انتخابات موريتانيا: الخارطة السياسية

الانتخابات الأولى في عهد الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز (23 تشرين الثاني/نوفمبر) تلقى معارضة عشرة أحزاب مما يفقدها المصداقية على المستوى الدولي، لكنها تثير بالمقابل اهتماما داخليا لأنها ميدان لصراع شديد. وقد تمت زيادة عدد مقاعد البرلمان (من 95 الى 147 مقعدا)، واستحدثت مقاعد خاصة بالنساء كما جرى إلزام الأحزاب السياسية بتخصيص 20 في المئة من ترشيحاتها لهن. وقد قررت الحكومة منع ترشيح
2013-11-23

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
(أ ف ب)

الانتخابات الأولى في عهد الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز (23 تشرين الثاني/نوفمبر) تلقى معارضة عشرة أحزاب مما يفقدها المصداقية على المستوى الدولي، لكنها تثير بالمقابل اهتماما داخليا لأنها ميدان لصراع شديد. وقد تمت زيادة عدد مقاعد البرلمان (من 95 الى 147 مقعدا)، واستحدثت مقاعد خاصة بالنساء كما جرى إلزام الأحزاب السياسية بتخصيص 20 في المئة من ترشيحاتها لهن. وقد قررت الحكومة منع ترشيح المستقلين بسبب ما تسميه "الترحال" السياسي الذي يمارسونه (أي الانتقال من حزب أو تيار الى آخر)، وحصرت الحق بالترشح  بالأحزاب على مستويي الانتخابات البرلمانية والبلدية. وفي الوقت نفسه، اقر تنظيم للأحزاب يربط شرعيتها بتمثيلها في البرلمان، وسيتم إلغاء كل حزب لا يتمتع بمقاعد برلمانية خلال دورتين، ما سيقلص عدد الأحزاب التي ناهزت التسعين. 
الاحزاب والانتخابات

