هناك مدن تدمرت، وأخرى أصبحت تعيش في الفوضى، ومدن أخرى أصابها الركود... أما مدينة مأرب الواقعة شمال شرق اليمن، فقد شهدت تحولات جذرية خلال الحرب المستمرة التي دخلت في آذار/ مارس الماضي عامها الثامن.
هناك زوايا عدة يمكن النظر من خلالها لإدراك هذه التحولات، لكنّ زاوية النزوح الحادة نحو مأرب وفي داخلها تبقى هي الأهم، سواء عند محاولة رصد الازدهار العظيم الذي شهدته المدينة أو لإدراك مقدار تفاعل ملف النازحين مع باقي الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
السر في النازحين
قصة ازدهار مدينة مأرب خلال سنوات الحرب هي في الأساس قصة النازحين الذين توافدوا إليها من مختلف أنحاء البلاد، بخبراتهم ومهنهم وأموالهم، فأصبحت واحدة من أهم التجمعات الحضرية في اليمن.
ففيما كان عدد سكان المحافظة بأكملها قبل اندلاع الحرب يزيد قليلاً عن 500 ألف نسمة، أصبح عددهم اليوم مع تدفق موجات النزوح طوال السبع سنوات الماضية، يقترب من 3 ملايين نسمة. يبلغ عدد النازحين في اليمن، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة 4 ملايين و200 ألف نازح. وقد استقبلت محافظة مأرب لوحدها ما نسبته 62 في المئة من إجمالي عدد النازحين في البلد.
النزوح الصامت في اليمن
11-04-2019
تتشكل المحافظة من 14 مديرية، تتوزع على مساحة تقترب من 18 ألف كيلومتر مربع، ومدينة مأرب عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، هي أكبر المديريات مساحة. حتى ما قبل الحرب، كان التجمع الحضري يشغل حيزاً بسيطاً كان يطلق عليه اسم "المجمع" نسبة إلى المبنى الحكومي الذي توجد فيه المكاتب التنفيذية للمحافظة.
كان المجمع يتشكل من شارعين، الشارع العام وشارع 26 سبتمبر، وبعض الأحياء البسيطة، ولم يكن عدد سكانه يتجاوز الـ 30 ألف نسمة. أما اليوم فقد أصبحت مدينة مأرب مترامية الأطراف، بعدد سكانٍ يقارب المليوني نسمة، فقد جذبت مأرب النازحين فأعادوا صناعتها وبنوا فيها حياة بديلة.
قصة ازدهار مدينة مأرب خلال سنوات الحرب هي في الأساس قصة النازحين الذين توافدوا إليها من مختلف أنحاء البلاد، بخبراتهم ومهنهم وأموالهم، فأصبحت واحدة من أهم التجمعات الحضرية في اليمن.
شُيِدت المدارس والجامعات، زحف البناء العمراني على مساحات واسعة، تشكلت قطاعات خدمية متعددة وتخلقت الفرص مع توافد رؤوس الأموال وأصحاب الاستثمارات. وكان أهم ما حدث هو اختلاط الثقافات المحلية، حيث تشكّل بتناغمٍ بديعٍ يمنٌ مصغر، لينعكس ذلك على حياة المأربي القبيلي المحافظ والذي بات ميالاً للتصالح مع تلاشي الأعراف الاجتماعية التي سادت لمئات السنين، لتحلّ بدلاً عنها قيم جديدة. على سبيل المثال أصبحت المرأة في مأرب أكثر حضوراً في المجال العام بينما لم يكن لها في السابق أيّ أثر يذكر.
الهروب من الحوثي
عقب سيطرة جماعة الحوثي المسلحة على العاصمة اليمنية صنعاء، في 21 أيلول/ سبتمبر 2014 وحتى قبل اكتمال نقلات الانقلاب على الحكومة المعترف بها دولياً، راحت أنظار الجماعة تتجه إلى حيث لا تزال تتجه اليوم، إلى محافظة مأرب الغنية بالنفط.
