ملاحظات على هامش البرلمان

مع انتهاء الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر - وهي الاستحقاق الدستوري الثالث من خارطة الطريق التي جاءت إثر الإطاحة بحكم الإخوان في 2013 – فالسؤال يتعلق باستشراف ما يمكن أن يقوم به البرلمان المُنتخَب مستقبلًا، حيث جاءت نسبة المشاركة في تلك الانتخابات ضعيفة مقارنةً بكل الاستحقاقات الدستورية التي تمَّت منذ "يناير 2011". فقد بلغت نسبة المشاركة، وفق اللجنة العليا للانتخابات حوالي
2016-01-07

أحمد عبد العليم

كاتب وباحث سياسي من مصر


شارك
من الإنترنت

مع انتهاء الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر - وهي الاستحقاق الدستوري الثالث من خارطة الطريق التي جاءت إثر الإطاحة بحكم الإخوان في 2013 – فالسؤال يتعلق باستشراف ما يمكن أن يقوم به البرلمان المُنتخَب مستقبلًا، حيث جاءت نسبة المشاركة في تلك الانتخابات ضعيفة مقارنةً بكل الاستحقاقات الدستورية التي تمَّت منذ "يناير 2011". فقد بلغت نسبة المشاركة، وفق اللجنة العليا للانتخابات حوالي 28.3 في المئة، وهي أقل بكثير من الانتخابات البرلمانية السابقة عليها، والتي جرت في 2012، وبلغت نسبة المشاركة فيها حوالي 63 في المئة، ولعله حماس مرتبط بحالة الحراك السياسي الشديد بُعيد الثورة مباشرةً.

سلبيات

على رأس الظواهر السلبية المرتبطة بالانتخابات الأخيرة، إحلال "سيطرة الائتلاف الواحد" محل "سيطرة الحزب الواحد". فخلال العقود الثلاثة الماضية، حتى 2011، كانت هناك سيطرة للحزب الوطني الحاكم مع هيمنة للسلطة التنفيذية وتغولها على السلطة التشريعية. تمَّت إعادة إنتاج هذا الواقع بفوز قائمة "في حب مصر" بأهلى نسبة من المقاعد داخل البرلمان (120 مقعد)، ودعوتها لمعظم الأحزاب الفائزة لتشكيل "ائتلاف دعم الدولة المصرية". ووصل عدد المنضمين إليه حتى الآن ما يقرب من 400 نائب من المستقلين ونواب الأحزاب والقوائم، أي بنسبة حوالي 70 في المئة من عدد نواب البرلمان المنتخبين البالغ عددهم بالكامل 568 نائب منتخب، ينضم إليهم 28 نائب مُعيَّن بقرار من رئيس الجمهورية
ومن المفارقات أن تلك النسبة تتقارب مع نسبة هيمنة الإسلاميين على برلمان 2012، حيث بلغ عدد المقاعد التي سيطر عليها الإخوان المسلمين مع حزب النور السلفي آنذاك حوالي 70 في المئة من المقاعد، وذلك قبل حلّ البرلمان في 2013. كذلك فقد ارتبطت بتلك الانتخابات ظاهرة الزخم الحزبي وهي ظاهرة إيجابية في ظاهرها لكنها واقعياً لا تنم عن تغيُّر في برامج تلك الأحزاب حيث تتشابه أغلبها من حيث برامجها وكذلك من حيث نزعة مرشحيها للانضمام إلى الائتلاف المذكور، حيث نجح 20 حزب في الحصول على 238 مقعد داخل البرلمان.
كذلك فقد غلب على تلك الانتخابات انتشار ظاهرة المال السياسي والرشاوى الانتخابية، بالإضافة إلى عدم حيادية الإعلام الخاص، حيث رصدت  لجنة "تقييم الدعاية الإعلامية والإعلانية للانتخابات" عدة تجاوزات، على رأسها مخالفة بعض القنوات لقرار اللجنة العليا للانتخابات ببدء الدعاية الانتخابية في يوم 29 ايلول/سبتمبر، حيث قامت بعض الفضائيات الخاصة باختراق تلك المواعيد وباشرت الدعاية مبكرا، وعددهم سبع قنوات خاصة (الفراعين، العاصمة، صدى البلد، الحياة، دريم، موجة كوميدي، وسي بي سي)، بالإضافة إلى حدوث انتهاكات من بعض القنوات الفضائية لخصوصية بعض المرشحين، والمساس بسمعتهم الشخصية، وعدم إتاحة فترات متساوية في زمن البث، وعدم التمييز بين المادة الإعلانية والمادة التحريرية، وظهور إعلاميين مترشحين في هيئة مقدمي برامج.. وجاءت قناة الفراعين كأكثر قناة مخالفة بحوالي 31 مخالفة.

