بيان صادر في باريس عن المكتب الوطني للاتحاد اليهودي الفرنسي للسلام
19 آب/ اغسطس 2016
تعكس الصحافة الأجنبية دهشة البلدان الأنجلوسكسونية حيال القرارات البلدية التي تمنع البركيني (الرداء المشابه لبدلة الغطس والذي يغطي كامل الجسم والرأس) على الشواطئ الفرنسية. وهكذا، وبالقرب من شواطئ مخصصة للعراة (لا تعبّر بنظر السلطات عن انغلاق هوياتي واكتفاء بالعيش وسط جماعات متشابهة)، فإن المنتجعات البحرية، الجمهورية والعلمانية، تنوي عدم السماح لمواطنين ومواطنات بالسباحة مرتدين "البركيني". والمانعون هؤلاء أنفسهم لا يجرؤون، خجلاً بالطبع، على التذكير بأن النساء اليهوديات المتدينات يرتدين اللباس نفسه المتواضع، وغالباً على شواطئ لجماعتهم. ما يُظهِر أنّ المنع لا يخصّ الرداء وإنما اللواتي يرتدينه، لأنهنّ مسلمات.
إنّ صمت السلطات الدينية المسيحية وأيضا تلك اليهودية عن الأمر يحيّرنا. ونحن نعتبر أن هذا الانفلات العنصري ضد المسلمين في فرنسا كان ينبغي عليه أن يمسّ المنظمات اليهودية والمقامات الدينية لليهود بما أنها تردد على الدوام (ولسبب مفهوم) أن أثمن شيء بنظرها هو المساواة بين الجميع بغض النظر عن الانتماء الديني، والحرية الأساسية للجميع في ممارسة عباداتهم.
ونحن نعلم أن ما يقتل في مثل هذا الانفلات هو الصمت.
هذه القرارات البلدية تهدف إلى إلحاق الإهانة وفرض طأطأة الرؤوس. ونحن، بوصفنا يهوداً، نتذكر تلك اللحظات من تاريخنا حين اضطرّ آباؤنا إلى السير في ظل الحيطان في فرنسا. ولذا فلا يمكننا الصمت.
إن اليقظة الحقيقية ينبغي لها أن تكون جمهورية بالمعنى المباشر للكلمة. وعليها استنفار جميع المواطنين الجديرين بهذا الاسم الذين يرفضون الربط المسيء لكل المسلمين بالاعتداءات الإرهابية، وهؤلاء عليهم المطالبة بحق الجميع وكل فرد بالتعبير الحرّ عن معتقده وعباداته.
وعلى هذه اليقظة أن تكون علمانية بالمعنى الذي عناه مشرّعو القانون رقم 105. لأنه يعود إلى فكرة المواطَنة إدراك أن كل ذلك ليس سوى تمويهاً للأسباب الحقيقية للاعتداءات: ما يخفيه الجدل حول البركيني هو إقامة حالة طوارئ دائمة، والمداهمات والتفتيشات وفرض الإقامات الجبرية العديدة.. لا إجازات للمسلمين!
إنه يخفي الإدارة الألتراليبرالية للاقتصاد مرتبطة بالإدارة المحافظة الجديدة للسياسة والمواطنين، وحروب الشرق الأوسط وإفريقيا..
فإن كنا حاسرين أو محجبين، فما علينا مقارعته هو هذه السياسة التي يتوافق عليها رؤساء البلديات "الجمهوريون" ورئيس الوزراء، وهي ما يجب التصدي له بكل وضوح.
واليوم أكثر من أي وقت مضى، علينا اختيار الجهة التي ننحاز إليها، أي المضطهَدين، وإبداء تضامننا الكامل معهم، والعمل إلى جانبهم ومعاً لاستعادة دولة القانون المطابِقة للمعايير الجمهورية التي جرى انتهاكها من قبل السلطات المعنية بفرض احترام تطبيقها.