القصة نفسها لا تهمّ. يُروى أن رئيس البرلمان دفع ببعض النواب لطلب الاستجواب ذاك سعياً لإحراج الوزير الذي لم يلبِ طلباته. ومن بين النواب امرأتان هما "نجمتان" في مجالات الفساد والعنف (برسم من يرى أن النساء أكثر نزاهة وأنهن ربما كن "الحل")، وهما "متوزعتان" بالعدل على الطائفتين الشيعية والسنية.
الفساد في البلاد بنية متكاملة، بحيث أن "لجنة النزاهة" غير مؤهلة للتحقيق في الاتهامات التي تطايرت من جلسة مطلع الأسبوع البرلمانية تلك، للشك الشديد في نزاهتها. وهل نُسي أن عديد الجنود الوهميين (يسمونهم هنا "الفضائيين" كناية عن كونهم مخلوقات خفية) كانوا 300 ألف على الأقل حين سقطت الموصل بيد داعش (500 مليون دولار مرتبات تدفع لهم)، وأنّه يتم إعفاء الجنود الفعليين من الحضور مقابل تسديدهم لنصف مرتباتهم للضباط. ومن ينسى أن صفقات شراء معدات الكشف عن المتفجرات التي كلفت عشرات ملايين الدولارات، استمرت تُجدد مرة بعد أخرى بينما مخترعها البريطاني ذهب إلى السجن بتهمة الاحتيال، إلى أن وقع تفجير الكرادة الرهيب فعلتْ الصرخة واتخذ قرار باستبدالها.. لعل وعسى ينفذ. وأن مليار دولار لشراء طائرات تبخرت هي والطائرات (وهو حال صفقات أسلحة أخرى)، وكذلك اعتمادات لإنشاء مبانٍ وشق طرق، وأنه لا كهرباء في بلاد النفط، ولا خدمات صحية، وسوى ذلك.. وفي العراق 7 ملايين موظف، أي ثلث السكان بالمطلق (بما فيهم الأطفال والشيوخ)، وهي نسبة لا وجود لمثيلها في العالم.
وسط ذلك كله، هناك من يدعو للتقشف بناء على تراجع أسعار النفط، إذ تعتمد ميزانية العراق عليه بنسبة أكثر من 93 في المئة، ويصوِّب نحو التعليم المجاني وهو الموجود في العراق منذ 1920! ويلغي معاهد الفنون الجميلة في بلد كان دوما متميزا ومعروفا عالمياً بالرسم والموسيقى والمسرح وسواها من الفنون.. وقد تنبه القوم إلى أنها حرام، أو أنها ترف. من يخجل؟