هل سيُعلن نتنياهو عن ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل؟ (قد تبلغ مساحتها 30 في المئة من مساحة الضفة). وهل سيكتفي بالمستوطنات الكبرى، "معاليه أدوميم"، و"أرييل"، و"غوش أتزيون"، أم سيضم كل المستوطنات والبؤر الاستيطانية كافة، وغور الأردن نفسه كما يرى مخطط ترامب "رؤية السلام" المعروف باسم "صفقة القرن"، وهو ما يطالب به قسم من المستوطنين، باعتبار "كل شيء لنا" بحسب رأيهم، وباعتبار وجود ترامب في الرئاسة الامريكية "فرصة تاريخية" لا تتكرر. هل يعلَن الضم، أم بسط سيادة القانون الإسرائيلي عليها؟ هل سيتم ذلك في الأول من تموز/ يوليو، أم أنه سيكون ممكناً "بدءاً" من هذا التاريخ.. وحده الله يعلم. ترامب يلوذ بالصمت، منشغلاً أو متشاغلاً بجائحة كورونا التي تتعاظم قوة فتكها في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتظاهرات العملاقة "حياة السود تهم" ضد التمييز العنصري وعنف البوليس، وبحظوظه المتناقصة بالفوز بولاية ثانية.
هناك حوالي 430 ألف مستوطِن يعيشون في أكثر من 130 مستوطنة تم بناؤها منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967. هي "واقع" حال، يقول الإسرائيليون، وأنهم يأملون ألا "يُضيّع" الفلسطينيون قرناً آخر في رفضه. لكن وبمقابل ذلك، فليس لهم التمتع بأي حقوق: لن يُعطى سكان القرى التي تقع ضمن الأجزاء المشمولة بالضم "حق" الحصول على الجنسية الإسرائيلية مثلاً، ومن غير الواضح ما إذا كانوا سيحتفظون بأراضيهم وبيوتهم، التي ستكون والحال هذه محاطة بحصار المستوطنين الشرسين. بل وحتى ليس من الواضح إن كان سيكون لهم "حقٌ" في البقاء حيث ولدوا وحيث قبور آبائهم. وسيكون من اليسير طردهم باعتبار وجودهم "غير قانوني"، والسؤال الوحيد هو إلى أين؟
ليست صفقة ولا هي تسوية
01-02-2020
"صفقة القرن": تانغو بين الواقع والوثيقة
03-02-2020
يقول نتنياهو أنه "يمكن أن يكون للفلسطينيين كيانهم الخاص لو هم وافقوا على الرقابة الإسرائيلية الأمنية حيثما كان، وليسموه ساعتها دولة لو شاؤوا". أي أنهم يوافقون على البقاء تحت الاحتلال الذي يصبح هو القاعدة الطبيعية، ويحوّلهم إلى مقيمين من الدرجة الثانية حتى لو خضعوا لسلطته. أما سفير واشنطن في تل أبيب، ديفيد فريدمان، فهو أكثر صراحة من رئيس وزراء إسرائيل. يسخر: "سيكون للفلسطينيين دولتهم حين يصبحون كنديين". هؤلاء القوم يرتكبون ما يخطر على بالهم ويناسبهم، ثم بعد الفعل الذي يصبح "واقعاً" يجدون المبررات والتغطية القانونية التي يخترعونها لو لزم الامر، ثم يتبجحون، ويتكلمون بثقة صاحب الحق، أو بكلام من يقول للآخرين "بلّطوا البحر".
ومع اقتراب "الموعد"، صدرت هذا الأسبوع بيانات، وأطلقت تصريحات عدة تحذّر من انتفاضة ثالثة، وتقول بكل بلادة أن ما يجري يقضي على "الأمل بالسلام" وعلى "حل الدولتين". ثمة من لا يريد أن يرى ولا أن يسمع، وهو يتمسك بشعار مريح لعجزه عن ابتكار سواه، بينما هو يعرف تماماً أن شعاره كاذب، أو هو يخاف من الاشتباك مع إسرائيل وعلى مصالحه مع سلطات بلاده الحامية لها، أو هو يرغب أصلاً بمحاباتها. وإلا فكيف يمكن استقبال البيان "القوي" الذي صدر عن أكثر من ألف برلماني أوروبي (كتّر الله خيرهم!)، ربعهم بريطانيون، يندد بخطط الضم تلك، ويقول أنها تصيب بالصميم القانون الدولي وشرعيته، وتشكل سابقة. كلام جميل.. حقاً.
على أي سكةٍ ستأتي النكبة القادمة؟
15-05-2020
إلا أن الموقف ذاك لا يقول أبداً ما الحل إذاً؟ دولة ديمقراطية يتساوى فيها مواطنوها يا سادة؟ حسناً، هذا مرعب لو قيس بإسرائيل، أو طبق عليها، مع أنه المبدأ المعمول به في دولكم، نظرياً وقانونياً على الأقل. هل هو التهديد بفرض عقوبات على إسرائيل؟ أعوذ بالله. التهديد إذاً بإدانتها ومقاطعتها؟ لا هذا ولا ذاك! إسرائيل استثناء. ويكفي توجيه كلام يحمل لوماً لجرح شعورها. ولذا فهي تُترك تفعل ما تشاء. ولن يكون الفلسطينيون لا أول الشعوب التي يُضحّى بها ولا آخرها. سوى أن السادة المستعمِرون هنا يطلبون صك براءة لهم من الضحية. وهذا آخر ما نملك، ومن يعطيه، تحت مسميات تفاوض وبحث عن حلول، يكون متعاوناً مع إسرائيل، وخادماً لها.