في كانون الأول 2014، ارتفع صوت السجان في سجن نفحة مناديًا على أسرة الأسير عبد الكريم الريماوي معلنًا أنه حان دورها في الزيارة. وقفت ليديا حاملة بين يديها طفلها مجد (ثلاثة أسابيع)، وبجانبها طفلتها رَند، وتوجهتا كالعادة مسرعتين بشوقهما إلى باب الزيارة. ارتفع صراخ السجان سائلًا ليديا عمّا تحمله بين يديها. ليديا: هذا مجد، ابن عبد الكريم. ليردّ السجان: كذابة، عبد الكريم في السجن منذ 12 عامًا، وانضم إليه سجان آخر ثم ثالث، مؤكدين كلامه. وظلت ليديا تكرر الإجابة ذاتها: هذا ابن عبد الكريم.
كانت هذه اللحظة الأولى التي عرفت فيها إدارة السجن أن عبد الكريم الريماوي من قرية بيت ريما شمال رام الله، المحكوم بالسجن 25 عامًا والمعتقل منذ عام 2000، قد نجح قبل نحو 10 أشهر بتهريب النُّطف من داخل السجن، ليكون ثاني أسير فلسطيني بعد الأسير عمار الزبن ينجح في هذه التجربة.
في 13 آب 2012، كانت ليديا متجهةً إلى عملها حينما سمعت عبر الإذاعة خبر ولادة أول طفل لأسير من خلال نطف هُربت من داخل السجن، كان مهند ابن الأسير عمار الزبن المحكوم بالسجن المؤبد. شعرت ليديا أن الحلم الذي لطالما شغل بالها وبال عبد الكريم لم يعد مستحيلًا. تقول ليديا: «ما إن تمكنت من زيارة عبد الكريم حتى تحدثنا بالموضوع، واتفقنا فورًا أننا سنخوض التجربة (..) واتفقنا أن تهريب النُّطف سيكون في الزيارة القادمة».
في الزيارة التالية، استغل عبد الكريم انشغال السجانين مع أحد الأسرى، وعبر شباك الزيارة في سجن النقب -والذي كان في حينه ما زال شبكًا قبل أن يتم تحصينه بالزجاج المقوى- أعطى زوجته ليديا النطف المهربة. «أخذتها سريعًا وخبأتها في ملابسي. كانت لحظات صعبة وخفنا اكتشافنا من قبل السجانين (..) كنت قد تحدثت في اليوم السابق مع مركز رزان وأخبروني أن احتفظ بها بمكان دافئ، وأكدوا لي أنهم سيفتحون لي باب المركز ولو كان ذلك بعد منتصف الليلة».
في العاشرة ليلًا وصلت ليديا مع اثنين من عائلتها، واثنين من عائلة زوجها، إضافة لاثنين من الشهود تواجدوا خلال الزيارة -بهدف التأكيد على أنها كانت في زيارة زوجها واستلمت منه النطف- إلى مركز رزان التخصصي لعلاج العقم وأطفال الأنابيب، حيث وضعت النطف واحتُفظ بعينتين منها بعد فحصها أمام العائلة والتأكد من سلامتها. في تلك الأثناء، أخبرت ليديا شيخ القرية أنها وزوجها نجحوا في تهريب النطف، وأنها ستقوم بعملية الزراعة في الأيام القليلة المقبلة.
بعد 15 يومًا من خضوع ليديا لعملية الزراعة وثبوت الحمل، أعلن الشيخ في خطبة الجمعة أن ليديا حامل بجنين من زوجها الأسير بعد تهريب نطف من داخل السجن، وقد شكل هذا الإعلان دعمًا وإسنادًا مجتمعيًا لليديا وزوجها. تقول ليديا: «تعاطف أهل البلد معنا بشكل كبير، كانوا الداعم الأساسي لنا في تجربتنا (..) حتى اليوم ما زال أهالي القرية يشجعونني أن أكرر التجربة، وهو ما دفعني لتكرار التجربة فعليًا ثلاث مرات أخرى، ولكنها لم تنجح». مضيفةً: «فور ولادتي مجد، أعلن شيخ المسجد عبر سماعات المسجد عن ولادة مجد، وبدأ الخبر بالانتشار في القرية، وقد تحول ذلك اليوم إلى عيد في بيت ريما، الجميع كان يُبارك ويهنئ، ووزع الأهالي الحلوى في الشوارع».
بقية المقال على موقع "حبر".