«الخلافة» تؤجج خلافات الحركات الإسلامية في موريتانيا

ما تشهده بلدان الشمال الأفريقي من انتشار وانقسام وتشرذم للحركات التي توظف الدين الإسلامي وصل الى حد غير مسبوق. وقد أجج الخلافات داخل التنظيمات السلفية إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام عن قيام الخلافة الإسلامية، وإعلان البغدادي خليفة لها، ودعوة المسلمين في كل العالم إلى مبايعته والهجرة إلى دولته.  والى وقت قريب، كانت تلك التنظيمات تتقاتل على الفدى التي يقدمها الأوروبيون
2014-11-12

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
من الانترنت

ما تشهده بلدان الشمال الأفريقي من انتشار وانقسام وتشرذم للحركات التي توظف الدين الإسلامي وصل الى حد غير مسبوق. وقد أجج الخلافات داخل التنظيمات السلفية إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام عن قيام الخلافة الإسلامية، وإعلان البغدادي خليفة لها، ودعوة المسلمين في كل العالم إلى مبايعته والهجرة إلى دولته. 
والى وقت قريب، كانت تلك التنظيمات تتقاتل على الفدى التي يقدمها الأوروبيون لتحرير الرهائن، قبل أن يتقاتلوا على الإرث الليبي.. أما الآن، فقد دعم البغدادي المنطقة الوسطى من تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، مع أن التنظيم بكليته شدد على تمسكه ببيعة أمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. وتضم المنطقة الوسطى التي يتزعمها خالد أبو سليمان، والتي كانت تتخذ من بومرداس شرق العاصمة الجزائرية مقرا لها، من يُعرفون بـ«جند الأنصار» وهم أكثر هذه الجماعات المقاتلة تدريبا وتسليحا، ويوجد في صفوفها مقاتلون متمرسون شاركوا في حروب أفغانستان. ومن أبرز تشكيلاتها حاليا أربع كتائب هي «الفتح» و«الأرقم» و«النور» و«جند الأهوال». ولم تتخذ جماعة «المرابطون» التي تجمع داخلها حركتي «الملثمين» و«التوحيد والجهاد»، أي موقف واضح على الرغم من إصدار القيادي في التوحيد والجهاد، والمسؤول الشرعي السابق في مدينة غاو في مالي، حماد ولد محمد الخيري، بيان تحية للخلافة الإسلامية دون أن يحمل بيعة أو يعلن تبعية، ولكنه مع ذلك حذر من «الانتصار للشيوخ على حساب الحق، أو الانتصار لشيوخ على حساب آخرين»، مردفا أن الواجب هو «نصرة الجميع».
وحيال ذلك سارع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي إلى إعلان تمسكه ببيعة الظواهري، مؤكدا من خلال بيان وزع في نواكشوط بكثافة أنها «بيعة شرعية ثبتت في أعناقنا، ولم نر ما يوجب علينا نقضها، وهي بيعة على الجهاد من أجل تحرير بلاد المسلمين وتحكيم الشريعة الإسلامية فيها، واسترجاع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة». وقال التنظيم في بيانه الذي حمل عنوان: «عام الجماعة.. أمل الأمة»، إنه يضع موقفه هذا «أمام علماء الأمة وعلى رأسهم مشايخ المجاهدين ومرجعياتهم، ليفتونا بوضوح تام في هذه النازلة ويقوّموا موقفنا إن رأوا فيه اعوجاجا، فإن الحق مطلبنا، فهذا أوان الصدع بالحق وترشيد المجاهدين». واعتبر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أنه «من البديهي والمسلم لدى كل التنظيمات الجهادية أن إعلان خطوة خطيرة كهذه (قيام الخلافة) لا يتم إلا بعد توسيع المشورة»، مؤكدا أنهم لا يذيعون سرا إذا قالوا إن «تنظيم الدولة» أرسل لهم رسائل عند بداية الخلافات في الشام - أطلعوهم فيها على تفاصيل ما حدث، مردفين أنه «فعٌل حمدناه لهم كما حمدنا لهم ثقتهم فينا».
غير ان هذا الموقف لم يَرُقْ للجماعات الجديدة التي خرجت من عباءة القاعدة، خصوصا ان أمراء الحرب بات كل منهم يسعى للهيمنة على التنظيم وللقضاء على نظرائه. فهذه الأحداث تتزامن مع محاولات اغتيال ينظمها كل طرف ضد الطرف الآخر، من أبرزها محاولة فاشلة لاغتيال مختار بلمختار زعيم «الموقعون بالدماء» بعد أن نصب له أفراد من كتيبة «طارق بن زياد» كمينا في الجنوب الليبي.
ويبدو أن هيمنة المشارقة على داعش كانت السبب وراء رفض «الدولة الإسلامية» والتشبث بالقاعدة، وكذلك وجود تنسيق بين البغدادي وبعض خصوم «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي». وكان «تنظيم الملثمين» أول من انشق على القاعدة في المغرب الإسلامي قبل انشقاق المنطقة الوسطى التي بايعت البغدادي. ويشكل الملثمون أهمية كبيرة في صراع الأجنحة في الشمال والغرب الأفريقي، خصوصا أن مختار بلمختار نجح مؤخرا في التوحد مع جماعة التوحيد والجهاد في جماعة جديدة حملت اسم «المرابطون»، وهو ابرز المسؤولين عن التغلغل في الصحراء والساحل، وتنظيمه الأكثر ارتباطا ببعض قيادات الحركات المتشددة في نيجيريا وغيرها من دول الغرب الأفريقي.. ويرى البعض أن مقاتلي التنظيم سارعوا لبيعة البغدادي بعد تأزم علاقتهم بقيادة القاعدة، مما ولّد توجها جديدا يسعون من خلاله لكسب ود التنظيم الجديد الذي يعلقون عليه آمالا استحال تحقيقها مع قيادتهم في المغرب العربي. بينما يعتبر البعض الآخر أن القرار هو نهاية لتنظيم القاعدة في المنطقة، خصوصا ان الانشقاق الأخير عليها يعد الأخطر نتيجة أهمية المنطقة الوسطى التي تضم مقاتلين في أنحاء مختلفة.

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه