تنطلق في قطر في الفترة من 20 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 18 كانون الأول/ ديسمبر من العام الجاري النسخة 22 من بطولة كأس العالم لكرة القدم للمنتخَبات. وستكون هذه أولَ نسخةٍ تقام في بلدٍ عربيٍ منذ انطلاق تلك المباريات، حيث تستضيف قطر المنتخبات الـ 32 والتي تأهلت خلال الثلاث سنوات الماضية في رحلة تصفيات كأس العالم، بمشاركة 4 منتخبات عربية هي قطر، والسعودية، وتونس، والمغرب.
إلا أنّ الاحتجاجات الرافضة لتنظيم قطر للبطولة تتصاعد في كثيرٍ من الدول الغربية حتى اللحظة. وتصدَّر وسم (#أنا عربي وأدعم قطر) على موقع التواصل الإلكتروني "تويتر" في غالبية الدول العربية كنوعٍ من الدعم الجماهيري العربي رداً على تصريحات وُصفت بالمتحاملة والعنصرية، أدلت بها وزيرة الخارجية الألمانية نانسي فيزر في حوار متلفز قالت فيه: "هناك معايير ينبغي الالتزام بها وسيكون من الأفضل عدم منح حقوق استضافة البطولات لمثل هذه الدول".
أنسنة أوضاع المهاجرين في الخليج؟
09-04-2014
ثمنٌ للرفاه في بلدان الخليج
18-09-2013
وسبق أن واجهت قطر انتقاداتٍ عديدة منذ فوزها باستضافة المونديال في العام 2010. طالت هذه الانتقادات الاتحاد "الدوليّ لكرة القدم" ("فيفا") بتهم الفساد والتواطؤ مع الدوحة باعتبار أنها استخدمت قوتها المالية للفوز بالتنظيم. كما تضمنت الانتقادات موضوع سخرة العمّال الأجانب، على حدّ وصف "منظمة العمل الدوليّة" في العام 2016. نفت قطر تلك الاتهامات واعتبرت أنها "تعرضت لحملة غير مسبوقة لم تشهدها أي دولة مضيفة، بلغ بعضها حد الافتراء" كما قال حاكمها. لكن هل العمال الأجانب في قطر موضع سخرة حقاً؟
البداية
حسب الموقع الرسمي لمنظمة العمل الدولية في قطر، فإنّ الدوحة والتي انضمت إلى المنظمة في العام 1972، لم تصادق سوى على 5 اتفاقيات رئيسية. لاحقاً في العام 2017 أجبرت قطر على توقيع اتفاقية جديدة التزمت بموجبها بإجراء عملية إصلاح واسعة النطاق، بدأ على إثرها برنامج تعاون تقني في نيسان/أبريل من العام 2018، بالتعاون مع المنظمة. وقد وُضعت خمسة أهداف رئيسية تتمثل في تحسين مستوى دفع الأجور، وتعزيز أنظمة تفتيش العمل وأنظمة الصحة والسلامة، واستبدال نظام الكفالة، وتحسين إجراءات التوظيف، وتشديد إجراءات منع العمل الجبري والحماية منه ومقاضاة مرتكبيه، وتعزيز أصوات العمال. وجاء ذلك بعد أن تقدم عدد من المنظمات العمالية بشكوى (1) ضد الدوحة لدى المنظمة الدولية في العام 2014، لعدم مراعاتها الاتفاقية رقم 29 بشأن العمل القسري وأيضاً الاتفاقية رقم 81 بشأن تفتيش العمل، حيث كان نظام الكفالة حتى ذلك الوقت يؤدي إلى تدعيم ما مثّل نوعاً من السُخرة.
بعد ذلك، ومنذ العام 2017، أقرت حكومة قطر تشريعات جديدة تهدف إلى مساعدة العمال الأجانب، تضمنت سنّ قانون العمالة المنزلية، وتشكيل لجان فض المنازعات العمالية، وإنشاء صندوق لدعم وتسريع دفع الأجور غير المدفوعة، وتحديد حد أدنى جديد للأجور، وإنهاء شروط مأذونية الخروج وشهادة عدم الممانعة، بما يسمح للعمال الأجانب بمغادرة قطر وتغيير وظائفهم دون الحصول على إذن أصحاب العمل (2). كما تضمنت التصديقَ على معاهدتين رئيسيتين من معاهدات حقوق الإنسان (تجاهلت الدوحة حق العمال الأجانب في الانضمام إلى النقابات العمالية، وقررت بدلاً من ذلك السماح بقيام لجان عمالية في أماكن العمل فقط). لكن هل نفذت تلك القوانين فعلياً على أرض الواقع؟
حبر على ورق
عند متابعة هذه الإجراءات القانونية يظهر للوهلة الأولى أنّ إصلاحات أساسيّة قد تمّت، بما يعدّ إنجازاً حقوقياً لصالح العمالة الأجنبية التي تصل إلى نحو مليوني عامل يمثلون نحو 85-95 في المئة من حجم العمالة في قطر، ويعملون بشكلٍ أساسيّ في قطاعي البناء والخدمات. لكنّ الوقائع التي جمعتها منظمات دولية تظهر عكس ذلك. فوفق شهادات وثقتها منظمة هيومن رايتس ووتش في العام 2020، تعمّد أصحاب العمل تخفيض الدفع بنسبة 30 في المئة عن الأجر الأساسي للعمّال، كما لم يتمّ تعويضهم عن ساعات العمل الإضافية، إضافة إلى احتجاز راتب الشهر الأول من العمل كوديعة ضمان. كما تظهر الشهادات تعرض نساء عاملات لمضايقات مثل مصادرة جواز سفرهنّ ومنعهنّ من مغادرة أماكن الإقامة لأي سبب عدا العمل، فيما بدا كاحتجاز قسري.
في 2017، أقرت قطر تشريعات جديدة لصالح العمال الأجانب، تضمنت سنّ قانون العمالة المنزلية، وتشكيل لجان فض المنازعات العمالية، وإنشاء صندوق لدعم وتسريع دفع الأجور غير المدفوعة، وتحديد حد أدنى جديد للأجور، وإنهاء شروط مأذونية الخروج وشهادة عدم الممانعة، بما يسمح للعمال الأجانب بمغادرة قطر وتغيير وظائفهم دون الحصول على إذن أصحاب العمل. فهل نفذت فعلياً تلك القوانين؟
في 2019، أصدرت منظمة "أمنستي" تقريراً بشأن 2000 عامل في ثلاث شركات تعمل في إنشاءات كأس العالم لم يتقاضوا رواتبهم لعدة أشهر، على الرغم من تقديمهم شكاوى للجان فض المنازعات العمالية، لكنهم لم يحصلوا على أي تعويضات وغادروا الدوحة دون شيءٍ يذكر. والشهادات المستمرة والبحوث الدولية تشير إلى عدم فعالية السلطات في منع سرقة الأجور أو اتخاذ إجراء حقيقي لوقفها.
فيما وثقت منظمة العمل الدولية في تقرير لها في العام 2020، انتهاكات أخرى متعلقة بمسألة الأجور، وتمثلت في تأخر دفع الأجور للموظفين والعمال داخل شركات تعمل في الإنشاءات الخاصة بالملاعب ومواقع التدريب والفنادق المعتمدة من الاتحاد الدولي ("فيفا")، وأيضاً العمال المشاركين في عمليات توسيع وتحديث نظم المواصلات والطرق والموانئ ومباني الإقامة للزائرين الإضافيين. على سبيل المثال، ظل حوالي 100 موظف في شركة قطر للحديد المجلفن (وهي شركة تصميم وبناء تمّ التعاقد معها من الباطن للعمل في "استاد البيت") لما يقرب من سبعة أشهر دون أن يتقاضوا رواتبهم. وحسب الشهادات الموثقة، فإن تفشي فيروس كورونا أدى إلى مزيد من الانتهاكات بحق العمال المهاجرين فيما يخص مسألة الأجور. وتضخمت الانتهاكات أكثر، ما بين ساعات العمل الإضافية غیر مدفوعة الأجر، أو الاقتطاعات التعسفية، أو تأخر الأجور، أو وقف الأجور، أو أجور غیر مدفوعة، أو أجور غیر دقیقة. ولا يُعد اللجوء إلى إدارة علاقات العمل بالشركات أو إلى لجان فض المنازعات العمالية، أمراً مستحباً بين العمال، خاصة وأنه مكْلف للغاية بالنسبة إلى عمال لا يتلقون أجورهم، إضافةً للخوف من تصعيد الأمور أو من ممارسات انتقامية من صاحب العمل تجاه العامل المشتكي.
