونساء فلسطين، الذين يتعلقون بشجرة "زيتون" في وجه الدبابات، الذين يصفعون جندياً، الذين يحفرون خندقاً بملعقة للهرب من السجن، الذين يرفضون ترك أراضيهم، الذين يحملون الجرحى، ويداوون جراحهم، الذين تعجز أيّة حكومة، أو أية حركة عن تمثيلهم، الذين في المنافي التي طُردوا إليها بعد سلبهم، يرددون جيلاً بعد جيل: إنّا من القرية الفلانية. المسنين يموتون والأولاد لا ينسون.
نحن رجال ونساء العراق المولودين تحت قنابلكم، والذين ينزلون إلى الشوارع في بلاد مدمرة ليصرخوا "لا أمريكا ولا إيران". الذين، من قلب ساحات المدن "المقدسة"، يجرؤون على رفع شعار "باسم الدين باكَونا (سرقونا) الحرامية". نحن رجال ونساء العراق، الذين يقفون بأجسادهم من لحم ودم، مشرئبين في وجه ميليشيات مسلحة، تُطلق عليهم رصاصاً حيّاً إلى أن يسقطوا.
نحن رجال ونساء مصر، الذين يتحملون إحباط الأمل بثورة حققت مكاسب ليست انتصارات، ويقبعون ويقبعن في المعتقل، بسبب مقال أو تدوينة على "فيسبوك"، ولا يخرجون منه بعد سنوات إلا ليعودوا إليه، لأن الصمت ليس خياراً.
نحن رجال ونساء سوريا، الذين تحدوا الخوف ليسقِطوا ديكتاتوراً يخطف ويعذب ويقصف شعبه بالطائرات الحربية والأسلحة الكيميائية. هؤلاء الذين يعيشون في بلد، صار ساحة صراع لكل القوى الدولية، اضطروا إلى النزوح في طرقات لا نهاية لها.
نحن رجال ونساء لبنان، الذين يجدون حلولاً للعيش مع سلطة فاسدة، مستقيلة، وعملة منهارة، وبلد بلا بنى تحتية. هم وهن يتبنون نضالات الشعوب الجارة لهم، ويتقاتلون فيما بينهم لتبقى بيروت أرضاً تستقبل المقاومات والنزوح. نحن من يكرر بعد 365 يوماً من القصف: "لن نتخلى عن فلسطين".
نحن نعرف تماماً من نحن. فمن أنتم؟ وعلامَ تقدرون؟
نحن لا نريد
04-09-2024
في محاولاتنا لحثكم على التأثر، نسعى الى إرجاعكم إلى ذلك الفضاء، حيث نأمل أن نتعرف إليكم، إلى حيث لا تخدم الحجج الكاذبة تبرير ما لا يُبرر، حيث لا تنفجر المستشفيات بمرضاها، حيث لا يموت الأطفال تحت قصف القنابل، ولا تحترق الخيام بلاجئيها، حيث لا يسجن لعقود شعب في 360 كيلو متراً مربعاً، مفترضين أنتم أن الأمور ستسير كما يجب.