... وقد كانت المهمة شائكة ومؤلمة، لأن عشرات النصوص غير تلك المنتقاة جديرة بالاستعادة، ممتعة ومفيدة. وهي كانت قد جُمِعت في ستة ملفات يمكن قراءتها على موقع "السفير العربي". وقد اخترنا النصوص من بين تلك التي تقع ما بين العام 2012، حين انطلق الموقع، والعام 2017، حين تحوّل إصدار الملفات فيه إلى "دفاتر"، بعدما توقفت جريدة "السفير" اليومية عن الصدور، وهي التي استضافت "السفير العربي" واحتضنته منذ بداياته.
الافتتاحية المستعادة
يفرد "السفير العربي" هذا الأسبوع* صفحاته للنساء. متنوعات، كما هنّ في الواقع، بحسب شروطهن الطبقية والتعليمية والمناطقية والعمرية، وبحسب وعيهن لذاتهن، وبحسب أوضاع بلدانهن. اليوم ليس اختزالاً احتفالياً أو تقييمياً، يغدو بالضرورة رمزياً، يتناقض مع الشمول والاستمرار المحمولَين بشعار تطالب به النساء ويصررن عليه: كل أيام السنة... بالتأكيد! ولكن هذا لا يمنع ذاك. عيد أو يوم مخصص، وكذلك نضال عنيد كل الأيام.
في مقالات النسختين الورقية والإلكترونية، نعيد اكتشاف النساء. جدات وأمهات، غالباً أميات و/أو فقيرات، علّمن الأبناء قيماً تنوء بها أعرق الجامعات. مقاوِمات ضد ظلمهن، ينجحن أحياناً في الإفلات، ويلتففن على الهزيمة حين لا تكون ساحقة. مناضلات اخترن بناء المواقف وبلورتها وتحمّل مسؤوليتها. نساء يصْبرن ويعْضدن. يمكن الاتكال عليهن. لولاهن لانتهت فلسطين مع النكبة، فهن من حصَّنَ المجتمع المقتَلع بتلك السرعة والعنف، وأعدْن إليه التماسك في ظل النزوح والشتات. لولاهن لسُحٍق العراق بعد حروب مهولة متتالية وحصار، فهنَّ من أمسك بالمجتمع، إدارة وإنتاجاً وابتكاراً لوسائل تتغلب على التدمير الأحمق أو ذاك المبرمج. لا يكفي.
____________
من دفاتر السفير العربي
-مبادرات النساء: قادرات وعازمات
-التفاوت: مكانة النساء بين "الاعتقاد" الشائع والسائد وبين الواقع والوقائع
-تأنيث العمل الهش
____________
فكلما برزت قدراتهن بمختلف مراتبها وطبائعها، كلما ازداد التوجس من حريتهن وإمكاناتهن. وقيل: "كيدهن". وعندها تنطلق الماكينة الهادفة إلى الضبط والاحتواء والإخضاع. ففي النظام المهيمن، يتداخل الاضطهاد الطبقي، الذي يستغل أغلبية الناس تحت مسميات شتى، والسيطرة الذكورية التي تحرص على صون التراتبيات. ولا يستقيم واحدهما من غير الآخر. ويُجاب أن للنساء المدللات حظوة. ولكنهن نوع من الواجهة التي تعرض نجاح صاحبها أياً كان، أباً أو زوجاً. وهو المنطق البضاعي نفسه الذي يصل إلى "أقدم المهن". لقد سُنت أبشع القوانين، ومنها ترسيخ حماية "جرائم الشرف"، بعد بروز النساء في الحقل العام. فذلك البروز مرعبٌ لأنه يحمل الاضطراب إلى مجمل التركيبة القائمة. وكان لا بد من الردع وإعادة السيطرة. ويحدث امتناع مستميت عن تطبيق المساواة القانونية للنساء في منطقتنا، تحت مبررات شتى، كلها تقود إلى اعتبارهن حصان طروادة لغزوات غامضة.
لا يهم! سيحصل. كما حصل الحق في التعليم والعمل. تحية لهن.
* هذا كان تقديم الملف حين نشر في 2013، وكان بعنوان "يمكن الاتكال عليهن": https://bit.ly/3KZrKD6