سايكس ـ بيكو؟

يُحتفل هذه الأيام بمئوية الاتفاق الذي أُريد له أن يبقى سرياً لولا نشر البولشفيك لنصّه في البرافدا حين استلموا السلطة في روسيا، بعد توقيعه بسنة ونصف. متفقٌ أنه وُقِّع في 16 أيار/ مايو، بعد أشهر من المفاوضات المباشرة بين ممثلَي القوتَين الاستعماريتين الأبرز حينها، بريطانيا وفرنسا، واشتراك روسيا القيصرية فيها لنيل حصتها من المغانم (وكان يُفترض لها أن "تأخذ" القسطنطينية أي.. اسطنبول).
2016-05-19

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
ضياء العزاوي - العراق

يُحتفل هذه الأيام بمئوية الاتفاق الذي أُريد له أن يبقى سرياً لولا نشر البولشفيك لنصّه في البرافدا حين استلموا السلطة في روسيا، بعد توقيعه بسنة ونصف. متفقٌ أنه وُقِّع في 16 أيار/ مايو، بعد أشهر من المفاوضات المباشرة بين ممثلَي القوتَين الاستعماريتين الأبرز حينها، بريطانيا وفرنسا، واشتراك روسيا القيصرية فيها لنيل حصتها من المغانم (وكان يُفترض لها أن "تأخذ" القسطنطينية أي.. اسطنبول).
ما الذي تقوله لنا الوثائق والدراسات المنشورة؟ طبعاً أنّه تقاسم استعماري للإمبراطورية العثمانية الموهِنة أصلاً والمخترَقة من قِبل القوتين الاستعماريتين منذ قرن سابق على الصفقة. كما أنّ تحالف السلطنة مع دول "المحور" بزعامة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى جعلها تُهزم معها. ولكن الوثائق تتكلم كذلك عن العرب الذين "خدعهم" البريطانيون، وعن دور "المنظمة الصهيونية العالمية" المولودة قبل ذلك بعقود قليلة في الدّفع لإنجاز اتفاق سايكس ـ بيكو نفسه، وللحصول على "وعد" بلفور، وزير خارجية بريطانيا، في 1917، بقيام إسرائيل.. بحيث أنه لا فَكاك بين اللحظات الثلاث.. التي تأتيها رابعة هي من صلبها: معركة ميسلون على مشارف دمشق 1920، التي هَزمت فيها القوات الفرنسية "الإمارة العربية" الوليدة.
ما لا تقوله لنا بالمقابل الوثائق والدراسات المنشورة هو أنه لم يكن لواحدة من تلك الأحداث أن تستقيم لولا أخواتها، ولا يمكن النظر إليها وفهمها إلا بتداخلها وتفاعلها. ولا يظهر في كل النصوص الحالية أي إعادة تقييم لما جرى، ويُعامَل وكأنه من فعل الطبيعة القاهرة وليس من فعل التخطيط الاستعماري، بل تذهب الوقاحة بالبعض (ذي أتلانتيك مثلاً) إلى ملامة روسيا التي كشفت "السر"!

لكن الأهم من كل هذا أمران:
إن هناك توجسا من انهيار حالي لاتفاقية سايكس ـ بيكو، تتقاسمها أصوات عربية وغربية على حد سواء، وكأن تلك الصفقة الاستعمارية قد استحالت كنزاً ثمينا يُخشى ضياعه.. وذلك طبعاً لأن "الخليفة" البغدادي بشّر بإلغاء تلك الحدود ("بين العراق وسوريا وسواها" كما قال منذ سنتين)، ما يوحي بأن بديلها هو "الدولة الإسلامية" (داعش).. فيما اضمحلت حدّ العدم كل تصورات أخرى لمصير نهضوي حداثي تحرري وتقدمي مشترك لبلداننا.
ومع هذه الخشية تساؤلات عن سايكس بيكو "جديد" يُطبخ في السر، وهي التساؤلات التي تنسى كم أن القوى الكبرى اليوم واهنة هي نفسها، ومتصارعة ومتعددة ومتناقضة، والأهم، كم أن الاستعمار في عصر العولمة النيوليبرالية تغيّر وبات لا يحتاج لإدارة مباشِرة للبلاد التي يُخضِعها وينهبها، ولا لجيوش محتلة.. ما يجعل مصائرنا تواجه أخطاراً أخرى (لا تقلّ هوْلاً)، ولكنها ليست ثمرة صفقة متماسكة كتلك التي عقدها سايكس ـ بيكو.

 

مقالات من العالم العربي

رحلة البحث عن رغيف

كُل صباح في الأيام الماضية، حينما أجوب الشوارع، لا أجدني سوى باحث عن الخُبز، وأنا حقيقةً لا أستوعب إلى الآن أن الحال وصلت بي - كما وصلت بكُل الناس- إلى...

خالدة جرار مسجونة في قبر!

2024-11-21

"أنا أموت كل يوم، الزنزانة أشبه بصندوق صغير محكم الإغلاق، لا يدخله الهواء. لا يوجد في الزنزانة إلا دورة مياه ونافذة صغيرة فوقه أغلقوها بعد يوم من نقلي إلى هنا...

أطفال عراقيون وسوريون في شوارع الناصرية.. بين التسول واستغلال الشبكات الإجرامية

2024-11-21

حالات الاتجار بالبشر تشمل أيضا استغلال الأطفال في الأعمال الشاقة مقابل أجور زهيدة، بالإضافة إلى استغلالهم لأغراض أخرى، بما في ذلك الترويج وبيع المخدرات. هذه الظاهرة لا تقتصر على الأطفال...

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...