رئيسة الجمهورية لدورة ثانية

اليوم أعلنت نتائج الانتخابات فنجحت رئيسة الجمهورية المصرية، وهي بذا ستتولى دورة ثانية بعدما انتخبت للمرة الأولى في العام 2050. ويعود نجاحها الى تمكّنها من تحسين الظروف الاقتصادية للمواطنين بفضل إقرار حد أدنى لائق للأجور. كنت قد انتخبتها في
2014-03-31

هدير المهدوي

صحافية وباحثة من مصر


شارك
عن الانترنت

اليوم أعلنت نتائج الانتخابات فنجحت رئيسة الجمهورية
المصرية، وهي بذا ستتولى دورة ثانية بعدما انتخبت للمرة الأولى في العام 2050. ويعود
نجاحها الى تمكّنها من تحسين الظروف الاقتصادية للمواطنين بفضل إقرار حد أدنى لائق
للأجور. كنت قد انتخبتها في المرتين، وسمعت نبأ فوزها فور وصولي الى ريو دي جانيرو
المشمسة مع زوجي وحفيديّ في إجازة بعد تقاعدي. كنت قد عاهدت نفسي ألا يصيبني الأمل
الزائد ثانية، بعد سنوات من الإحباط المتتالي الذي تلا ثورة الخامس والعشرين من يناير
2011. وكنت وقتها قد انتهيت من رسالة الماجستير عن "الثورة"، التي ضاقت علي
كما ضاقت سبل العيش أيضا، فقررت السفر بحثا عن منحة الدكتوراه في واحدة من البلاد الباردة
التي لا أعرف فيها أحدا حتى أخشى عليه من رصاصة طائشة أو اعتقال عشوائي. وظننت أنني
هناك سأكون أسعد حالا. لم أكن اسعد بل ربما كنت أهدأ حالا. سافرنا أنا وزوجي إلى السويد
في العام 2015، وصادفنا بعض الحظ في العمل. لم يكن هناك الكثير لأغطيه صحافيا في الحقيقة،
ولكني ظللت مشغولة بالبحث في أسباب انتصار الاستبداد وأسباب القبول الشعبي له، خاصة
في بلادنا الدافئة الصاخبة، فكان ذلك موضوع رسالتي
.

ولأننا رغبنا في الهروب من ضجيج العواصم، أقمنا
في مدينة "كيرونا" في الشمال وقررنا الإنجاب، فكانت طفلتنا الأولى
"ليلى". وعلى الرغم من الحياة الهادئة المستقرة، إلا أنني كنت دائمة الشعور
بالذنب. اكتفينا بزيارة سنوية لمصر للاطمئنان على أمي وأسرة زوجي ومن تبقى من الأصدقاء
هناك، وأحيانا كنت أتوجه إلى نيويورك لأزور أخي المقيم هناك. ولكني كنت أتابع ما يحدث
في مصر لأسباب شخصية ودراسية. انتكست الأمور بشدة، كثرت الاعتقالات للمعارضة، خلت الشوارع
إلا من العساكر الغاضبين المنتظرين للأوامر بحفظ "النظام". بعد ثلاث سنوات
انتقلتْ أمي للإقامة مع أخي، وأنهيت أنا رسالتي أيضا، فلم يتبق لي دافع للزيارة السنوية.
وجل ما أزعجني هو قلة ما أتعرض له من أشعة الشمس. العام 2020، وبعد خمس سنوات كاملة
في بلاد المهجر، كان الملل والبرودة قد قتلا كل ما فينا من حياة، فقررنا العودة. ودّعنا
أصدقائنا، ولكن انفجارا هائلا قرب مطار القاهرة الدولي أخّر عودتنا يومين إضافيين
.

لا أعلم كيف أتذكر كل تلك التفاصيل، حتى بدون العودة
إلى دفتر مذكراتي اليومية، الذي بدأت الكتابة به حين وطأت قدمي مدينة كيرونا. شوارع
القاهرة كانت عبارة عن نقاط تفتيش للجيش والشرطة، وكان من الطبيعي أن ترى شخصا يعتدى
عليه ويعتقل أمامك، وقد حذرنا الجميع من أي تدخل، وإلا سنلقى المصير نفسه. كان الخوف
مسيطرا، والأوضاع الاقتصادية سيئة للغاية، والجيش يتحكم بكل شيء، بينما استمرت سياسات
الخصخصة وتسريح العمالة إلى أن وصلت نسبة البطالة إلى 20 في المئة في العام 2021. كنت
أعمل في وكالة أجنبية حينذاك، فكانت أحوالي المادية مستقرة نوعا ما. حين كنت أنظر إلى
وجه ابنتي، كنت أشعر أن قرار العودة ربما كان خاطئا، إذ تساءلت كيف ستعيش هي، وما مستقبلها.
ولكنني سريعا ما كنت اطرد هذه الفكرة من رأسي حين أتذكر البرودة التي كنت أشعر بها
وأنا على باب منزلنا هناك، أتأهب للخروج
.