سارعت الجماعة إلى إرسال حشودها المسلحة أواخر العام 2014 لإخضاع المحافظة التي أصبحت مأوىً للقاعدة وخلايا داعش والتكفيريين بحسب الدعاية الحوثية. على مدى أشهر وقبل اندلاع الحرب بشكل رسمي في اليمن بتدخل "التحالف العربي" أواخر آذار/ مارس 2015، دارت داخل مدينة مأرب وفي محيطها معارك ضارية، وتمكنت قبائلها التي احتشدت خلف المحافظ سلطان العرادة من دحر مسلحي الحوثي إلى خارج أسوار المدينة.
منذ ذلك الحين، وعلى مدى السنوات اللاحقة وفي ظل تصاعد الأحداث واتساع دائرة الحرب، باتت محافظة مأرب قبلة النزوح الأولى. وقد شهدت مدينتها ازدهاراً متسارعاً، لم يكن ليحدث حتى في أكثر الأحلام جموحاً.
كيف غيّرت الحرب مأرب؟
23-11-2017
كان أول المنجذبين خلال النصف الأول من العام 2015 هم القادة العسكريون والجنود الذين رغبوا في القتال في مواجهة الحوثي. ثم في وقت لاحق، التحق بهم المزيد من المجندين بعد فتح باب التجنيد وبدأت عملية تشكيل ألوية عسكرية جديدة. ومع ابتعاد المعارك عن محيط مدينة مأرب، وتعزز الاستقرار الأمني فيها مقارنة بباقي مدن اليمن، اتجه إليها آلاف القادمين من مختلف المناطق الشمالية الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي والذين كانوا يواجهون مضايقات "الجماعة" بسبب رفضهم لسلطتها وأحياناً لمجرد انحدارهم من أسر محددة أو من خلفيات سياسية ومذهبية لا تتفق مع توجهات ومعتقدات الحوثيين.
الأفق الوطني
ساهمت الممارسات التعسفية بحق المنتمين إلى محافظات الشمال والخطاب المناطقي الذي ساد في عدن والكثير من مناطق الجنوب، في تعزيز عنصر الجذب نحو مأرب، وبدا أنّ للمحافظة الشماليّة أفقٌ وطنيٌ دَعّمَه ترحيب قبائلها وسلطاتها بالقادمين. وبهذا، صارت مأرب بمثابة ملاذٍ وقلعة أخيرة للدفاع عن الوطن الآخذ بالتلاشي.
كان عدد سكان المحافظة بأكملها قبل اندلاع الحرب يزيد قليلاً عن 500 ألف نسمة، أصبح عددهم اليوم مع تدفق موجات النزوح طوال السبع سنوات الماضية، يقترب من 3 ملايين نسمة. يبلغ مجمل عدد النازحين في اليمن، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، 4 ملايين و200 ألف نازح. وقد استقبلت محافظة مأرب لوحدها 62 في المئة من إجمالي عدد النازحين في البلد.
سارعت جماعة الحوثيين إلى إرسال حشودها المسلحة أواخر العام 2014 لإخضاع المحافظة. على مدى أشهر وقبل اندلاع الحرب بشكل رسمي في اليمن بتدخل "التحالف العربي" أواخر آذار/ مارس 2015، دارت داخل مدينة مأرب وفي محيطها معارك ضارية، وتمكنت قبائلها التي احتشدت خلف المحافظ من دحر المسلحين الحوثيين إلى خارج أسوار المدينة.
وقد زادت الاضطرابات الأمنية وتصاعدت الأزمة السياسية، لتأخذ طابعاً عسكرياً في بعض المرات، مع سيطرة "المجلس الانتقالي الجنوبي" (1) على مدينة عدن التي أُعلِنَت منذ الانقلاب الحوثي على السلطة في صنعاء، عاصمةً مؤقتةً للبلاد. وقد قصم ظهر البعير ما حدث في آب / أغسطس 2019، عندما اندلعت معارك عسكرية داخل عدن بين قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي - ممثل السلطة المعترف بها دولياً – وقوات "المجلس الانتقالي" أدت الى طرد هادي وقواته من داخل المدينة بعدما تدخل الطيران العسكري لدولة الإمارات لإسناد "المجلس الانتقالي" الموالي لها.
وعلى الرغم من ضعف واغتراب الحكومة الرسمية في العاصمة السعودية الرياض، إلا أنّ نجاح قبائل مأرب المسلحة والسلطة المحلية فيها في صدّ الحوثيين عن مأرب، أكسب هذه السلطة المحليّة نوعاً من الفاعلية والاستقرار. كما مكّنها من توفير الأمن النسبي في المدينة، في وقتٍ غاب فيه عن معظم ربوع اليمن، وهو ما شكّل أيضاً أحد عناصر الجذب إلى مأرب.
وتتشكل محافظة مأرب بالأصل من عدد من التجمعات القبلية، تحتكم لقواعد عرفية توارثتها عبر أجيال. إنّ قوة الهوية القبلية العابرة للانتماءات السياسية، مكّنت مأرب من التوحد في مواجهة الحوثي. لكن وللمفارقة، خلال سنوات الحرب، تواجدت قواعد الدولة والسلطة في مأرب أكثر من سواها، على الرغم من غَلَبَة الأعراف القبيلة وحكمها للمجتمع المأربي.
ساهمت الممارسات التعسفية بحق المنتمين إلى محافظات الشمال والخطاب المناطقي الذي ساد في عدن والكثير من مناطق الجنوب، في تعزيز عنصر الجذب نحو مأرب، وبدا أنّ للمحافظة الشماليّة أفقٌ وطنيٌ دَعّمَه ترحيب قبائلها وسلطاتها بالقادمين. وبهذا، صارت مأرب بمثابة ملاذٍ وقلعة أخيرة للدفاع عن الوطن الآخذ بالتلاشي.
ولعلّ هذا يعود إلى اكتساب مأرب خلال تلك السنوات رمزية سياسية. فقد كانت حتى نيسان / ابريل (2) المنصرم بمثابة عاصمة سياسية غير معلنة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً. وكانت آخر معقل للحكومة في شمال اليمن (3) بعد أن طُرِدت من عدن أكثر من مرة. ويوجد في مأرب مقر وزارة الدفاع ومقرات ثلاث مناطق عسكرية.
إنّ زيادة عدد السكان يعني حاجتهم إلى خدمات أكثر. فما كان يطلق عليه مجازاً اسم مدينة مأرب لم يكن فيها قبل الحرب سوى ثلاثة مطاعم، ثمّ بدأت الاستثمارات المتوسطة تتدفق على المدينة، الأمر الذي جذب الآلاف من القوى العاملة التي كانت قد تضررت بمجرد اندلاع الحرب في البلاد.
النفط والغاز
هناك عامل آخر ساهم في ازدهار مأرب إلى جانب طاقة النزوح، هو عائدات النفط الهائلة. تعدّ المحافظة غنيةً بالنفط، وعلى الرغم من توقف التصدير في ظل الحرب إلا أنّ إنتاج الغاز لم يتوقف وظلت مأرب تغطي نحو 90 في المئة من احتياجات السوق المحلية، في الوقت الذي كانت السلطات المحلية قد أوقفت توريد العوائد إلى البنك المركزي في صنعاء خلال العام الأول من الحرب. تمّ تخصيص جزء كبير من عائدات الغاز لصالح البنية التحتية التي كان عليها أن تواكب حجم التوسع العمراني الهائل والسريع والذي زاد الضغط على الخدمات الأساسية.
