إعلان مراكش: الأرض لنا

هناك إعلانان صدرا عن قمة مراكش: واحد رسمي يزن كل شيء وكل التزام بميزان مصالح المتنفّذين من كل صنف ويبحث عن تسويات مع منطقهم وهم كانوا حاضرين في اجتماع مراكش كما في سواه، وآخر صاغه مندوبو آلاف الوفود الشعبية الحاضرة، الممثِلة لشرائح وبلدان العالم
2016-11-23

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
رباب نمر -مصر

هناك إعلانان صدرا عن قمة مراكش التي انتهت الأسبوع الماضي، وكان الهدف منها متابعة مقررات قمة المناخ التي انعقدت قبل عام في باريس وشهدت مفاوضات محمومة بسبب تعنّت السلطات في البلدان الملوِّثة للأرض والمياه والهواء، وهو تلوّث وصل إلى حدّ تهديد الوجود نفسه، إذ لم يعد الأمر يدور حول التحسين والتطوير والوقاية من الأمراض إلخ.. السلطات المهيمِنة تخضع بالطبع للشركات العملاقة المعولَمة، النفطية والمنجمية والعسكرية، وتلك المتحكّمة بالبذار والأسمدة وبالصناعات على أشكالها، وهي لا تفكر إلا بكيفية تحصيل أعلى ربحية ممكنة، وتموِّل مراكز أبحاث وعلماء و "خبراء" لكي يقولوا أن كل شيء تحت السيطرة، وأن الأصوات الأخرى المحذِّرة من الكارثة إنّما تهول لأسباب سياسية أو تنافسية الخ..
وإن كان انعدام العقلانية وطغيان قصر النظر هنا مدهشان، فالحقيقة أن ذلك كاشف لطبيعة إيديولوجيا عبادة الربح السائدة.
والحقيقة الثانية هي أنه على الرغم من عمومية الكارثة، فإن من يدفع الثمن المباشر اليوم هم الشرائح الأكثر فقراً في البلدان "المتقدمة"، ثمّ الشعوب في البلدان "الفقيرة": الأعاصير المدمرة قد تجتاح أي منطقة شاطئية في الولايات المتحدة، ولكن وفيما يُبنى سدّ هائل في نيويورك لاحتواء ارتفاع منسوب مياه المحيط، فإن من تُدمَّر بيوتهم ومن لا يتمكنون من دفع كلفة الانتقال السريع بعيداً عن الأعاصير هم سكان الأحياء الفقيرة في مناطق تلك البلاد نفسها. ومن يأكل المنتجات المعدَّلة جينياً والمليئة بالمواد الكيمائية هم الفقراء بسبب انخفاض أسعارها.. وهم محرومون أصلاً من المتابعة الطبية باهظة الكلفة.. وسكان إفريقيا وجنوب شرق آسيا والمنطقة العربية ومناطق من أميركا اللاتينية هم من تَجرف السيول حقولهم ومن تتصحر أراضيهم مع ارتفاع درجات الحرارة بسبب الغازات الدفيئة، ومن تنْضب المياه عندهم ومن تضربهم الأوبئة.. فيضطرون للنزوح الجماعي (وعدد هؤلاء اليوم أكبر بكثير من النازحين بسبب الحروب).
لذا، فهناك إعلانان صدرا عن قمة مراكش: واحد رسمي يزن كل شيء وكل التزام بميزان مصالح المتنفّذين من كل صنف ويبحث عن تسويات مع منطقهم وهم كانوا حاضرين في اجتماع مراكش كما في سواه، وآخر صاغه مندوبو آلاف الوفود الشعبية الحاضرة، الممثِلة لشرائح وبلدان العالم، ولجمعيات بيئية مناضِلة، وهو يدعو لحماية الأرض واتخاذ قرارات مسؤولة ووقف التدمير العابث بالحياة، باعتبار ذلك صار حاجة مداهِمة الإلحاح.

 

مقالات من العالم

"لنرسم من أجل غزّة"

2025-11-20

اختبر أطفال غزة على مدار عامين صنوفاً من الصدمات النفسية والعاطفية تحتاج دهراً للتشافي منها. أثناء حرب الإبادة، عبّر 96 في المئة من الأطفال في القطاع عن أنهم يعتقدون أن...

للكاتب/ة

حوار مع نهلة الشهال: بوصلتنا الاستمرارية في «البحث وسط الخراب عما ليس خرابًا»

في الحوار مع «الفيصل» تكشف الشهال عن مسار طويل من الالتزام الفكري والسياسي، يمتد من تجربة اليسار الجديد في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إلى تأسيس منصة «السفير العربي» التي صارت...

صون شعاع الأمل المتجدِّد

هذا صراع عنيف وشرس، لم يتوقف يوماً، منذ فجر التاريخ وإلى اليوم. ينتصر الخير أحياناً، وينتكس في أحايين أخرى، وينهزم مرات. وحين ينتصر، يُصاب البشر بالنشوة، وحين ينهزم يهبطون إلى...

العبودية الجديدة

لم تولد بشكل مفاجئ هذه الحال، التي تعيشها البشرية اليوم في كافة الميادين، السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والفكرية. لم تولد مع الحرب الإبادية على غزة، الدائرة منذ عامين بوحشية نادرة....