سوبر وزارة!

وزارة الإنتاج الحربي المصرية تقوم بكل الأنشطة الاقتصادية التي تخطر على بال، وآخرها استيراد 30 مليون عبوة حليب أطفال وطرحها بنصف ثمن كلفتها (30 جنيهاً عوضاً عن 60 للعبوة) بحجة غريبة هي "كسر الاحتكار"، وأخرى أغرب هي "خدمة المجتمع المدني"
2016-09-07

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
هشام الزيني - مصر
وزارة الإنتاج الحربي المصرية تقوم بكل الأنشطة الاقتصادية التي تخطر على بال، وآخرها استيراد 30 مليون عبوة حليب أطفال وطرحها بنصف ثمن كلفتها (30 جنيهاً عوضاً عن 60 للعبوة) بحجة غريبة هي "كسر الاحتكار"، وأخرى أغرب هي "خدمة المجتمع المدني".. وزلّة اللّسان تكشف (عدا الجهل) مفهوم العسكر للمنظومة الاجتماعية. ولأنّ روح الفكاهة المصرية والسخرية ما زالت حيّة على الرغم من المآسي، فقد طارت تحذيرات من إرضاع هذا الحليب للأطفال حتى لا يرطنون جميعاً بالأناشيد الدارجة في تمجيد الجيش والرئيس السيسي. قبل ذلك علت الصرخة من مشاريع تقوم بها الوزارة أو قطاعات من الجيش وتخص التعليم، كـ"مدارس بدر الدولية" التي أنشأها الجيش الثالث في السويس، والتي توفّر تعليماً بالنظامين اﻷميركي والبريطاني وبمصاريف، ولكن مدعومة (أي أخفض مما تتطلبه المدارس الخاصة المشابهة). كما تنشط وزارة الدفاع في الاستملاك، وآخره اﻷراضي الصحراوية كافة بعمق 2 كيلومتر على جانبي الطرق الجديدة.. وهذا كله غيض من فيض. وقد تدخلت روح السخرية المصرية الشهيرة مجدداً إذ دار جدال "جديّ" حول ما إذا كانت صالونات الحلاقة تدخل في لائحة القطاعات التي تستثمر فيها القوات المسلحة.
النّكتة أن هذه الاستثمارات معفاة من الضرائب، بما في ذلك الضريبة العقارية (ومنذ عام، أصدر وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلّحة قراراً بإعفاء 574 منشأة جديدة، من بينها عشرات النوادي والفنادق والمنتجعات والمسارح ودور السينما والسوبرماركت والعمارات والشقق والفيلات..). وبالطبع فأغلب العاملين في مصانع ومصالح الجيش، العسكرية والمدنية على السواء، هم من المجندين، فلا يخضعون لقوانين العمل لجهة الأجور والحقوق.. وكان قد سمح قانونياً للجيش المصري، ومنذ عام 1979، بالاحتفاظ بحسابات مصرفية تجارية خاصة به. كما أن ميزانيته مستقلة تماماً.
تغلْغُل الجيش المصري في الاقتصاد معروف منذ عقود. وترافقت الحالة مع امتيازات كبيرة متلاحقة، ينالها كل الضباط (وإنْ وفق تراتبيتهم بالطبع)، وترافقت كذلك مع تأمينهم بعد الخدمة، التي قُصِّرت مددها فينصرَفون إلى التقاعد باكراً، ويوضعون حينذاك على رأس المنشآت المدنية، الخاصة والعامة، وفي مجالس إدارتها. كانت تلك هي الآليات المستخدمة لتحييد الجيش عن "المغامرات" السياسية (على غرار ظواهر "الضباط الأحرار")، ولإيجاد جسم متماسك عبر الانتفاع والمصلحة، ومنفصل عن الشروط الاجتماعية لسائر الناس.
لكن التغوّل الحالي، المتعاظم، يترافق مع الابتذال والانكشاف الهزلي.. الله يستر!

مقالات من مصر

العاصمة المصرية في مفترق طرق..

رباب عزام 2024-11-21

على الرغم من الأهمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بالنسبة إلى المواطنين، للمنشآت والمباني المقامة حالياً على أراضي "طرح النهر"، خاصة في العاصمة القاهرة، إذ يشمل أغلبها كثيراً من الأندية الاجتماعية التابعة...

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...