الغاز يرسم صورة قطر السياسية
16-01-2013
حقوق الإنسان في الخليج
04-12-2016
حاولت حكومة الدوحة مجابهة التهرب من دفع مستحقات العمال. فاستناداً إلى بيانات أعلنتها وزارة العمل في تموز/يوليو 2022، عوّض الصندوق 36,373 عاملاً من 17 جنسية، داخل قطر وخارجها، بما مجموعه 597,591,986 ريال قطري منذ العام 2020. فيما ذكر مكتب منظمة العمل الدولية في الدوحة في تقريره للعام 2020 - على سبيل المثال - أنه قدَّم شكاوى إلى الوزارة نيابة عن 1,896 عاملاً، وساعد 7,420 عاملاً آخرين. وفي أيلول/ سبتمبر 2019، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً حققت فيه بشأن 2000 عامل في ثلاث شركات تعمل في إنشاءات كأس العالم لم يتقاضوا رواتبهم لعدة أشهر، على الرغم من تقديمهم شكاوى للجان فض المنازعات العمالية، لكنهم لم يحصلوا على أي تعويضات وغادروا الدوحة دون شيءٍ يذكر.
الشهادات المستمرة والبحوث الدولية تشير إلى عدم فعالية النظام في منع سرقة الأجور أو اتخاذ إجراء حقيقي لوقفها بعد. وقد أقرت "اللجنة العليا للمشاريع والإرث" الحكومية نفسها في بيانات رسمية، أنّ معايير رعاية العمال لم تشمل في أعلى مستوياتها سوى حوالي 2 في المئة من العمال الأجانب في البلاد، ولم تشمل العمال المشاركين على نطاق واسع في مرافق البنية الأساسية والخدمات اللازمة لإعداد مباريات كأس البطولة وإقامتها.
ويرى عمال مصريون أن محاولات الدوحة لإلغاء نظام الكفالة شكلية أو كما يسمونها "حبر على ورق". فمنذ العام 2017 تحاول السلطات سنّ قوانين واتخاذ تدابير جديدة من شأنها القضاء تماماً على نظام الكفالة، مثل إلغاء شهادة الممانعة، لكن في حقيقة الأمر ما زال أصحاب العمل يتحملون مسؤولية تأمين وتجديد وإلغاء تصاريح الإقامة للعمال الأجانب، وهو ما يمنحهم استمرارية تقييد حركة العمال والقدرة على تغيير الوظائف أو التخارج بسهولة. وعلى الرغم من إلغاء شهادة الممانعة، إلا أن ممارسات مثل الاستخدام المفرط لشرط عدم المنافسة في عقود التوظيف (3) قد أظهر أنه لا فائدة ترتجى من إلغاء نظام الكفيل، كما أنه ما زال من حق أصحاب العمل إجبار العامل على التوقيع على عقود لمدة خمس سنوات يتعهدون فيها بالالتزام بعدم تغيير وظائفهم خلال تلك الفترة، ما يعني إجبار العمال على العمل تحت ظروف قهرية وقاسية دون القدرة على الإفلات منها بسهولة، إلى جانب عدم قدرتهم على سداد المبالغ التي اقترضوها في البداية لدفعها كرسوم استقدام/توظيف للوكلاء، والتي عادة ما تكون ما بين 400 إلى 5.200 دولار (4). وهو ما يعني إذاً استمرارهم في العمل القسري دون قدرتهم على المغادرة.
احتجاجات عمالية
في شباط/ فبراير 2020، احتج ما يقارب ألف عاملٍ في إحدى شركات التجارة والإنشاءات والتي تعمل في 25 مشروعاً في قطر تتضمن ملعباً من ملاعب كأس العالم، ومشروعات بناء طرق وشوارع محيطة بالملاعب، بسبب تأخر الشركة في دفع أجورهم في الفترة ما بين أيلول/ سبتمبر 2019 وشباط/فبراير 2020. وفي العام 2020 نفسه تظاهر عمال آخرون في منطقة مشيرب، احتجاجاً على تأخر رواتبهم، بينما في تموز/يوليو من العام الجاري قطعت حشود كبيرة من العمال طريق "سلوى"، أحد أهم الطرق الرئيسية في البلاد، احتجاجاً على عدم تقاضي رواتبهم وسوء أحوالهم المعيشية. فيما أظهرت لقطات فيديو نُشرت على الإنترنت 60 عاملاً نظموا احتجاجاً في 14 آب/أغسطس الفائت، خارج مكاتب إحدى الشركات الدولية بالدوحة، وذلك لتأخر حصولهم على الرواتب.
إدارة التوظيف الخارجي النيبالية تقول أن عدد العمال النيباليين العائدين شهد ارتفاعاً خلال الشهور الأخيرة، فعاد نحو 80.000 عامل نيبالي من قطر في الفترة في النصف الأول من السنة الجارية. وقامت السلطات القطرية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بطرد آلاف من العمال يعيشون في مجمعات سكنية وسط العاصمة، في المناطق التي سيقيم فيها مشجعو كرة القدم الزائرون خلال كأس العالم.