 الحزب الحاكم، "الاتحاد من اجل الجمهورية"، يضم كبار المسئولين المدنيين والعسكريين وزعامات قبلية وصوفية، وقد أسسه الرئيس الحالي قبل أن يستقيل منه مع بدء رئاسته العام 2009، لتعارض وظيفته مع رئاسة الأحزاب وفق القانون. ويركز الحزب الذي يقوده محمد محمود ولد محمد الأمين، المرشح للبرلمان، على انجازات الرئيس خلال الأعوام الماضية من مأموريته التي تنتهي في حزيران/ يونيو القادم. وهو قدم مرشحين في جميع الدوائر البلدية البالغ تعداداها 218 دائرة، ولكل مقاعد البرلمان ال147. ويوظف الحزب الأزمات التي تعيشها دول الربيع العربي لإبعاد الجمهور عن المعارضة التي طالبت على مدى العامين الماضيين الرئيس بالرحيل، محاكية تجارب هذه الدول.ابرز منافسي الحزب الحاكم هو حزب "تواصل" الإسلامي، وهو متهم بإقامة علاقات وطيدة  مع قطر وتركيا ومع إخوان مصر، ويوظف بعض مرشحيه شعار "رابعة" في حملاتهم الدعائية. ويملك الحزب قناة تلفزيونية تلقى طاقمها تدريبات مكثفة في قناة "الجزيرة" القطرية، كما يشرف على صحف ومواقع إخبارية من أبرزها "الأخبار" و"السراج". وقد ظل الحزب على مدى العامين الماضيين يطالب برحيل النظام، ولكنه خرج عن أحزاب المعارضة التي قررت مقاطعة الانتخابات.ويعاني "تواصل" من منافسة حزب "الفضيلة"، وهو حزب ديني موال للسلطة، يقوده رجل الدين الوزير السابق عثمان ولد ابو المعالي. ويركز الفضيلة في برنامجه على التسامح   والالتحام حول رئيس البلاد، كما يضم الحزب قياديا هو محمد فاضل ولد محمد الأمين، يحرّم الموسيقى والرقص.وتنافس هذه الأحزاب تشكيلات سياسية موالية للرئيس من أبرزها حزب "الاتحاد من اجل الديمقراطية والتقدم" الذي تقوده وزيرة الخارجية السابقة نهى بنت مكناس، وهو حزب يلقى شعبية في الجنوب والجنوب الشرقي.ومن ابرز الأحزاب غير الموالية "حزب التحالف الشعبي التقدمي" ويمثل التيار الناصري الموريتاني وزعامات العرب الموريتانيين السمر المناهضين للرق. ويتزعم الحزب رئيس البرلمان المنتهية ولايته مسعود ولد بلخير، وهو قدم مرشحين في ثلثي المقاعد. ويركز الحزب على أهمية الوحدة الوطنية بين مختلف شرائح المجتمع ويلقى شعبية خاصة في صفوف الفقراء، ينافسه عليهم حزب "الوئام" بقيادة الوزير السابق بيجل ولد حميد، وهو من العرب السمر كذلك، لكنه يجمع بين المال والسياسة، ويمول بشكل شخصي الحملات الدعائية. ويركز هذا الحزب على الجانب الاقتصادي معتبرا أن موريتانيا دولة غنية وشعبها فقير، فما ينقصها هو التسيير البنّاء. وأما حزب "الصواب" البعثي (بزعامة الدكتور الأكاديمي عبد السلام ولد حرمه) فيشكل مع الحزبين السالفين "كتلة التناوب السلمي على السلطة" التي تعتمد الحوار مع السلطات لحل مشاكل البلد.
أحزاب نسائيةتوجد في موريتانيا ثمانية أحزاب يطلق عليها "الأحزاب النسائية" إذ تقودها سيدات، ك"حزب الأم" الذي تتزعمه الإعلامية تحيي بنت لحبيب، و"الحزب الجمهوري" الذي تقوده الإدارية منتاته بنت حديد، و"حزب حواء" الذي تقوده الأستاذة بنت احمد زايد. وبعد استحداث مقاعد برلمانية خاصة بالنساء، وسن قانون يفرض على الأحزاب منح المرأة مقاعد متقدمة في لوائحها، باتت هذه الأحزاب تعيش على أمل وصولها إلى المشاركة في صناعة القرار. غير أن الحزب الموريتاني الحاكم بدد هذه التطلعات، إذ تتوقع القيادية في الحزب الموريتاني الحاكم، ميمونة بنت التقي، وهي مرشحة للبرلمان، أن يكتسح حزبها كل اللوائح، وأن يحصل على نصيب الأسد، معتبرة أن الإنجازات التي تحققت للمرأة خلال الأعوام الأخيرة تفرض على النساء "رد الجميل"!
المعارضة تتوعد بإفشال الانتخابات تعمل عشرة أحزاب معارضة على إفشال الانتخابات. وهي شرعت، مع إطلاق الحملات الانتخابية، في جمع مليون توقيع ضد إجرائها. من ابرز هذه الأحزاب "تكتل القوى الديمقراطية" بزعامة احمد ولد داداه، وهو حزب اشتراكي يقوده شقيق الرئيس الأسبق ومؤسس موريتانيا، المختار ولد داداه. خاض الحزب منذ ربع قرن (أي تاريخ تأسيسه) صراعا مع السلطات المتعاقبة، وهو يعتبر اليوم حزب المعارضة الرئيسي، يتبعه حزب "اتحاد قوى التقدم" بقيادة محمد ولد مولود، وهو حزب يساري معارض طيلة الخمسين عاما الماضية، ويركز على أهمية الوحدة الوطنية ويهيمن على بعض النقابات العمالية، ثم  "الحزب الموريتاني للتغيير" (حاتم) وهو حزب قومي بزعامة صالح ولد حنانه ويضم قيادات عسكرية سابقة قامت بالانقلابات العسكرية في موريتانيا عامي 2003 و2004 ضد نظام حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع بسبب إقامته علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.  ويضم الحزب قيادات ناصرية بارزة، وهو حزب قومي لديه نفوذ في مناطق مختلفة من أبرزها مدن الشرق الموريتاني.

أضفت هذه الأحزاب الثلاثة صبغة من التناوب على المشهد الموريتاني، بسبب سيطرتها، علاوة على حزب تواصل الإسلامي (الذي قرر المشاركة في الانتخابات) على قرابة 45 في المئة من مقاعد البرلمان، كما على العديد من المجالس البلدية، من أبرزها العاصمة نواكشوط التي ظل احمد ولد حمزة عمدتها طيلة الأعوام الماضية، وهو من ابرز قادة حزب المعارضة الرئيسي.وتأتي مقاطعة المعارضة للانتخابات بعد أن فشلت في الحوار مع الحكومة، حيث التزمت الأخيرة ببعض الشروط التي طالبت بها المعارضة، لكنها رفضت ما اعتبرته هذه الأخيرة أساسيا، وشرطا للمشاركة في الانتخابات، وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية للإشراف عليها، خشية من التزوير.

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه