الحرب النفسية سمة الامتحانات في موريتانيا

بات موضوع الغشّ في الامتحانات الشّغل الشّاغل للأسر الموريتانية. وقد وضعت وزارة التّعليم الموضوع على رأس الأولويّات، وثار عبر وسائل الإعلام الرسمية والخاصة جدلٌ كبير حول آليّات مواجهة الغشّ مع اقتراب موعد الامتحانات الخاصة بالجامعات وفي الإعدادية والبكالوريا.
2016-06-27

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك

بات موضوع الغشّ في الامتحانات الشّغل الشّاغل للأسر الموريتانية. وقد وضعت وزارة التّعليم الموضوع على رأس الأولويّات، وثار عبر وسائل الإعلام الرسمية والخاصة جدلٌ كبير حول آليّات مواجهة الغشّ مع اقتراب موعد الامتحانات الخاصة بالجامعات وفي الإعدادية والبكالوريا.

 ووسط هذه الحمّى الصيفيّة كما يُطلِق عليها البعض، استوردت وزارة التعليم الموريتانية أجهزة صينية تبْطل خدمات شبكة الاتّصالات عن مراكز الامتحانات. لكنّ شركات الاتّصالات سارعت إلى رفض تشغيلها بحجة أنّها ستُلحق خسائر بها بالنسبة للمباني القريبة من مراكز الامتحانات. فأكّدت وزارة التّعليم عبر تعميم إداري تحريم استخدام الهواتف النقّالة داخل قاعات الامتحانات وقالت إنّ المخالفة ستُعرّض صاحبها للطرد من الامتحان والمنع من الترشح لمدة سنتين.

 ودعت الوزارة عموم المدارس وجمعيات الآباء ووكلاء التلاميذ إلى الشّروع في حملة تحسيسيّة حول مخاطر الغش في الامتحان، إضافة إلى توضيح العواقب.

تسريب المواضيع  

كشفت المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الثاني من حزيران/ يونيو، أيّاماً قبل الامتحانات، عن تسريب مواضيع شهادة الدّروس الإعدادية. لكنّ الوزارة سارعت إلى النّفي واعتبرت ذلك مجرد إشاعات "تشوش على التلميذ أيّا كان وترمي به في غياهب الضلال".. مؤكدة أنّ الوزير اطّلع شخصياً على الترتيبات التي تحيط  بامتحان شهادة الدروس الإعدادية، وعن ارتياحه لسير الامتحانات وأنها تجري في ظروف طبيعية نتيجة لما اتّخذه القطاع من إجراءات تنظيمية.

 وأثار تسريب مواضيع الإعدادية زوبعةّ قوية في نواكشوط  خصوصاً. ويتخوف  نشطاء حقوقيّون من الغشّ خصوصاً في الثانوية العامّة التي يستعدّ لها عشرات الآلاف من التلاميذ خلال أيّام. أمّا ما قيل عن فضيحة تسريب أسئلة الإعدادية فيبدو أنّها ستأخذ أبعاداً سياسية مع تصاعد التراشق بالاتهامات بين الموالاة والمعارضة، ووسط الاهتمام المتزايد من الحزب الحاكم (ممثّلا للسلطة) ولحزب الإخوان المسلمين ممثلا للمعارضة. ويلخص المعسكران الموضوع في خطورة الغشّ لمستقبل الأجيال بالنسبة للمعارضة والمساس بالأمن القومي وزعزعة استقرار البلاد بالنسبة للحزب الحاكم!
وهناك مطالبة بتكليف وحدات خاصة بجرائم المعلوماتية بشن حملة لا هوادة فيها ضد الصفحات والحسابات الالكترونية التي تقف وراء إفشاء الامتحانات قبل موعدها.

 ويقول مهتمّون بالشّأن التعليمي أنّ هذا عود على بدء، وأنّ حمّى تسريب الامتحانات موضوع قديم جديد بالنسبة للبلاد، ويذكرون بالعام الماضي، وكيف اضطرّت وزارة التعليم إلى إعادة جزء من امتحانات البكالوريا بعد ما جرى تداول أسئلتها في وسائل التواصل الاجتماعي.. ويربطون حالات تسريب الامتحانات بتسييس العمليّة التعليمية وكيف يخصّص سيدي محمد ولد محمد رئيس الحزب الحاكم وجميا ولد منصور رئيس الحزب الإخواني الكثير من الوقت لما يسمى بـ"سقاية الطلّاب" يوم الامتحانات..

 لكن ما لا يدركه المسيسون للعملية التعليمية هو أنّهم يمسّون من مصداقيّة شهادات هذا البلد التي بقيت حتى وقت قريب تلقى التقدير والاحترام من الجامعات الغربية وخصوصا الفرنسية والكندية التي تستقبل الدارسين الموريتانيين.

 

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه