منذ 2011، لم يمضِ الناشط السياسي علاء عبد الفتاح سنة كاملة "على بعضها" خارج السجن. منذ عامين، يتم تجديد حبسه بدون محاكمة ولا أفق، ويوم 13 أيلول/ سبتمبر 2021 جُدد حبسه مرة أخرى وبدون حضوره. علاء عبد الفتاح الذي فقد والده وهو في السجن ولم يستطع أن يكون مع ابنه بصورة طبيعة في أي يوم منذ ولادته، يقول لعائلته ولنا وللعالم أنه تعب جداً ـ
جداً، إلى الحد الذي دفعه للتفكير بإنهاء حياته. "قولوا لليلى سويف (أمّه) تاخد عزايا"، قال بكل مرارة، قبل أن يطمئن أمه وأسرته في اليوم التالي بأنه سيحاول المواصلة على الرغم من كل شيء.
تقدم المحامي خالد علي لرئيس مصلحة السجون بطلبٍ لنقل علاء من سجن شديد الحراسة 2 طرة إلى سجن آخر، خاصة أنه يتعرض للتنكيل والحرمان من حقوق التريّض وإدخال كتب والصحف والراديو وحق المكالمة التليفونية، ما عرّضه لضغوط هائلة وصلت إلى حد قوله بأنه سينتحر! كما طلب فريق الدفاع إعطاء التصريح لاستشاري نفسي خاص محدد من قبل أسرة علاء بعقد جلسات علاج معه، بالإضافة للتصريح للمحامين بزيارته فى محبسه.
ننشر هنا تطورات الأيام القليلة الماضية في حالة علاء، كما بينها بيان أسرته ورسالته في اليوم التالي.
*****
بيان من أسرة علاء عبد الفتاح: تدهور حالة علاء النفسية يهدد حياته!
(...)
علاء تم نقله اليوم لمعهد الأمناء بطرة في مأمورية تأمين خاصة منفردة. ورغم وجوده في الحبسخانة - في زنزانة منعزلة تفصله عن باقي المساجين - في قبو المعهد، لم يحضر جلسة نظر أمر تجديد حبسه نفسها، وفور انتهائها أعادوه لمحبسه بدون عرضه على القاضي أو لقاءه المحامين. بعد تمسك المحامين برؤية علاء وشرح ملابسات ما حدث مع والدته وحاجتنا الاطمئنان عليه، طلب القاضي حضوره وتم بالفعل.
فوجئ علاء أن نظر تجديد حبسه تم وانتهاء الجلسة دون حضوره، فتكلم عن استمرار الانتهاكات بحقه في سجن شديد الحراسة ٢، وعن "استقصاد" ضابط الأمن الوطني له، وتخاذل النيابة عن حمايته والاستجابة لبلاغاته وشكواه المتكررة. وأنهى كلامه للمحامين برسالة لوالدته "قولوا لليلى سويف تاخد عزايا".
اليوم يقترب علاء من إنهاء سنتين سجن في شديد الحراسة ٢ بطرة على ذمة القضية ١٣٥٦/٢٠١٩ جنايات أمن دولة طوارئ، وهي المدة القصوى للحبس الاحتياطي طبقاً للقانون المصري. متوقع إحالة القضية للمحكمة قريباً لأن كل المؤشرات تؤكد إصرار الدولة على استمرار حبس علاء لأجل مفتوح. علاء محبوس في زنزانة بسجن شديد الحراسة ٢ في ظروف شديدة السوء منذ ليلة وصوله السجن والاعتداء عليه حتى يومنا هذا. وقد ازدادت حدة – وفجاجة - الانتهاكات التي تمارسها إدارة السجن بشديد الحراسة ٢ بشكل مضاعف خلال الشهور الأخيرة تجاه كل المساجين بشكل عام، وتجاه علاء بشكل خاص، بعد تقديمنا أكثر من بلاغ ضد مأمور السجن، ورئيس مباحث السجن وائل حسن، وضابط الأمن الوطني المسؤول بالسجن وليد أحمد الدهشان، والمعروف باسم أحمد فكري .
كل ما سبق، ومع الأخذ في الاعتبار أن علاء ينتقل بين سجون طرة المختلفة منذ عام ٢٠١٣ وتزداد حدة الانتهاكات التي يُفرض عليه التعايش معها يومياً، في ظل إدارات سجون لا تحترم ولا تخضع للقوانين ونيابة تتجاهل تماما كل بلاغاتنا واستغاثاتنا، وضباط متمسكين بالاستمرار في جرائمهم وتصعيد أذاهم ربما لدفعه لتلك النقطة تحديداً: النقطة التي يتحدث فيها علاء عن الانتحار.
نحن، أسرة علاء، سلكنا كل المسارات القانونية المتاحة، ناشدنا كل الجهات والمسؤولين، واستخدمنا كل سبل الاحتجاج السلمي لعرض موقفنا وقضيتنا والمطالبة بوقف استهداف العائلة والتنكيل بأفرادها وبالأخص علاء.
والآن نجد أنفسنا هنا: علاء في خطر وشيك، صحته النفسية تتهاوى بعد سنتين من التخطيط المحكم والتنفيذ الدقيق من الداخلية والأمن الوطني، يبعث رسالة لوالدته أن تستقبل عزاه! حياته في خطر، في سجن يعمل تماماً خارج مساحة القانون وفي تجاهل تام من كل المسؤولين وعلى رأسهم النائب العام ووزير الداخلية ووزير العدل، ورئيس الجمهورية بالطبع.
أنقذوا حياة علاء
أنقذوا حياة من تبقوا من أسرتنا
أوقفوا جرائم الداخلية في سجن شديد الحراسة ٢ بطرة
أسرة علاء عبد الفتاح
13 أيلول/سبتمبر 2021
****
نصّ رسالة علاء لوالدته ليلى سويف في اليوم التالي لتجديد حبسه
14 ايلول/سبتمبر 2021
"إزيك يا ماما، أنا آسف إني قلقتك عليّ.
الفترة اللي فاتت كانت صعبة قوي وإحساس إن عمري كله هقضيه هنا مسيطر عليا أو على الأقل عمر اللي حابسني بدون داع ولا سبب. ومش عارف أتخيل دوري تجاه خالد (ابنه) هيبقى إيه لو فضلت أشوفه ثلث ساعة كل كام شهر لحد ما يبقى مراهق وخيالي مقفول تماماً بالنسبة لأيّ شكل حياة بعد اللي انا فيه، بس الأصعب هو استمرار الوضع ده، مقفول عليا ٢٤ ساعة مبعملش أي حاجة، مفيش ولا نشاط ذهني غير ماتش شطرنج واحد في اليوم، ويوم ويوم بطبخ. بس أنا برضه قوي وهستحمل عشان خاطرك إنت ومش مثبتني غير عهد على نفسي إن أنا اللي هدفنك واتلقى فيكي العزاء مش العكس، ده دلوقتي التزامي الوحيد في الحياة. أنا بس مضغوط جداً الفترة اللي فاتت ومعزول بزيادة وامبارح كان يوم مرهق أخدوني حطوني انفرادي في الحبسخانة ورجعوني تاني من غير ما اتعرض وبعد ساعتين خدوني تاني والقاضي قال إيه شايف إنه عمل جميلة فأنا انفجرت في وش الجميع لكن هجمد وهتماسك متخافيش عليا.
بحبكم جداً جداً، واحشنّي جداً جداً.
علاء".