بقلوب مُثقلة بالحُزن، نُعلن نحن، صَحفيُو إذاعة وموقع 'راديُو أم' الإخباري، عن توقف نشر موقعنا. هذه الإذاعة التي ولدت في 2013 بين أَسوَار مطبخ صغير وسط الجزائر العاصمة، لكن سُرعان ما أصبحت وسيلة إعلامية أساسية لـمحبي النقاش الحُر والإعلام المُستقل. كانت على مدار 11 سنة من النضالات والكفاح ومن النقاشات الحامية والرائعة، 11 سنة من الأمل، الملفوف بطموح لا يتزعزع، طموح بلا تنازلات لكي نكون مصغين ومواكبين لكل التحولات التي تحدث في مجتمع فسيفسائي، متعدد وتعددي، غني، شاب، ومتطلع.
لقد حاولنا أن نكون صدى وفي لنَبضات هذا المجتمع، كل النبضات، بتعقيداته، برغم كل الصعوبات وكل المحن، وقد كانت كثيرة.
لقد قاوم فريق موقع راديُو أم قدر المستطاع. مررنا بتيارات باردة وعواصف عنيفة التي، للأسف، لا يبدو أنها تهدأ. في 13 جوان 2024، أكدت محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة الحكم الإبتدائي المتعلق بحل شركة Interface Médias، الشركة الناشرة لموقع راديو أم، ومصادرة جميع أصولها المحجوزة، مع غرامة قدرها عشرة ملايين دينار. كما أمرت شركة Interface Médias بتعويض هيئة ضبط السمعي البصري بمبلغ مليون دينار.
وبالإضافة إلى هذا الحكم القاسي، ستدخل ترسانة جديدة من القوانين المؤطرة للإعلام والمواقع الإخبارية حيز التنفيذ قريبًا، مما يجعل مواصلة نشاطنا أمرًا مستحيلًا. تشكل هذه القوانين، التي تقيد الحريات بشكل أكبر بالنسبة للمؤسسات الإعلامية الحالية والمستقبلية، تهديدًا أكبر لعنوان اختار التعامل مع الأخبار الوطنية بكل موضوعية وترقية حرية الرأي والدفاع عن الحريات الديمقراطية.
منذ اعتقال مدير النشر، إحسان القاضي، في ديسمبر 2022 ومصادرة جميع معدات الإذاعة وتشميع مقرها، ظل الموقع موجودًا رغم المضايقات المستمرة لصحافييه من قبل السلطات، والعقوبة المشددة لمديرها بالسجن سبع سنوات منها خمس سنوات نافذة، والمتابعات القضائية ضد الشركة الناشرة. إن استمرار أنشطة راديو أم، الذي أصبح غير متاح على شبكة الإنترنت في الجزائر بداية عام 2023، تم في ظروف صعبة للغاية..
واصلنا بفضل جهود فريق من الصحافيين المتطوعين والملتزمين بالحفاظ على صوت متباين في مناخ من القمع الشديد لجميع أشكال التعبير الإعلامي التي لا يفي خطها التحريري بالمعايير التي فرضتها السلطة.
أردنا أن نجعل من راديو أم ناقلًا لجميع النضالات: النقابية والسياسية، والاقتصادية، والثقافية والاجتماعية. هذه النضالات الضرورية لحياة البلاد وازدهارها.
إن مشوار الـ 18 شهرًا من المنع يُبرز حجم الجهود المبذولة، وهو مشرف لهؤلاء النساء والرجال الذين حافظوا، رغم الصعوبات، على استمرارية الموقع في حين أن الكثيرين كانوا يعتقدون أنه سيختفي مع اعتقال وسجن مؤسسه..
لكننا اليوم وصلنا إلى مرحلة نعتبر فيها أنه من غير الممكن مواصلة نشر موقع راديو أم في ظل هذه الظروف ونتيجة لجميع الأسباب المذكورة.
نتخذ اليوم قرار تعليق النشر، وهو الأكثر إيلاماً لفريق عايش ميلاده وعمل على استمرار موقع راديو أم. ومع ذلك، نبقى متفائلين بإعادة إحياء حرية التعبير، والإفراج عن إحسان القاضي وجميع سجناء الرأي الآخرين، وبعودة صحافة مستقلة في الجزائر. قد يخبرنا بذلك المستقبل. وسيكون ذلك هو نضالنا.
فريق راديو أم
الجزائر 21 جوان/حزيران 2024