استفاد من هذه الخدمات بعض النازحين بالدرجة الأولى، أي هؤلاء الذين فروا من "الحوثي" بأموالهم ووظائفهم ومراكزهم الاجتماعية، كونهم يستطيعون استئجار منازل بأسعار خيالية، وحتى يمكنهم شراء الأراضي والبناء عليها، بعكس البسطاء من النازحين –أيضاً - الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على العيش في مخيمات بدائية في أطراف المدينة ووسط الصحراء حيث لا تتوفر أبسط الخدمات.
سيادة العفوية
قدمت مأرب خلال سنوات الحرب – مقارنة بباقي محافظات اليمن - نموذجاً مقبولاً، عندما يتعلق الأمر بالدولة وتجسيدها في واقع ملتهب. لكن بالنظر إلى ملف النازحين، وعلى الرغم من إسهاماتهم في دفع عجلة الحياة إلى الأمام، فقد ظلّ التعامل معهم في مجمله عفوياً، إذ لا تزال النسبة الأكبر من طاقة النزوح المتاحة مهدورة.
تتشكل محافظة مأرب بالأصل من عدد من التجمعات القبلية، تحتكم لقواعد عرفية توارثتها عبر أجيال. إنّ قوة الهوية القبلية العابرة للانتماءات السياسية، مكّنت مأرب من التوحد في مواجهة الحوثيين.
لم نرَ سياسات حكومية تعمل على توطين النازحين وتحسين ظروف حياتهم، والأهم توظيف طاقاتهم في عملية البناء والتنمية من منظور أوسع. كان يمكن على سبيل المثال لقطاع الزراعة أن يستوعب أكثر من نصف طاقة النزوح. فمأرب بحسب المركز الوطني للمعلومات، "تحتل المرتبة الثالثة من بين محافظات اليمن في إنتاج المحاصيل الزراعية بنسبة 7.6 في المئة من إجمالي إنتاج المحاصيل الزراعية بعد محافظتي الحُديدة وصنعاء، وأهم محاصيلها الزراعية الفواكه والحبوب والخضروات".
ومع انخراط أبناء القبائل في الحرب، ولأنّ النشاط المفضل لهم هو الرعي، فإنّ استيعاب طاقة النزوح في قطاع الزراعة كان سيجذر نهضة مأرب، ويؤمن حلاً لأكبر أزمة إنسانية على مستوى البلد. وبالطبع ليس فقط في قطاع الزراعة، ففي أراضي مأرب وأيضاً بحسب المركز الوطني للمعلومات، الكثير من المعادن غير النفط، لكنّنا لم نسمع عن مشاريع اقتصادية تركّز على هذه القطاعات.
حتى الاستثمار في الخدمات، يحمل في معظمه طابعاً مؤقتاً، حيث يفضل إقامة "الهناجر" (مستودعات معدنية تكاليفها أقل مقارنة بالمباني) تحسباً لتغير الظروف السياسية والعسكرية وحتى يسهل نقلها بعد انتهاء الحرب... الأمر الذي يجعل مأرب أشبه بتلك المدن التي كانت تقام عندما تستوطنها شركات الهند الشرقية لبضعة أعوام ثم ترحل مخلفةً "عاصفة أوراق" كما تروي بعض الأعمال الأدبية.
كانت قبائل مأرب أكثر وعياً وأظهرت تقديراً سياسياً عالياً عندما رحبت بالنازحين واستضافتهم على أرضها، فهي تعرف أنّ معركة مواجهة الحوثي ليست معركة سهلة، وتعرف أنّ انشغال أبنائها بالحرب سيعني ترك فراغ على مستوى رعاية المصالح التي كانوا يقومون بها في أوقات السلم. لهذا لم تتعامل القبائل مع القادمين على أنهم نازحون، بل مواطنون يمنيون من حقهم أن يعملوا ويبنوا المنازل ويستوطنوا.
