غزّة قُصفت. غزّة تُقصَف. ما الجديد في الموضوع؟
إسرائيل قتلت أطفالاً. إسرائيل تقتل أطفالاً. ما الجديد في الموضوع؟
لن نكتب عددهم فنحوّلهم إلى إحصاء، وهذه معلومات متاحة في كل نشرات أخبار الموتِ اليومية. ولن ننشر صورهم بالغبار والدماء يغمران أجسامهم التي كانت تحضّرت لعيدٍ لم يأتِ هذا العام. سنتخيلهم فقط، كثراً يلعبون في المكان البعيد عن كل هذه الوحشية التي نصْفها قصف إسرائيل ونصْفها الآخر صمت العالم عن ذلك.
***
أعادت الرسامة والسينمائية الفلسطينية سهاد الخطيب نشر لوحة لها عنوانها "أطفال فلسطين" (منشورة عام 2019)، وذيّلتها بنص بالإنكليزية نضع هنا ترجمته العربية، ونكتفي بهذا تعليقاً – أمام ما لا يمكن لكلام أن يُنصف التعبير عنه.
"كيف تتسع لوحةٌ لكل أولئك الأطفال الذين قُتلوا؟
من يبقى ليدفن أجساد عائلة قتلت بأسرها معاً؟
لا شجار حول الفروض المدرسية بعد اليوم؟ لا عودة مستعجلة إلى المنزل لطبخ وجبة ساخنة للجميع؟ لا مفاوضات حول كم طبقة من الثياب علينا أن نلبس في البرد؟ أيّهُم الأخ الأوسط المتميز في المدرسة؟ أيّهم الأصغر الشقيّ؟ أيّهم الكبير الذي يتولّى الاهتمام بالصغار حين يغيب الكبار؟ كم واحداً منهم أراد أن يصير مغنياً مشهوراً وأن يلبس أحلى من الجميع؟ كم طفلة وطفلاً منهم لم يبلغوا بعد أصلاً السنّ الذي يستطيعون فيه صوغ أحلامهم وآمالهم في جمل واضحة؟ إذا نجوتَ من القصف الذي قتل كل أفراد أسرتك، فهل نجوتَ فعلاً؟ هل ينجو أيٌّ منّا من الحروب أصلاً؟
ابنتي ذات الأعوام العشرة قالت: "هؤلاء الأطفال يشبهونني".. فأعود للتفكير، ماذا كانت آخر الأفكار التي مرّت في أذهان هؤلاء الأطفال الأذكياء عندما فهموا أن ثمّة آلة "روبوت" تمطر موتاً عليهم من السماء؟ هل هرعوا إلى أمّهم معتقدين أنها لا بدّ لديها طريقة لتجعل كل هذا يختفي؟
ابنتي ذات الأعوام العشرة قالت أنّ النظر إلى هؤلاء الأطفال يذكّرها بالرصاص، لأن الأطفال الفلسطينيين دائماً ما يُقتلون.
عندها فهمت أنه من المستحيل أن تتسع لوحة واحدة أو جدارية واحدة لكل أولئك الأطفال المقتولين.
لكنني أرسمهم. أرسم من أقدر على رسمه على الأقل.
وآخذ وقتي لأزيّن تيجانهم.
لأنتبه بعناية فائقة لقصات شعرهم الجديدة.
لألتقط وضعيّاتهم الغريبة أمام الكاميرا بثياب العيد.
وأبكي. وأدعو أن يستحيل كلّ هذا الحزن قوّة، وأن يكون أطفال فلسطين آمنين في هذا العالم من جديد...".