كنت اسعد حالا في مصر، وليلى كذلك. في عيد ميلادها
السادس، ذهبت في الخامسة مساء لشراء مستلزمات الحفل، وفي الطريق أوقفني أحد ضباط الجيش،
أمامي كان ضابط آخر ينهر أحد سائقي "التوكتوك". لم أفهم جيدا السبب، ولا
أعلم لماذا قررت أن أصور بكاميرا هاتفي المحمول الذي اشتريته من الولايات المتحدة،
حيث كانت به كاميرا صغيرة منفصلة عن الهاتف ومن الصعب ملاحظتها، وهي أشبه بكاميرات
التجسس في الحقيقة. وكنت قد نجحت في إخفائها عند وصولي الى المطار. الوقت مر وأنا أتابع،
تذكرت ليلى وكعكة عيد ميلادها، فترجلت من السيارة تاركة الكاميرا تصور وسألت أحد الضباط
أن يسمح لي بالمرور. كان مشغولا ولم يلتفت لي، أخرج مسدسا وأطلق النار باتجاه السائق.
وقفت مكاني عاجزة حتى عن الصراخ، نظرت إلى السائق فوجدته جالسا على الأرض في وضع الأسير،
فاطمئن قلبي إلى أنه لم يصب. ولكن فجأة ركض الجميع، وركضت وراءهم لأجد الرصاصة قد أصابت
طفلا صغيرا في رأسه بالخطأ، وقع على الأرض غارقا في دمائه. بدأ الجنود في تفريق الناس
بإطلاق الرصاص في الهواء. عدت إلى المنزل في حالة انهيار، تفقدت الكاميرا: لم تسجل
كل شيء
.

اتصلت بالوكالة ونقلت ما حدث وأرسلت لهم ما صوّرته،
وشعرت بضرورة فضح ما حدث على شبكات الانترنت. وحين فتحته وجدت صورة الطفل منتشرة. علمت
لاحقا أن أصل المشاجرة مع السائق كانت على الإتاوة التي كان من المفترض به دفعها الى
الدورية كي يمر. حينها لم أعد أمانع ببرودة الثلج أو ملل الحياة، بل بدت هي الجنة بالنسبة
لي. في اليوم التالي، سمعنا أصواتا في الشارع المجاور لنا، فنظرنا من الشباك لنجد مظاهرة
صغيرة تمر وتندد بما حدث. ومع حلول المساء كانت الأخبار قد وصلتنا أن أكثر من مظاهرة
قامت في عدة مناطق من دون تنظيم. بعد اشتباكات، خلت الشوارع في المساء. وفي الصباح
اتصل بنا أصدقاء ليخبرونا أن الملايين بالشوارع مجددا يطالبون بإسقاط النظام. قررت
النزول للمشاركة. استغرق الأمر يوما واحدا ليسقط النظام... من فرط هشاشته. وبعد أشهر،
ومع انتخابات برلمانية بصلاحيات رئاسية مؤقتة، اصدر مجلس الشعب قانونا للعدالة الانتقالية
حوكم على إثره كل من تورط في قتل مصريين على مدار الإحدى عشرة سنة الماضية وحكم على
أكثرهم تورطاً بالسجن المؤبد. استمرت عجلة الشد والجذب لخمس سنوات، ولكن الجميع كان
قد تعلم من أخطائه أخيرا. ولقد لمست التغيير في مواقف الطلاب وآرائهم، حين قررت تدريس
العلوم السياسية في أول جامعة أهلية تعاونية، "جامعة الثورة
".

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

للكاتب نفسه

خوف الطغاة من الأغنيات

ممنوع التغنّي بالحرية في مصر. هناك حقد من السلطات على مشجعي أندية كرة القدم (الالتراس) كما على الصحافيين والمحامين.. علاوة على السياسيين الذين يمارسون المعارضة أو النقد. ممنوع!