لكن السياسة فشلت في ذلك وظلت السلطة المحلية تتعامل مع القادمين غير القادرين على شراء الأرض وبناء المنازل على أساس أنهم نازحون يسكنون في الخيام. ظهر ذلك من خلال اكتفائها بنشاط الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين. وتعمل هذه الوحدة مع المنظمات الأجنبية أكثر مما تعمل مع السلطة المحلية. وهي في الأساس وحدة مستحدثة وجزء كبير من نشاطها يتقاطع مع وظيفة وزارة التخطيط ومكتبها في المحافظة.
شهدت الأوضاع العسكرية خلال العامين الأخيرين تبدلات دراماتيكية، وكان العام 2021 جحيمياً بالنسبة للنازحين ممن بقوا في المخيمات على اطراف المدينة، حيث أصبحوا ينزحون مجدداً في كل مرة تقترب المعارك من مخيماتهم. "هناك أسر نزحت خمس مرات" بحسب ما وثّقت تقارير إعلامية. أُغلِقَت الطرقات الرئيسية، وزرعت بالألغام مما قد حدَّ من وصول المساعدات إلى مخيمات النازحين.
لم تتبنَّ السلطة المحلية مشاريع مستدامةً لتوطين النازحين وحل مشاكلهم والاستفادة من طاقتهم. إذا لم يكن من منطلق أنّهم مواطنون يمنيون فروا من الحرب ويستحقون حياة لائقة، ولأنّ هناك موارد كافية، فعلى الأقل من منطلق براغماتي يتعلق بمأرب ذاتها. فهذه الفرصة قد لا تتكرر.
ولا يزال معظم النازحين يعيشون في مخيمات وسط الصحراء في ظروف طبيعية قاسية، حيث ترتفع درجة الحرارة في الصيف، ويكون في الشتاء الصقيع شديداً. وقد شهدت مأرب خلال الأعوام الأخيرة عدة فيضانات أودت بحياة عشرات الأسر. وتعاني معظم مخيمات النزوح من افتقارها لأبسط الخدمات فلا مدارس ولا مراكز صحية، ولا حتى مخيمات لائقة.
نزوحٌ داخل النزوح
شهدت الأوضاع العسكرية خلال العامين الأخيرين تبدلات دراماتيكية. وبدلاً من الوضع السابق عندما كانت مأرب بمثابة قاعدة لاستعادة العاصمة صنعاء التي كانت القوات الحكومية تعسكر على مشارفها، تمكن الحوثي من قلب المعادلة لصالحه بعد سيطرته على أجزاء واسعة من محافظة مأرب – من دون المدينة - وأيضاً توسع سيطرته في المحافظات الثلاث المجاورة (الجوف، البيضا، شبوة). وهكذا أصبحت مأرب مهددة بالسقوط.
مَثَّلَ هذا التحول الجديد تهديداً كبيراً لمجتمع النزوح الضخم. كان العام 2021 جحيمياً بالنسبة لهم حيث أصبحوا ينزحون مجدداً في كل مرة تقترب المعارك من مخيماتهم. "هناك أسر نزحت خمس مرات" بحسب ما وثّقت تقارير إعلامية. أُغلِقَت الطرقات الرئيسية، وكانت تُزرَع بالألغام أي منطقة وصل إليها مسلحو جماعة الحوثي. وقد حدَّ هذا الأمر من وصول المساعدات إلى مخيمات النازحين. ليس هذا فحسب بل نتيجة لذلك ارتفعت الأسعار وانعدمت البضائع في بعض مناطق مأرب.
كما سقطت صواريخ بالستية على مخيمات النازحين، وبثت آلة الدعاية الحربية التابعة لجماعة الحوثي إشاعاتٍ حول استخدام مخيمات النزوح كدروع بشرية وأحياناً قالت أنّه تستوطن فيها "جماعات متطرفة" إشارة إلى القاعدة أو داعش. وكان ذلك لتبرير القصف وحمل النازحين على المغادرة من المناطق التي كانت الجماعة تخطط للاستيلاء عليها كمقدمة للاستيلاء على كامل المحافظة.
