لا يتعلمون!

الصدامات ذات الطابع الطائفي بدأت في مصر بعد رحيل الرئيس عبد الناصر ومجيء "الريس المؤمن" (السادات)، مع حادثة الخانكاه في القليوبية 1972، ثم عرفت محطات كبرى كما في الزاوية الحمرا 1981
2016-12-14

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

هي القصة نفسها تتكرر في أماكن وأشكال مختلفة، وبحسب روايات يجمعها نسق واحد على الرغم من تعدد سيناريوهاتها: تميل النظم القائمة إلى مواجهة المشكلات المجتمعية بالقمع. وهو حال يتجاوز المنطقة العربية إلى أماكن كان يُظن أنها تملك آليات أخرى لاحتواء تلك المشكلات إن لم يكن لحلها، بدليل توليد مأزق الإسلاموفوبيا في العالم الغربي "المتحضر"، وتغذية دينامية الإرهاب بأفعال من طينته، وإن حازت ختم "الرسمية". وكلما كبُرت كرة الجليد (أو النار هنا)، كلما أمعن الفاعلون، متابعين منطق أن القمع لم يكن كافياً.

هذا حرفياً ما أعلن عنه الرئيس السيسي في خطابه أثناء تأبين ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية في حي العباسية بالقاهرة (الملاصقة للكاتدرائية المرقسية، مقر بابا الأقباط توادروس الثاني)، حين أشار إلى الحاجة لمزيد من القوانين التي تسهِّل الإحالة إلى المحاكمات العسكرية مثلاً، فيما جوقة مطبِّليه ينادون بإعلان الطوارئ، ويتهمون كالعادة كل مطالِب بتحقيق جدي أو منتقِد لعجز "الداخلية" وتقصيرها، بأنهم "خونة وعملاء".

الحادث الأخير طال قداس الأحد وأوقع عشرات القتلى أكثرهم من النساء والأطفال. وللتذكير، لو ثمة داعٍ لذلك، فإن الأقباط المصريين (حوالي 10 في المئة من المواطنين) هم سكان البلاد الأصليون، ومنتشرون في كل أرجائها من مناطق الصعيد إلى المدن، وجلهم فقراء بين الفقراء.

الصدامات ذات الطابع الطائفي بدأت في مصر بعد رحيل الرئيس عبد الناصر ومجيء "الريس المؤمن" (السادات)، مع حادثة الخانكاه في القليوبية 1972، ثم عرفت محطات كبرى كما في الزاوية الحمرا 1981 (تقرير "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية").. واستفحلت منذ 2011، الذي افتُتح بتفجير "كنيسة القديسين" في الإسكندرية. وسواء أكانت عناوينها تفجيرات إرهابية أو "حماسة" الأهالي الغيورين على الدين الحنيف، فحاضنة الاعتداءات على الأقباط تتأسس على العرقلة الرسمية لبناء الكنائس أو ترميمها أو توسعتها (فالقانون هنا والتراخيص مثيرة للقرف)، ما يؤدي إلى استخدام أماكن عادية لإقامة الصلاة تثير الاعتراض الأهلي (والقمع الرسمي أحياناً)، علاوة على التحريض الرسمي والإعلامي على الأقباط (كما في حادثة "ماسبيرو" الفظيعة 2013).. وهو ما يحدث جهلاً أو تأجيجاً للغرائز الطائفية من أجل توظيفها كوسيلة رخيصة لإدارة المجتمع.

لا ينفع؟ ينقلب السحر على الساحر؟ هي سلطات لا تتعلم، لا في مصر ولا في سوريا والعراق وسواهما، لا في هذه من المسائل ولا في سواها.. ومن لا يتعلم لا يصطلِح!!

 

تصوير: سهيل صالح (رويترز)

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

للكاتب نفسه

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...