التعليم الإلكتروني في غزّة: معاناة إضافية

40 في المئة من الأُسر الفلسطينية ليس لديها خط نفاذ للإنترنت، وثلث المواطنين فقط يمتلكون جهاز حاسوب، فيما 25 في المئة من الأسر لا تملك مهارات أساسية في استخدام تكنولوجيا المعلومات. وعلاوة على ذلك فالكهرباء دائمة الانقطاع، وكذلك الانترنت.
2020-11-15

عبد الله أبو كميل

صحافي من غزة


شارك

تقرُّ الجهات الرسمية أنَّ تقنية التعليم عن بعد ليست مجدية، لكن الاستمرار فيها يفرض نفسه بسبب الحالة الاستثنائية، وتفشي كوفيد 19 في قطاع غزّة كما في العالم. وتجري محاولات للسير في المنهاج التعليمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وزارة التربية والتعليم في غزَّة غير مُهيأة للوصول إلى بعض الكفاءة في أداء التعليم عن بعد، إذ هي تعترف أنَّ إيصال المعلومة أو الفكرة إلى الطالب لا تتخطى ما يمكن قياسه بنسبة 10 في المئة مقارنة بالتعليم الوجاهي، وبالأخص في مستوى المرحلة الابتدائية.

سيناريوهات بلا جدوى

كانت وزارة التعليم في غزَّة قد أعلنت قبل عدَّة أشهر أنَّها تعِدّ سيناريوهات للإطار التعليمي في حال انتشار كوفيد 19، وتعذُر التعليم الوجاهي للطلبة. لكن صعوبات متنوعة واجهت تطبيق سيناريو الدوام الجزئي الذي يقسم المدرسة إلى قسمين، ولا يزيد عدد الطلاب في الفصل الواحد عن 20 طالباً، ويداوم الطلاب ثلاثة أيام في الأسبوع، فترك جانباً وأعلن عن اعتماد التعليم عن بعد.

ويبلغ عدد التلاميذ في مختلف المراحل التعليمية أكثر من نصف مليون تلميذ، منهم 292 ألفاً في المدارس الرسمية. لم تأخذ الوزارة في الحسبان المشكلات الاقتصادية للمواطن في القطاع المحاصر، والذي يتعذر عليه في أغلب الأحيان الوصول للمنصة التي أعدَّها الكادر التعليمي. فلماذا لم تعمل الوزارة على إتاحة تطبيق مجاني من خلال وزارة الاتصالات، بحيث يتمكن الطلبة من الدخول إلى المنصات المجانية عبر الهواتف الذكية، باعتبار عدم توفر أجهزة الحاسوب في الكثير من البيوت؟

وبعد انقطاع دام لخمسة أشهر، أقرت وزارة التربية والتعليم العالي في مطلع أغسطس/آب الماضي عودة الطلاب في كافة المراحل التعليمية إلى مقاعدهم الدراسية في 751 مدرسة، منها 421 مدرسة تشرف عليها وزارة التعليم، 275 تشرف عليها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، و33 مدرسة خاصة أهلية، و39 روضة أطفال مرخصة من الحكومة، كما إلى الجامعات التي يُسجل فيها آلاف الطلبة، ويبلغ عددها 8 جامعات و8 كليات جامعية. لكن العودة للعام الدراسي الجديد لم تستمر طويلًا، فبعد سبعة عشر يوماً صُرف الطلاب إلى بيوتهم، وأغلقت المؤسسات التعليمية من جديد.

يبلغ عدد التلاميذ في مختلف المراحل التعليمية أكثر من نصف مليون تلميذ، منهم 292 ألفاً في المدارس الرسمية. لم تأخذ الوزارة في الحسبان المشكلات الاقتصادية للمواطن في القطاع المحاصر، والذي يتعذر عليه في أغلب الأحيان الوصول للمنصة التي أعدَّها الكادر التعليمي

أجرينا استفتاءً لمئة حالة عشوائية لأولياء الأمور عبر فيسبوك، وكانت النسبة تشير إلى أن 88 في المئة منهم غير راضين عن حالة التعليم الإلكتروني لعدَّة اعتبارات، يبرز فيها أن المشكلة الرئيسية هي في عدم تمكن الكادر التعليمي من توصيل المعلومة للطالب أثناء الشرح المسجل، ثم الوقت المخصص للمتابعة يعني من عدم الانتظام من قبل الطرفين بسبب انقطاع الكهرباء حسب المحافظات، وأخيراً فالطالب ليس بإمكانه الاستفسار عن بعض النقاط خلال الشرح، فعلى الأغلب الدروس مسجلة وهي تسرد فقط.

معاناة الطلاب

تشير دراسات لمراكز حقوق الإنسان أنَّ 40 في المئة من الأُسر الفلسطينية ليس لديها خط نفاذ للإنترنت، وثلث المواطنين فقط يمتلكون جهاز حاسوب، فيما 25 في المئة من الأسر لا تملك مهارات أساسية في استخدام تكنولوجيا المعلومات.

