هل قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في لقائه مع أوائل الثانوية العامة منذ أيام، أن "قتل إسرائيل للأطفال الفلسطينيين ليس إرهاباً"؟ انطلق الخبر ابتداء من صحيفة "العربي الجديد" (القطرية) وموقع "الجزيرة" (القطري)، وأعادت نشره صحيفة هآرتس الإسرائيلية، ثم انتقل بلا عناء إلى صحف ومواقع عربية وإسرائيلية متنوعة (ولم يهتم أحد سواها بـ "الخبر"!).
أم هو لم يقلْ ذلك تماماً، بحسب النفي الذي أدلى به بعد ذلك بيوم متحدث باسم الخارجية المصرية؟ وهو النفي الذي لم يهتم (كذلك) بنشره ومتابعته سوى بعض المواقع العربية والإسرائيلية، وهذه الأخيرة خصوصاً وبكثافة، فقد يكون مزعجاً لتماسك خطابها الأيديولوجي أن يوجد عربي "طيّب".. وبقية القول لدى غولدا مائير كما اشتهر في حينه.
وهو لو قال أم لم يقلْ: سيّان!
بداية، فإن عدم الاكتراث ذاك يمكن أن يكون مؤشراً على أشياء كثيرة، كالشبهة وقلّة الصدقية اللتين تحيطان بوسائل الإعلام القطرية، لجهة الغرَضية العالية في كل ما تنشر، والزاوية الملتوية التي تعتمدها، بما في ذلك، بل على رأسه ربما، ما يبدو وكأنه تعاطف مع داعش، كرهاً ربما بالشيعة عموماً (أنظر كيفية عرض أخبار العراق مثلاً)، وعداءً حتماً لإيران وللنظام السوري، وتعاطفاً مع الإخوان، ومناهضة للسيسي... كما قد يكون عدم الاكتراث مردّه إلى الاعتياد على ارتكاب السلطة المصرية لكل الفواحش، وهي قناعة باتت متغلغلة في الأنفس: من التعاون الاستخباراتي الدائم مع إسرائيل، إلى إغراق أنفاق غزة بالمياه معاوَنةً لتل أبيب (بحجة "مكافحة الإرهاب" طبعاً)، إلى إغلاق حدود القطاع لأشهُر، إلى بناء سور من جهة رفح ستستكمله إسرائيل بآخر من الشمال والغرب، لإحكام الخناق على هذا السجن الكبير.
في الواقع، ما حدث أن الوزير أراد التملّص من الإجابة على سؤال أحد الطلبة حول الموضوع، فاتخذ رداء البروفيسور الشارح علمياً للأشياء: دقّة التعريفات والتوافق الدولي عليها والفارق بين السياسة والقانون.. ولأنه كان قد ذهب في زيارة ودّية لإسرائيل منذ أربعين يوماً، وحضر هناك في أمسية لطيفة اختتام مباريات كرة القدم الأوروبية (اليورو) مع نتنياهو، فـ "صوفته حمراء" كما يُقال. ولو أنّه مذّاك لم يتوقف عن التأكيد على أنه يطبّق فحسب سياسات وأوامر رئيسه، صاحب مقولة "السلام الدافئ" مع إسرائيل: طبعاً!