نصرٌ ثمين: فلسطين الواحدة أهانت "إسرائيل

2021-05-27

شارك
آخر يوم من شهر رمضان في الشيخ جراح. الصورة لمنى الكرد

يكتب شاب من غزة على تويتر: "لمّا سمعنا خبر قصف تل أبيب بصاروخ من غزة لأول مرة في حرب 2012، قالت إمي - الله يرحمها - يومها: تل أبيب!! والله ما يطلع علينا الصبح... طلع علينا الصبح يومها، وانضربت تل أبيب كمان مرة في 2014 وبعدها، وفي 2021 انضربت تل أبيب 130 صاروخ، هدية واحدة يمّا.. البعبع مات.. تل أبيب ماتت"...

مقالات ذات صلة

تغرب الشمس فوق غزّة المكلومة في الصورة. يتمدد صاروخ غير منفجرٍ في سرير الغزّي في الموضع نفسه الذي فيه يريح بدنه بعد يوم عملٍ طويل. يُخرج طفل وطفلة سمكة وحيدة في إناء زجاجي، يعرضانها على الكاميرات: "أنقذناها من الدار" (من القصفِ الوحشي والدمار الرمادي المحيطان بهما من كل صوب، يقصدان)، "أنقذناها. والحين العصافيربدنا ننقذهم".

تلك غزّة التي تقاوم.

مائدةُ إفطار طويلة، من أول الحيّ لآخره. إنها الليلة الأخيرة من شهر رمضان، وأهل الحيّ مجتمعون، ومعهم أصدقاء وصحافيون ومتضامنون ومحِبّون. "ذهب الظمأ وابتلّت العروق". يشربون الماء ويأكلون في ليلة عيد الفطر ويبتسمون للكاميرا بتحدٍّ. حولهم يتحلق بوليس الاحتلال والمستوطنون السارقون للبيوت والناهبون للذكريات. بعد الإفطار، سيفتح الأهالي هواتفهم لينقلوا "المباشر" على انستغرام مجدداً، للعالم.

"مساء الخير، هنا الشيخ جرّاح. لن نرحل".

مقالات ذات صلة

على مقربة، هتافٌ في باحة الأقصى وقَسَم: "نقسم بالله العظيم أن نحمي المسجد الأقصى المبارك"، ويقسمون أن يحموا كل فلسطين... ضربُ قنابل في الحرم وفي الأزقة القديمة التي دائماً ما تبدو في كل تلك الفيديوهات وكأنها خارجة من عالم آخر، قديم، أبقى لنا القدس هديّة لنسترق إليه النظر. لكنّ المدينة أكثر من مظهر فتّان، هي ناسٌ يحبّونها ويحمونها. هي لهم وهم لها.

تلك عاصمة فلسطين، وأولئك ناسها.

وقرب البحر، هناكَ حيفا، أصوات تعلو وبنات وشباب يدلفون من بيوتهم إلى كل شارع وحارة: "ارفع إيدك، علّي الصوت، اللي بيهتف ما بيموت". هم يعلمون أنّ رفض الصمت وحده يبقي على حياة القضية والحق. ينسقون وينظّمون ويجتمعون ويغنّون ويُضرِبون إضراباً شاملاً فيشلّون – مع كل فلسطين – كل "إسرائيل".. يجمّدون وجودها لساعات.. وفي عكا، وفي أم الفحم، وفي وفي وفي... كلهم فلسطين وكلّهم يتعلمون أساليب جديدة في المقاومة ويعلّموننا، ويعيدون وصل ما انقطع بين مناطق البلاد المختلفة.

أوجاع البلاد كثيرة، لكنّ جمالها أكبر، وأجمل ما فيها الأمل بأن كل ما يعتقد العالم أنه مستحيل هوَ ممكن. وهذا الممكن يهينُ الاحتلال.  

مقالات من العالم العربي

عن الأمل والخرافة في واقع غزّة

عملية إعادة الإعمار المطلوبة غزياً، ليست مجرد إعادة للبناء، بقدر ما هي حاجة إلى إعادة تأسيس للوجود البشري. فقد انهارت الخدمات الحيوية بالكامل، بدءاً من المنظومتيْن الصحيّة والتعليمية، وحتى كلّ...

"سودان، يا غالي".. هتافات قطعها أزيز الرصاص

2025-12-04

"ولقد صبرنا مثل أيوب، وواقعنا أمرّ. فالوضع في السودان مزرٍ، وحالنا يُبكي الحجر. لم يسمعوا صوت الحشود. أولم يروا دمّاً هُدر؟"... يكادُ من يشاهد ويسمع كلمات هؤلاء الثوار أن يسمع...

الكوتا المسيحية في العراق: تمثيل مُعلّق

النظام الذي إدّعي أنه أُنشئ لتأمين التنوع، تحوّل إلى أداة لإعادة إنتاج الاصطفاف الطائفي والإقليمي داخل المكوّنات الصغيرة. وبينما يتناوب "بابليون" و"البارتي" على احتكار التمثيل، يبقى الناخب المسيحي بين خيارين...