غسان أبو ستة يردّ على محاولة الإسكات: "الغدُ يملكه أطفالنا"

"إنهم منهزمون. لهذا فهم يتصرفون بهذه الطريقة. والعالم يتغير. لقد دفعنا ثمناً باهظاً للغاية لتغيير هذا العالم. لكننا نرى بوضوح هذا الجبل الجليدي الإباديّ، قمته الظاهرة إسرائيل، وجسمه الباقي هو محور الإبادة العالمي الذي تشكّل ألمانيا جزءاً منه. نرى هذا الجبل يهتزّ. نراه يتشقّق، ونراه ينهار".
2024-04-18

شارك
اليافطة المرفوعة على مسرح مؤتمر فلسطين 2024 - سنحاكمكم

السفير العربي

أوقفت السلطات الألمانية الطبيب الفلسطيني /البريطاني غسّان أبو ستة - المُنتخَب حديثاً رئيساً فخرياً لجامعة غلاسكو في اسكتلندا - في مطار برلين يوم الجمعة في 12 نيسان/ أبريل 2024. حققت معه لمدة ثلاث ساعات ونصف تقريباً، وقررت منعه من دخول برلين للمشاركة في "مؤتمر فلسطين: سنحاكمكم" المنظّم من هيئات ومجموعات ناشطة فلسطينية وألمانية ويهودية معادية للصهيونية. لم تكتفِ السلطات الألمانية بهذا، بل أبلغت الدكتور أبو ستة أن أية محاولة للاتصال بالمؤتمر والمشاركة عبر "زووم" محظورة أيضاً، وكذلك إرسال مقطع مصوّر لمشاركته غير مقبول، وقد يعاقَب بغرامة مالية أو عقوبة تصل لمدة سنة! كل هذا في وجه طبيب لا تهمة له سوى أنه شاهِد على أقسى مشاهد الإبادة ويتكلّم عنها علانية.

تجمهر الشرطة داخل قاعة المؤتمر. الصورة من تويتر

في برلين، كانت الشرطة قد رصدت 2500 عنصراً للمؤتمر الذي حضره نحو 700 شخص، مُنع قسم كبير منهم أصلاً من الدخول! أثناء كلمة المؤرخ الفلسطيني سلمان أبو ستة عبر تطبيق "زووم"، قامت الشرطة بقطع البث عبر إزالة الكابلات والميكروفونات وقطع الكهرباء. كما اعتُقل عدد من الناشطين ومُنع الاقتصادي اليوناني يانيس فاروفاكيس بدوره من المشاركة في المؤتمر عبر اتصال أو فيديو، فأعاد نشر كلمته التي كانت مقررة للمؤتمر على يوتيوب.

أمّا الدكتور غسان أبو ستة، ففور عودته إلى العاصمة البريطانية، توجه إلى السفارة الألمانية في لندن، ترافقه مجموعة من الناشطين، للاحتجاج على هذا المنع والترهيب، ملقياً كلمة قصيرة نضع هنا نصها المعرَّب، وفيها عصارة ما يجري بكل وضوح وقوّة وثبات، فيما علت أصوات من الحضور ممن جاؤوا دعماً له بالنداء "العار! العار على الحكومة الألمانية"، و"سنكرم جميع شهدائنا! هكذا علّمتنا أمهاتنا!"


"إذاً، رأينا اليوم كيف يتصرّف المتواطئون في جريمة. المتواطئون في جريمة دائماً ما يحاولون إخفاء الأدلّة وإسكات الشّهود. وكأنما كانوا يودون الاعتراف بالتهم التي وجهتها لهم نيكاراغوا أمام محكمة العدل الدولية، والقول أنهم بالفعل متواطئون في جريمة الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني. لقد قررت الدولة الألمانية التصرف كمتواطئة، محاوِلة إخراس أصوات الشهود على الجرائم. ليسوا يختلفون في هذا عن أيّة عصابة نموذجية: أحدهم يقوم بالقتل، أحدهم يدفن الجثة، وأحدهم يتخلّص من الأدلّة.

لكنهم لم يأخذوا في الاعتبار هذه المرة أن العالم قد تغيّر، وأن الردّ العالمي على جريمة طمس الأصوات الفلسطينية ارتدّ عليهم. ما كان مجرّد مؤتمر محلّي محدود حول فلسطين أصبح مركز اهتمام العالَم. لن ينجحوا في إسكاتنا. لن يُسكتونا أبداً. ما يحاولون فعله هو أن يدفعونا - مَن كان منا حاضراً في غزة وفي مستشفياتها - لتكذيب ما رأيناه بأم العين. تريد منا ألمانيا وحلفاؤها أن نكذّب عيوننا. أن ننسى أجساد الأطفال التي شظّتها الأسلحة التي زوّدوا هُم إسرائيل بها.

ولهذا السبب، سنذكر أسماءهم دائماً. أسماء هؤلاء الأطفال الذين قُتلوا، والأطفال الذين شُوّهوا.. لن يستطيعوا منعي من تذكير العالَم بأنَس، مريضي الصغير الذي أُحرق 60 بالمئة من جسمه ثمّ توفّي بعد ثلاث عمليات جراحية... بدارين التي اضررنا لبتر قدمها.. برمضان الذي أجرينا عملية ليده المسحوقة، وبالآلاف، الآلاف والآلاف غيرهم من الأطفال الذين قُتلوا وجُرحوا بالأسلحة التي أرسلتها هذه الدول إلى آلة الإبادة العسكرية الإسرائيلية...

إنهم منهزمون. لهذا فهم يتصرفون بهذه الطريقة. والعالم يتغير. لقد دفعنا ثمناً باهظاً للغاية لتغيير هذا العالم. لكننا نرى بوضوح هذا الجبل الجليدي الإباديّ، قمته الظاهرة إسرائيل، وجسمه الباقي هو محور الإبادة العالمي الذي تشكّل ألمانيا جزءاً منه. نرى هذا الجبل يهتزّ. نراه يتشقّق، ونراه ينهار.

شعبنا يملك الغد. أطفالنا يملكون الغد. وما يجري علينا اليوم سيغير وجه هذه الأرض. شكراً لكم".

مقالات من فلسطين

رحلة البحث عن رغيف

كُل صباح في الأيام الماضية، حينما أجوب الشوارع، لا أجدني سوى باحث عن الخُبز، وأنا حقيقةً لا أستوعب إلى الآن أن الحال وصلت بي - كما وصلت بكُل الناس- إلى...

خالدة جرار مسجونة في قبر!

2024-11-21

"أنا أموت كل يوم، الزنزانة أشبه بصندوق صغير محكم الإغلاق، لا يدخله الهواء. لا يوجد في الزنزانة إلا دورة مياه ونافذة صغيرة فوقه أغلقوها بعد يوم من نقلي إلى هنا...

اقتصاد البَقاء: الدّلالةُ والمفهوم في ظلّ حرب الإبادة

مسيف جميل 2024-11-17

لا توجد جدوى للصمود، ما لم يرتبط بالتصدي للاحتلال. استخدم المانحون "الصمود" كإطار جديد، يتماشى مع المرحلة الفلسطينية، ويراعي المشاعر الفلسطينية والحس الوطني السياسي، وكأن التنمية تحدث بتسمية وتبنِّي مصطلحات...