في مطلع آب/ اغسطس الماضي أقرت عودة الطلاب إلى المدارس في 751 مدرسة، منها 421 مدرسة تشرف عليها وزارة التعليم، و275 تشرف عليها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، و33 مدرسة خاصة أهلية، و39 روضة أطفال مرخصة من الحكومة، كما إلى الجامعات التي يُسجل فيها آلاف الطلبة، ويبلغ عددها 8 جامعات و8 كليات جامعية. لكن الامر دام لأيام فقطّ!

فالسيدة ريم لم تتوانَ عن محاولة الدخول لنظام التعليم الإلكتروني، والبحث في تفاصيله لتدريب أبنائها الثلاثة، وأكبرهم في المستوى السادس الابتدائي. وهي وصفت المهمة بالمرهقة، وأنها لا تتوافق مع متطلبات الحالة المعيشية التي يعاني منها عموم السكان في غزَّة، فضلًا عن عدم وجود سوى حاسوب واحد في المنزل. الحالة لا تختلف كثيراً بنظر التلميذة ليمار، وهي في الصف الرابع الابتدائي. فهي تعاني من انقطاع الكهرباء المستمر، كما أنَّها لا تمتلك هاتفًا ذكياً أو حاسوباً خاصاً: "على الأغلب أستعير هاتف والدتي، لكن لازم انقطع عن مشاهدة الدروس بسبب اتصال هاتفي يأتي"، يضاف إلى ذلك ضعف شبكات الإنترنت بسبب الضغط الكبير في هذه المرحلة. كما لا يتمكن الأهل من المتابعة مع أطفالهم المختلفين في مستويات التعليم، فما بالك إن كانت الأم لا تستطيع القراءة!

وحول المنصة التعليمية الافتراضية التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم باسم "روافد"، والتي تقدم من خلالها شروحاً للدروس التعليمية للطلاب في مختلف مستوياتهم التعليمية، يشتكي الطلاب من أن بعضهم لم يحالفه الحظ في متابعة الدرس المقرر عبر هذه البوابة، لأنَّ عليه الانتظار لتسنح له الفرصة في المتابعة بعد أن ينهي أخوه متابعته للشرح، ويشتكي طلاب الثانوية العامة من السرد السريع في الشرح أثناء المتابعة في المواد المسجلة على هذه المنصة.

عودة جديدة بعد تغيّب آخر

يبدو أن وزارة التربية والتعليم في غزَّة تأكدت من عدم جدوى الاعتماد على التعليم الإلكتروني للطلبة، فقرَّرت أن تعيد تفعيل السيناريو الثاني للتعليم الوجاهي في مطلع أكتوبر/ تشرين الأوَّل الماضي، حصراً لطلاب الثانوية العامة في المرحلة الثانية، من خلال تقسيم أيام الحضور إلى ثلاثة أيام في الأسبوع على أن لا يزيد عدد الطلبة عن 20 طالباً/ة في الصف من أصل 40-50 طالباً/ة عادة، ووفق إجراءات السلامة الصحية المشدّدة، لتعلن في 26 من الشهر ذاته استئناف الدراسة لطلبة الصفوف من السابع الابتدائي حتى الحادي عشر الثانوي، فيما أبقت المرحلة الابتدائية من الصف الأوَّل حتى الرابع بعيدةً عن مقاعد الدراسة داخل المدرسة، على اعتبار أنّها ستستخدم معهم أسلوباً جديداً يدعى "بطاقة التعليم الذاتي" التي باتت متاحةً إلكترونياً، والتي توجد من خلال دليلٍ لكل ولي أمر يوضح له كيفية استخدام البطاقة التعليمية، وآلية شرح الدروس الخاصة بالمرحلة الابتدائية المحددة، بالإضافة إلى أنها تحتوي على إشارات بنظام (QR) كود، تضم بعض المقاطع الصوتية الخاصة بمحاضر التعليم. أما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) فأعلنت عودة طلابها البالغ عددهم 272 ألف طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة الوجاهية في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، وفق سيناريو الحضور ثلاثة أيام من كل أسبوع، والأيام الأخرى تستكمل من خلال التعليم الإلكتروني.

مقالات من فلسطين

البحث عن فلسطين في "مونستر": عن تطوّر حركات التضامن مع فلسطين وقمعها في مدينةٍ ألمانية

صباح جلّول 2024-12-11

يتفق الناشطون على فكرة ضرورة إجراء تقييم مستمر لهذه الحركات، خاصة في ظل محدودية قدرتها عالمياً على تحقيق الضغط الكافي لإيقاف الإبادة، هدفها الأول من بين عدة أهداف أخرى طويلة...

"آرت زون فلسطين" واستعادة الفنّ من الإبادة

2024-12-05

يدخل هذا الجهد في باب مقاومة محو الأثر الفلسطيني، ومنه الأثر الفنّي والثقافي، الغني والغزير والمتجدد. ومهما بلغت نسبة ما ضاع من هذه الأعمال، فما بقي، ومَنْ بقي، يقول "نحن...

رحلة البحث عن رغيف

كُل صباح في الأيام الماضية، حينما أجوب الشوارع، لا أجدني سوى باحث عن الخُبز، وأنا حقيقةً لا أستوعب إلى الآن أن الحال وصلت بي - كما وصلت بكُل الناس- إلى...

للكاتب نفسه