مطلع نيسان /أبريل المنصرم، أعلن عن هدنة انسانية لمدة شهرين. وعلى الرغم من أنّ القيادة السياسية الجديدة تشدد دائماً على رغبتها في تمديد الهدنة والوصول إلى اتفاق سلام مع جماعة الحوثي، إلا أنّ الأخيرة أوقفت هجماتها على السعودية في إطار الهدنة لكنّها تواصل القصف على مأرب.
يشير ملف النازحين إلى أنّ تحولات مأرب العاصفة تخبو بل وتنقلب اتجاهاتها. فبينما كان يمكن لهؤلاء في حال حظوا بحياة لائقة أن يصبحوا بمثابة جيش احتياطي للدفاع عن حياتهم الجديدة والدفاع عن ازدهار مأرب وحمايتها، ها هم اليوم يعيشون في مأساة قابلة للتوسع والانشطار مع أول متغير قادم قد لا يكون في صالحهم أو في صالح مأرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في السابع من نيسان/ ابريل المنصرم، أعلن الرئيس عبد ربه منصور هادي، عن تفويض صلاحياته الرئاسية لمجلس قيادي برئاسة رشاد العليمي وعضوية 7 آخرين بدرجة نائب بينهم محافظ مأرب سلطان العرادة. وبعد 10 أيام من الإعلان وصل رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي ومعهم الحكومة وأعضاء البرلمان إلى عدن لتأدية اليمين الدستورية، كما ظهر وزير الدفاع في عدن لأول مرة منذ تعيينه. وقد ينعكس هذا التحول استقراراً لعدن كعاصمة مؤقتة وقد تفقد مأرب إحدى ميزاتها كحاضنة بديلة لوزارة الدفاع ولبعض المؤسسات السيادية.
(2) مأرب هي آخر معقل للحكومة الرسمية في شمال اليمن، إلى جانب أجزاء من تعز. ولكن تعز لم تصبح حاضنة بديلة للحكومة بسبب الفشل في إنهاء حصار المدينة المفروض عليها من ثلاث جهات منذ ستة أعوام، وأيضاً لكون قرابة نصف ريفها مقسّم بين جماعة الحوثي وقوات "المقاومة الوطنية" بقيادة طارق صالح ابن أخ الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
1- هيئة سياسية أعلنت في عدن في أيار/ مايو 2017 وتضم ممثلين عن المحافظات الجنوبية التي كانت جغرافياً تشكل ما كان يُعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وتدعمها دولة الإمارات بقوة
2- في السابع من نيسان/ ابريل المنصرم، أعلن الرئيس عبد ربه منصور هادي، عن تفويض صلاحياته الرئاسية لمجلس قيادي برئاسة رشاد العليمي وعضوية 7 آخرين بدرجة نائب بينهم محافظ مأرب سلطان العرادة. وبعد 10 أيام من الإعلان وصل رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي ومعهم الحكومة وأعضاء البرلمان إلى عدن لتأدية اليمين الدستورية، كما ظهر وزير الدفاع في عدن لأول مرة منذ تعيينه. وقد ينعكس هذا التحول استقراراً لعدن كعاصمة مؤقتة وقد تفقد مأرب إحدى ميزاتها كحاضنة بديلة لوزارة الدفاع ولبعض المؤسسات السيادية.
3- مأرب هي آخر معقل للحكومة الرسمية في شمال اليمن، إلى جانب أجزاء من تعز. ولكن تعز لم تصبح حاضنة بديلة للحكومة بسبب الفشل في إنهاء حصار المدينة المفروض عليها من ثلاث جهات منذ ستة أعوام، وأيضاً لكون قرابة نصف ريفها مقسّم بين جماعة الحوثي وقوات "المقاومة الوطنية" بقيادة طارق صالح ابن أخ الرئيس السابق علي عبد الله صالح.