لأن اللعبة من مسببات الفرح القليلة لشعوب المنطقة، كما أنّها رابط فعّال وحقيقي بينهم، مثلما رأينا في المونديال الأخير، في أواخر العام 2022، حيث ظهرت على السطح مشاعر الأخوّة، متجاوِزة حتى اعتبارات طائفية أو سياسية كانت موجودة بقوة. إذاً في هذه اللعبة شيء خفيّ يجعلها مُحَرّكة لعواطف الانتماء.
الكُرة المصرية: متنفسٌ للناس وعزاءٌ لهم
20-05-2023
الاهتمام بالرياضة، بمعناه المباشر، ليس "مهمة" موقعنا، مع أن بين كتابنا وكاتباتنا من"يعرف" كرة القدم خصوصاً، ويتابعها ويدافع أحياناً بشدة عن "فريقه"! وهم وهنّ أنتجوا بفرح وحماس هذه النصوص الجميلة.
كرة القدم في تونس: السلطة والجمهور يتنازعان الملعب
15-05-2023
كرة القدم: لعبة الشعب والسياسة في العراق
17-05-2023
الألتراس المغربي: نصيرٌ للجماهير، خصمٌ للسلطة
23-05-2023
من الكفاح ضد الاستعمار إلى التعبئة من أجل الحريات: كرة قدم الشعب في الجزائر
30-05-2023
كرة القدم في السودان.. كيف مُزِجت بالسياسة؟
25-05-2023
ولا شك أن كرة القدم في منطقتنا كما في العالم كله تستقطب اهتماماً شعبياً يفوق من بعيد أي اهتمامٍ سواه، لأنها تحمل رمزيات متراكبة تخص كل المجالات، ولأنها ميدان لممارسة السياسة منذ نشأتْ، فاستولدت أخيراً حركات المتحمسين لفرقها، الملتزمين بها كجيش جبار، والمعروفين بـ "الألتراس". وهؤلاء ليسوا المشجعين التقليديين، ولا هم الـ "هوليغن" المشاغبون، بل هي حركات منظِّمة، لها قواعدها وقوانينها المحْكمة، وتطبق ممارسات صارمة وتوفّر استعراضات كبرى متماسكة، ما يقرّبها من الحركات الاجتماعية مع فارق أنها لا تمثل قطاعات مهنية أو فئوية بذاتها، بل تنتمي للفريق الذي تتبناه. وهذا شكل جديد تماماً، وهو ملفت، وقد تبدّت لنا أهميته أكثر من أي وقت منذ بدأ "الألتراس" باتخاذ مواقف سياسية تجلت في شعارات يرفعونها وأهازيج يطلقونها، تحكي عن آلام المجتمع، وتشكو الإهمال والفقر والقمع، كما تُردِّد عشرات ألوف الحناجر في ملاعب المغرب والجزائر ومصر. ثم راحت تتضامن مع فلسطين المضطهَدة، في كل مناسبة وخلال كل لعبة، وعانت من قمع وملاحقات ومنع من الحضور إلى الستاد، أو أشكال متنوعة من تقنينه. وقد وصل القمع أحياناً إلى حدود المجازر كما في مناسبتين في مصر – مجزرتَا "استاد بور سعيد" و"استاد الدفاع الجوّي". وتوِّج هذا الاهتمام بالشأن العام – وهو تعريف "السياسة" - بنزول "الألتراس" إلى التجمعات في الميادين والمظاهرات كما حدث في انتفاضة 2011 في مصر وفي انتفاضة 2019 في العراق والجزائر...
كل هذه المواضيع يتناولها كتّابنا في دفتر "كرة القدم: لماذا تهمنا؟"، مسجِّلين أصل وفصل الظاهرة، وكونها تمتلك جذوراً سابقة على "الألتراس" بصيغته الحالية وعلى ما يجري "اليوم": النضال الفعلي ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر، تأكيد الانتماء الوطني بوجه تعالي الاستعمار الإنجليزي في العراق وكذلك في السودان، والاستقطابات المعبِّرة عن انتماءات طبقية وفكرية وسياسية في مصر خلال السطوة البريطانية.
وقد خصصنا نصاً من الدفتر لفرق كرة القدم النسائية في منطقتنا، باعتبار اللعبة و"ألتراساتها" مطبوعة بالذكورية، ولاستكشاف التغييرات المحتملة في هذا الجانب. كما حاول كتّابنا تلمس أثر تطبيق شرط التفرغ المهني على الفرق وهو الذي قضم جانباً مهماً من طابعها الأصلي، وكذلك الإشارة إلى "البزنس" المهول الذي يمثّله هذا القطاع، والمرتبط دوماً بالصراعات وبفساد كبير.
ولم يكتف باحثونا وباحثاتنا بالكلمات، بل اهتموا بملاحقة الصور والفيديوهات وتجميع الأهازيج والأناشيد، وتثبيت كلماتها لتُقْنع القارئ بما نُقدِّم كتحليل، ولتمسّ أيضاً مشاعره، فاكتملت الصورة...