كانت تلك بضعاً من الاحتجاجات التي قادها العمال على مدار السنوات الماضية داخل قطر، تنديداً بالانتهاكات التي لحقت بهم. لكن وبما أن القانون القطري لا يمنح للعامل الأجنبي حق تنظيم الإضرابات والاحتجاجات، فقد أعلنت الحكومة عن احتجاز وترحيل العمال بتهمة "خرق قوانين الأمن العام في قطر".
وفيات العمال الأجانب
في شباط/ فبراير 2021، قالت صحيفة الغارديان إن أكثر من 6500 عامل مهاجر أسيوي لقوا حتفهم في قطر منذ فوزها باستضافة كأس العالم وحتى العام 2020، واعتمدت في تقديراتها على الأرقام التي قدمتها سفارات بعض الدول في الدوحة. نفت السلطات القطرية الأمر وأشارت إلى أن الوفيات المسجلة طبيعية ولا علاقة لها بأعمال كأس العالم، كما قالت بأنّ سجلات الحوادث الخاصة بها بين عامي 2014 و 2020، يظهر 37 حالة وفاة بين العمال في مواقع بناء ملاعب كأس العالم ، ثلاث منهم فقط كانت "مرتبطة بالعمل". فيما أعلنت منظمة العمل الدولية إنه في العام 2021 فقط، توفي 50 عاملاً أجنبياً وأصيب أكثر من 500 بجروح خطيرة، بينما أصيب 37600 عاملٍ بجروح خفيفة إلى متوسطة، وذكرت في تقرير لها أن القطاعات الأكثر خطورة على العمال هي قطاعات البناء (46.6 في المئة من حجم الإصابات) والنقل (2.11 في المئة). ويظل من العسير معرفة عدد الأشخاص الذين قضوا نحبهم نتيجة ظروف العمل، لأن السلطات القطرية لم تفتح تحقيقات موسعة من شأنها أن تجعل من الممكن تحديد الأسباب الحقيقية للوفاة (5). وبالإضافة إلى ذلك، فإن تصنيف عدد كبير من الوفيات بأنها من "أمراض القلب" في الإحصاءات الرسمية – وخاصة منذ عام 2016 – ربما يخفي عدداً كبيراً من الوفيات التي ظلت في الواقع دون تفسير.
وأشارت منظمة العمل الدولية ومنظمات أخرى بيئية إلى أن الإجهاد الحراري تَسبّب بمخاطر صحية عالية على العمال المشاركين بمشاريع بطولة كأس العالم، في الوقت الذي يعطي قانون العمل القطري العمال المتوفين وعائلاتهم الحق في الحصول على تعويضات في حالة وفاة أحد أفراد العائلة "بسبب العمل"، فإن "قائمة أمراض المهنة" لا تشمل الوفيات الناتجة عن الإجهاد الحراري. ونتيجةً لذلك تُحرم عائلات المتوفين من الحصول على تعويضات من أصحاب العمل أو السلطات القطرية. وتُظهر الأدلة المتوفرة أن مناخ قطر الشديد الحرارة يمكن أن يلعب دوراً في عدد كبير من هذه الوفيات. وفي محاولة لمعالجة هذه المشكلة سنَّت السلطات القطرية في أيار/مايو 2021 قانوناً يتعلق بالحماية من الإجهاد الحراري تضمَّن طائفة من التدابير، من بينها تمديد ساعات حظر العمل في الصيف بما يعطي العمال الحق في الاستراحة عند الحاجة، وتحديد الحد الأعلى لدرجة الحرارة في مكان العمل، التي تُحظّر فوقها كافة الأعمال.
انتهاكات أخيرة
لم تكن مسألة عدم دفع الأجور أو المعاملة المسيئة من أصحاب العمل أو عدم فتح تحقيقات موسعة حول وفيات العمال في قطر هي الوحيدة والأخيرة. فقبل أشهر قليلة من انطلاق مونديال كأس العالم، فوجئ أصحاب الشركات والعمال بمنشور حكومي يوجههم إلى خفض عدد العمال المهاجرين في البلد، وتحضير خطة استراتيجية لرحيل العمال قبل بدء فعاليات كأس العالم. وطُلب منهم استكمال جميع أعمال الإنشاءات والصيانة بنهاية الأسبوع الثالث من أيلول/سبتمبر الماضي. وبالفعل أنهت كثير من الشركات عقود العمل مع آلاف العمال قبل انتهائها وطالبت بترحيلهم فوراً من البلاد. وبحسب بيانات إدارة التوظيف الخارجي النيبالية، فإن عدد العمال النيباليين العائدين شهد ارتفاعاً خلال الشهور الأخيرة، فعاد نحو 80,000 عامل نيبالي من قطر في الفترة من كانون الثاني/يناير وحتى تموز/يوليو الماضيين.