وإيجابيات

أما عن الظواهر الإيجابية فيمكن اعتبار زيادة التمثيل البرلماني للمرأة منها، حيث بلغ عدد النائبات 73 نائبة بينهن 29 منتميات لأحزاب، وذلك قبل أن يقوم الرئيس بتعيين ما لا يزيد عن 5 في المئة من أعضاء مجلس النواب المنتخبين (يكون نصفهم على الأقل من النساء وفق المادة 27 من قانون مجلس النواب). ونسبة وجود المرأة في البرلمان الأخير تصل الى حوالي 13 في المئة من إجمالي أعضاء البرلمان المنتخبين، وهي النسبة الأكبر مقارنةً بكل البرلمانات السابقة في مصر!
كذلك فهناك زيادة في تمثيل الشباب في البرلمان مقارنةً بالبرلمانات السابقة، حيث بلغ عددهم 180 شاباً، وفق مستشار رئيس الوزراء لشئون الانتخابات، أي بنسبة 31.5 في المئة من مجمل أعضاء البرلمان المنتخبين، وهو ما يعكس أكبر نسبة تمثيل للشباب مقارنةً بالبرلمانات السابقة. وهناك أيضاً فوز للمرشحين الأقباط وهي سابقة في تاريخ البرلمانات في مصر خلال العقود الستة الأخيرة، حيث حاز الأقباط 37 مقعداً. 
وشاركت حوالي 81 منظمة "مجتمع مدني" محلية في الاشراف على الانتخابات، بالإضافة إلى ست منظمات أجنبية غير حكومية، وحوالي خمس منظمات أجنبية حكومية.
يبقى أنه لا وجود لمعارضة حقيقية وقوية داخل البرلمان في مواجهة السلطة التنفيذية، من أجل تحقيق التوازن المطلوب بين السلطات.
وختاما  فلعل السلطة المصرية حرصت على استكمال خارطة الطريق بوجود مجلس النواب من أجل تحسين الصورة الخارجية للنظام القائم، وتلافي الانتقادات الموجهة إليه خلال الفترة الأخيرة بعدم وجود مجلس النواب وهيمنة الرئيس على السلطة التشريعية وإصداره أكثر من خمسمئة قرار يتوجب على البرلمان المقبل الموافقة عليها خلال أسبوعين فقط من تاريخ انعقاده وفق الدستور. 

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

في مصر يمكنك فقط الاختيار بين سجن صغير وآخر أكبر

إيمان عوف 2024-12-09

تحوّل القانون رقم (73) لسنة 2021، الذي يتيح فصل الموظفين المتعاطين للمخدرات، إلى أداة لملاحقة العمال والنشطاء النقابيين العماليين، والنشطاء السياسيين والصحافيين. وعلى الرغم من اعتراض النقابات والجهات الحقوقية على...

للكاتب نفسه

المرأة المصرية واعظة بالمسجد

قررت وزارة الأوقاف تعيين 144 امرأة واعظات في المساجد كجزء من "تجديد الخطاب الديني" الذي دعا اليه الرئيس السيسي. المبادرة تبدو شكلية بالنظر للاشتراطات المصاحبة لها ولوجود  110 آلاف مسجد...