الموصل تُحرِّر العراق

مدينة العراق الكبرى، بعد عاصمته، لم تكن لتقع أصلا بيد تنظيم داعش، لا هي ولا الرمادي ولا الفلّوجة ولا سواها من النواحي، لولا أعطاب متنوعة، سياسية وعسكرية، لا يبررها شيء، ولا يفسّر حدوثها إلا مقدار الفساد والتفكك والتلهّي بالسّفاسف
2016-10-19

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
وداد أورفلي - العراق

مدينة العراق الكبرى، بعد عاصمته، لم تكن لتقع أصلا بيد تنظيم داعش، لا هي ولا الرمادي ولا الفلّوجة ولا سواها من النواحي، لولا أعطاب متنوعة، سياسية وعسكرية، لا يبررها شيء، ولا يفسّر حدوثها إلا مقدار الفساد والتفكك والتلهّي بالسّفاسف.. وسوى ذلك من الموبقات التي سادت في العراق المنكوب بعدما توالى عليه حكم استبدادي مجنون ثم ثلاث حروب كبرى مدمّرة وحصار دولي (لم يظلِم سوى الناس)، وغزو واحتلال أميركي مدمِّر، وحكمٌ قاصر استئثاري نهّاب، ضيِّق الأفق وجاهل بالبلد، علاوة على أطماع كل جيرانه به ممن ظنوا أنه أُنهك لحد استباحته، وهو المكان بالغ الثراء عريق الحضارة، مدهش ببناه الحيوية وديناميته الأصيلة التي تطلّ برأسها من بين شقوق مأساته كلّما سنحت لها الفرصة.
تفاعلت تلك العوامل لتنْجب هذه النتيجة. للتذكير، احتلّ داعش الموصل منذ سنتين بلا قتال! وظلّ المسؤول الأول عن البلد يكابر ويحوِّر الوقائع ويتنصّل من مسؤوليته بلا خجل. وظلت التشكيلات الكردية تتفحص مغانمها من الوضعية الشاذة، وظلّ الخطاب المذهبي، والاضطهاد والاستخفاف وتوسّل الغلبة يرمي بكتل من السكان في شباك مخلّص متوهَّم.
عانت الموصل كما الأنبار وسنجار.. في ظل داعش الذي سحق الجميع: المسلمون السنّة كما المسيحيون والأزيديون وسواهما مما يقال له "الأقليات"، وهو تعبير مريض أصلاً ومذموم. وحين ستتخلص أخيراً من طغيان هذه المجموعة، فستبدأ عندها الأسئلة الجدية التي تحتاج إلى إجابات بالمعنى العميق للكلمة، بما يتجاوز ترّهات ما يقوله البارزاني من أن مشاركة الكرد في المعركة ستقربهم من "دولتهم المستقلة"، وما تراه تركيا كحقوق وامتيازات ترغب بتسجيلها، وما تشعر به إيران من غيظ لإفلات المعركة من الطابع المذهبي ولتدبّر العراقيين أمرهم من دون تدخلها، وما تتاجر به السعودية كواجباتها في حماية "السنّة" إلخ..
حين ستهدأ المعارك ويعود النازحون والفارون إلى مدنهم وقراهم من دون تعرض للتنكيل ولا للإهانة، ستُطرح مسألة استعادة بنيان العراق على أسس صحية وطنية بعيدة عن الشلل البشع القائم، وعن النهب والاستئثار (الجاريين باسم "المحاصة")، أسس توفّر لبلاد الرافدين ما يستحقّه من حاضر ومستقبل لائقين.. وستبدأ مرحلة جديدة في مواجهة داعش وسواه ممن يشبهه، في سوريا كما في كل مكان، تتوقف نتائجها كثيراً عما سيحدث في العراق خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

مقالات من العراق

بغداد وأشباحٌ أخرى

نبيل صالح 2024-12-01

عُدتُ إلى بغداد ولم أعد. تركتُ قُبلةً على قبر أُمي ورحلتُ. ما حدث ويحدث لبغداد بعد الغزو الذي قادته جيوش الولايات المتحدة الأمريكية، هو انتقامٌ من الأسلاف والتاريخ معاً.

فتاة كقصبة ال"بامبو"

فؤاد الحسن 2024-09-29

"فاطمة" لم تستطع نيل موتها، على الرغم من دنو الموت، وتنفسه الثقيل الملتصق بتراب الأرض. فقد اختُطِفت مِن قِبل عناصر تنظيم "داعش"، على الرغم من سنواتها التسع، التي لم تنضج...

للكاتب نفسه

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...