هل يتطور الإعلام الموريتاني؟

أربع قنوات تلفزيونية خاصة، والخامسة في طريقها إلى البث، وثلاث قنوات رسمية (حكومية)، وخمس محطات إذاعية خاصة وثلاث إذاعات رسمية، وأكثر من مئة موقع إخباري تُحدَّث يومياً وتزداد بشكل ملحوظ. وعشرات الجرائد... هذه هي حالة المشهد الإعلامي الموريتاني. وهي وضعية تفتح اليوم العديد من النقاشات حول واقعه وقيمة ما يقدمه للجمهور، والمعوقات أمام المنشغلين فيه، ومستقبله.رغم هذا العدد من القنوات
2014-04-02

أحمد ولد جدو

كاتب ومدون من موريتانيا


شارك
من الانترنت

أربع قنوات تلفزيونية خاصة، والخامسة في طريقها إلى البث، وثلاث قنوات رسمية (حكومية)، وخمس محطات إذاعية خاصة وثلاث إذاعات رسمية، وأكثر من مئة موقع إخباري تُحدَّث يومياً وتزداد بشكل ملحوظ. وعشرات الجرائد... هذه هي حالة المشهد الإعلامي الموريتاني. وهي وضعية تفتح اليوم العديد من النقاشات حول واقعه وقيمة ما يقدمه للجمهور، والمعوقات أمام المنشغلين فيه، ومستقبله.
رغم هذا العدد من القنوات والإذاعات والمواقع الإخبارية الخاصة، إلا أن صوت التذمر من ضعف أداء الإعلام الموريتاني لم يخفت بل علا أكثر من ذي قبل. فالانتقادات توجّه بشكل كبير لمضمون الإعلام الخاص، كما كان يحدث مع الإعلام الرسمي الذي يعبر عن وجهة نظر الحكومة. البرامج حسب المراقبين مكررة والأفكار التلفزيونية التي تظهر في القنوات الخاصة مجترة، ولا تختلف كثيراً عن الإعلام الرسمي. حتى أن الجانب التقني أحياناً يكون أفضل في الإعلام الرسمي. وكذلك الأمر بالنسبة للمواقع والجرائد، فالقص واللصق هما سيدا الميدان، ويبدو أن السبب في ذلك يعود إلى ضعف الكادر البشري. ففي موريتانيا لا توجد كلية للإعلام ولا معاهد تخرّج الصحافيين وأغلب العاملين في مجال الصحافة والإعلام من الهواة، ولا توجد سياسات لتكوين وتأطير وتطوير مهارات المنخرطين في الحقل الصحافي، وهو ما ينعكس بشكل كبير على المنتَج الإعلامي الموريتاني. ولعل الضعف يرجع أيضاً إلى المردودية المالية الضعيفة للعمل في قطاع الإعلام. فالذين يملكون رخص القنوات الخاصة أغلبهم رجال أعمال موالون للنظام ولا علاقة لهم بالأصل بالإعلام، ويُصرّون لحد الآن على عدم إبرام أي عقود عمل مع العاملين في قنواتهم وإذاعتهم، وهو ما يظهر جلياً في أداء القنوات والإذاعات. وقد شهد قطاع الإعلام مجموعة من الاستقالات من المؤسسات، وصلت في إحدى المؤسسات إلى استقالة كل الطاقم، وفي أخرى إلى استقالة مدير القناة. فطريقة تعامل أرباب العمل مع العاملين في قطاع الإعلام في موريتانيا جعلت الكثير من الصحافيين من أصحاب الخبرات والكفاءات يغادرون موريتانيا بحثاً عن فرص أكثر ملاءمة لهم.
يضاف إلى ذلك ما يعانيه الصحافي في موريتانيا من حجب للمعلومات، فالمؤسسات الحكومية لا تتعاون معه، ولا يوجد ما يجبرها على عدم حجب المعلومات. بالاضافة إلى التضييق من قبل قوى الأمن، خاصة أثناء تغطية الاحتجاجات، فكثيراً ما يتعرض الصحافي نفسه للقمع والاعتقال (في آخر عمليات التضييق على الصحافيين تمّ توقيف ستة منهم في شهر آذار/مارس الفائت ومسحت محتويات كاميراتهم). وتقوم كذلك الهيئة المشرفة على القطاع السمعي البصري (المعروفة بـ«الهابا») بتهديد أصحاب القنوات بسحب الرخصة منهم، وكان آخر مظاهر ذلك هو ما تعرّضت له قناة «المرابطون» بعد أن تم اتهامها بالتحريض على العنف، وقامت مجموعات محسوبة على النظام بحملات ضدها متهمين إياها ببث العنصرية والإرهاب. ومؤخراً قرر رئيس الجمعية الوطنية منع الصحافيين من تغطية جلسات البرلمان الموريتاني!
التبعية وعدم الاستقلالية لا يقتصران على الإعلام الرسمي (الحكومي ) وإنما تصل التهمة إلى الإعلام الخاص، حيث تكاد لا تسلم مؤسسة صحافية موريتانية من ربطها بجهة معينة: إما بالمخابرات الموريتانية أو بزعماء القبائل أو بالأحزاب السياسية أو بتيارات إيديولوجية أو برجال أعمال أو بالنظام نفسه، أو حتى بإحدى الدول المجاورة لموريتانيا... وهو ما يجعل الإعلام دعائياً ولا يتورع عن بث الأكاذيب لترويج فكرة معينة أو لتشويه جهة أو تيار معين.
وعلى الرغم من كل تلك المعوقات والانتقادات التي توجه للاعلام الموريتاني بجميع وسائطه، إلا أن الاعلام الخاص استطاع ولو بشكل بسيط أن يكسر احتكار الحكومة للفضاء، وأن يشرخ الجدار الذي كانت تضعه الحكومة أمام أي إطلاع على المجريات في موريتانيا، حيث نجح في تمرير بعض الأصوات والأفكار المحجوبة في الإعلام الرسمي، وساهم في توعية الرأي العام ولو بشكل غير مرضٍ.
ورغم الجو غير الملائم لنشوء إعلام محترف ومهني، تظهر تجارب إعلامية تعمل بجد. ومع مرور الوقت ونضوج تجربة المنخرطين فيها خاصة من الشباب، سيكون للإعلام الخاص تأثير أكبر في صناعة الرأي العام، خاصة مع وجود رافعة تدوينية على الشبكة العنكبوتية تراقب وتنتقد كل مخرجات الإعلام، وتظهر مواطن الخلل وتكشف المتسببين بها.
 

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه