يبدو أنه ما زال للجميع مصلحة في استمرار تلك المواجهات، أملاً بتحسين المواقع، بل وحتى حلماً بالحسم. كلهم: روسيا، وتركيا (المتقدمة بقواتها المباشرة غرب الفرات، موجِدة واقعياً منطقة عازلة)، والنظام في سوريا، والأكراد، وداعش، وفصائل لا عدّ لها... بل وحتى المعارَضة التافهة المنعقدة تحت لواء تسميات مفخّمة من قبيل "المجلس الوطني" أو "الجيش الحر" (الذي "يعير" ثيابه وشاراته لضباط أميركان يشاركون بها في اجتماعات للتخطيط في شمال سوريا، كما حدث هذا الأسبوع، حيث رُفع العلم الأميركي في تلّ أبيض تحية لهم!).
كلّ واحد لغايةٍ في نفسه ومصلحة متضاربة تماماً مع مصالح سواه. كلّهم... ربما عدا الديبلوماسية المباشِرة لأوباما – كيري المغادِرَين بلا منجَز على صعيد هذا الملف الذي استحال رئيسياً في العالم (بل لعلّه أصبح تمريناً، "بروفا أوركسترا" لغيره مما قد يأتي والعياذ بالله). وأوباما وكيري يبدوان كمن تعرّض لخديعة أكبر من تلك التي أصابت الروس، لأنها جاءت من أهل بيتهم، من دوائر الحرب الأميركية البعيدة عن التسليم بفشل "نهاية التاريخ" التي حلم بها منذ عقدَين أو أزيَد قليلاً "المحافِظون الجدد" ومعهم احتكارات التصنيع من كلّ نوع... وآخر منجزاتهم، بتكليف من البنتاغون، "رايدر" الطائرة السوبر شبحية (ثمن الواحدة منها أكثر من نصف مليار دولار) التي يُقال إنّها يمكن أن تقصف أي مكان في العالم من فوق الولايات المتحدة، وإنها لن تُرى على الرادارات "المستقبلية" للروس والصينيين... ما يعني أن عالماً بلا حروب ما زال في علم الغيب، وكذلك عالماً بلا أحلام بالهيمنة.
وفي الأثناء، يستمرّ النزيف السوري. بلا طائل بالتأكيد.. فهل تقع معجزة؟