لا يدور الصراع الدولي "على" سوريا، بل هو يجري "فيها" بما لم يعُد يقيم اعتباراً بأي درجة لمصير البلاد نفسها، لأي شيء يخصّها، وكأنها أرض خلاء يتبارز فيها أصحاب القوة، ومصلحة كل منهم تُعرَّف بمعيار وحيد: أن يغلب الآخر.. ليوظف ذلك في حسابات لا دخل لسوريا بها. لعل هذا الذي يجري الآن هناك فريدٌ بالفعل. لعل خاصيته تلك هي ما يفسر مقدار العنف المنفلت من كل عقال، قصفاً مجنوناً بعد 150 يوماً من الحصار على شرق الشهباء، حيث كان يقيم 200 ألف إنسان لعل أغلبيتهم الساحقة ليسوا "إرهابيين" ولا "تكفيريين"، وإنما لم يكن لديهم خيارات أخرى غير البقاء، حيث بيوتهم ثم أنقاض بيوتهم. وهي حلقة مفرغة. فبعد وقت قصير يصبح الخروج مستحيلاً: لا المسلحون يتركون الناس على هواهم إذ يستخدمون وجودهم كدروع بشرية، ولا القوات النظامية تُعفي الهاربين من التنكيل والخطف والتصفية بحجة الاشتباه بهم، ولا بساط النار الجهنمي الممتد فوق رؤوسهم يترك لهم سبيلاً.. فـ "يقول الإنسان يومئذ أين المفرّ"!
وعدا روسيا التي قررت أن استعادة أمجادها الإمبرطورية (قيصرية أم سوفياتية، لا يهمّ!) ستتحقق هنا، فهناك سائر المجانين: داعش الذي راح يُنظِّر لزوال دولته بتغيير اسم نشرته من "دابق" إلى "رومية"، تناسباً مع تغيّر أهدافه (بحكم الواقع والبرغماتية) من "باقية وتتمدّد" إلى "دهس الكفار" بالشاحنات في شوارع أوروبا. والإدارة الأميركية الحالية (قبل تسلّم ترامب، فأبْشِروا) التي ترى على لسان وزير الدفاع اشتون كارتر أن داعش وإيران وكوريا الشمالية هي أولوياتها في العداء، مضيفاً أنه لن يترك مجالاً لمقاتلي داعش غير الموت: داخل حلب أو الرقة أو الموصل أم خارجها (لا يهمّ أيضاً! وهذه أقواله حرفياً). وهذا بعد تجاوز اللاعبين الإقليميين أنفسهم وحساباتهم الخاطئة دائماً..
فيما يبدو كل السوريين من دون استثناء، من الرئيس إلى أجهزته إلى معارضاته، أشباحاً لا وجود لهم إلا ذاك الافتراضي... وفيما يموت السوريون (ولا يهمّ على يد مَنْ)، ويعمّ العجز والعبث.
إفتتاحية
اليوم حلب وغداً أمر!
مقالات من حلب
بعد الحرائق الأخيرة: الزيتون السوري ليس محصولاً استراتيجياً!
وقع النصيب الأكبر من الحرائق الأخيرة في محافظتي"اللاذقية" و"حمص". ووفق معلومات محلية مصدرها مديريات الزراعة في هاتين المحافظتين، فإنّ هناك ثمانين موقعاً اشتعلت فيها النيران بشكل مفاجئ، ودفعة واحدة، مما...
سوريا: "التعافي المبكر" حاجة ملحة للسوريين أم استجابة لرغبات المانحين؟
مع تتابع الانهيارات الشاملة في البلاد على كل الصعد، تصاعَد الفوران السوري في رغبة الخروج من البلاد، وهو ما قاد ــ بالمجمل ــ إلى تفكير الداعمين والمانحين في تغييرٍ استراتيجياتهم،...
خرائط التنمية المفقودة في الساحل السوري
حضور السلطة المركزية في المشاريع الأصغر، المحصورة في خدمة أهالي الإقليم، يقرّ مركزياً، بعد اقتراح مجالس المدن والبلدات المعيّن أغلب أعضائها من السلطة المركزية، عبر "قوائم الجبهة الوطنية التقدمية" اﻹجبارية...
للكاتب نفسه
الوحش الكاسر... الوحوش!
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.
كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"
تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...
الكذب بوقاحة مضاعَفة إذ تَدّعي البراءة
يتصرف هؤلاء كما لو أن اختيار "السنوار" جاء من عدم، بل وكدليل على جنوح الحركة إلى التشدد، وإلى المنحى العسكري والقتالي، مع أن "حماس" نفسها قالت إنه ردّها على اغتيال...