ساهم مئات الآلاف من العمال المهاجرين في بناء المنشآت الهائلة لجعل إقامة هذه البطولة أمراً ممكناً. لكن كثيرين منهم وجدوا أنفسهم بين فكي نظام عمل يتسم بالسخرة، وفي ظروف مسيئة، فضلاً عن حرمانهم من حقوقهم الأساسية ما بين عدم تلقي أجورهم وحتى ترحيلهم إلى أوطانهم دون الحصول على مستحقاتهم أو مكافأة لنهاية الخدمة.
فيما قامت السلطات القطرية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بطرد آلاف من العمال يعيشون في مجمعات سكنية في وسط العاصمة الدوحة، في المناطق التي سيقيم فيها مشجعو كرة القدم الزائرون خلال كأس العالم، والتي أعلن موقع اللجنة التنظيمية للبطولة عن أنها بنايات فارغة متاحة للإيجار مقابل ما بين 240 و 426 دولارا في الليلة للشقة الواحدة، ما أجبر آلاف العمال على الرحيل الفوري دون أن يتمكنوا من جمع متعلقاتهم الشخصية، وبقي الكثير منهم يفترشون الأرصفة.
العمامة وكرة القدم والفساد
03-07-2013
المغرب: كيف تكشف كرة القدم البنى الذهنية العميقة؟
07-02-2017
في غضون أيام قليلة، ستنطلق البطولة، وستكون لحظة تتويج قطر قد حانت بعد 12 عاماً من الاستثمارات المالية الهائلة، عملت خلالها على بناء ملاعب جديدة لنهائيات كأس العالم، ومطار جديد، ونظام مترو جديد، وسلسلة من الطرق الجديدة وحوالي 100 فندق جديد، إضافة إلى بناء مدينة جديدة بالكامل حول الملعب الذي سيستضيف المباراة النهائية. كل هذا ساهم في بنائه مئات الآلاف من العمال المهاجرين لجعل إقامة هذه البطولة أمراً ممكناً. لكن كثيرين منهم وجدوا أنفسهم بين فكي نظام عمل يتسم بالسخرة، وفي ظروف عمل مسيئة، فضلاً عن حرمانهم من حقوقهم الأساسية ما بين عدم تلقي أجورهم وحتى ترحيلهم إلى أوطانهم دون الحصول على مستحقاتهم أو مكافأة لنهاية الخدمة.
1- قُدِّمت في مؤتمر العمل الدولي في دورته 103: https://www.ilo.org/wcmsp5/.pdf
2- أصبح بموجبه بامكان العمال الوافدين تغيير جهة عملهم قبل انتهاء عقودهم من دون الاستحصال أولاً على شهادة عدم ممانعة من صاحب عملهم، ما يساهم في إلغاء نظام الكفالة. كما استصدر قانون آخر يقضي بتحديد حد أدنى للأجور قيمته 1000 ريال قطري، وينطبق على كافة العمال والجنسيات والقطاعات بما في ذلك العمال المنزليون، إضافة إلى إجبار أصحاب العمل على توفير ظروف سكنية وغذائية لائقة للعمال.
3- تحظر بنود عدم المنافسة على الموظفين العمل في شركة جديدة تعمل في القطاع نفسه لمدة سنة بعد انتهاء عقودهم، غير أن العمال الذين يعملون في قطر والمنظمات التي تدعمهم يقولون إن بعض أصحاب العمل يستخدمون بنود عدم المنافسة بحرية تامة، والنتيجة هي تقييد قدرة العمال على تغيير وظائفهم.
4- قدرت دراسة أجراها "البنك الدولي" في العام 2011 حول الهجرة من نيبال إلى قطر، أن وكلاء الاستقدام في قطر يتلقون عمولات من نیبال تتراوح بین 17 ملیون دولار و34 ملیون دولار كل عام، على الرغم من إنكار الدوحة أن ذلك يتم بشكل رسمي قانوني، وهي أخلّت مسئوليتها عن الأمر وطالبت بحل المشكلة في البلد الأصلي للعامل المهاجر.
5- نشر جهاز التخطيط والإحصاء القطري أرقاماً تُظهر أن ما مجموعه 15,021 شخص من غير القطريين قضوا نحبهم في قطر في السنوات العشر الماضية، لكن دون التطرق إلى أسباب الوفيات.