الحرب على رواتب الأسرى.. القصة أكبر من حسابات بنكية!

استثمر الاحتلال أحداثَ 11 سبتمبر/أيلول المُتزامنة مع انتفاضة الأقصى، والأنظمة العالميّة الصارمة في مراقبة الحوالات الماليّة بحجّة "الحرب على الإرهاب"، في الفتك بالعصب الاقتصاديّ للأسرى وذويهم. واستجابت البنوك العاملة في مجال السلطة الفلسطينيّة لذلك، ودخل الفلسطينيّون بدورهم في منظومةٍ قاسيةٍ من الرقابة الماليّة تُضعِفُ من صمود الفلسطينيّين عموماً، وهو أمر تفاقم بعد الانقسام الفلسطينيّ، وتجاوز في آثاره المزعجة حركة "حماس" أو فصائل المقاومة، إلى عموم الفلسطينيين.
2020-05-29

شارك

لا ينبغي لأحدٍ أن يتفاجأ من قرار بعض البنوك العاملة في مجال السّلطة الفلسطينيّة بإغلاق حسابات الأسرى الفلسطينيّين وذويهم، بذريعة قرارٍ عسكريٍّ إسرائيليٍّ يعدّ رواتب الأسرى "مدفوعات محظورة"، ويهدّد بإجراءات ضدّ البنوك التي تُحوَّل رواتب الأسرى إليها، فلا جديد في هذا المسار المتصاعد في استهداف الأسرى. وإذا كان القرار الأخير، جاء في صورة إجماعٍ بين البنوك وفوريّاً وحاسماً، وقد خفّف من حدّته إرجاءُ السّلطة تنفيذه إلى ما بعد الخروج بتوصيّات لجنة شُكّلت لمعالجة الأزمة، فإنّ القرار ماضٍ منذ أكثر من سنتين في بعض البنوك، هذا فضلاً عن سابقة الاحتلال في الاعتداء على بعض البنوك ومصادرة حسابات بعض الأسرى فيها، بيد أنّ المفاجأة منفيّة باعتبار سياقٍ أكبر من هذه السوابق التاريخيّة.

مساران للمصادرة: من البلاطة وحتّى الراتب

بدأت ملاحقة مخصّصات الأسرى التي تصلُ حساباتِ ذويهم البنكيّة من تنظيماتهم وفصائلهم، من بعد انتفاضة الأقصى، والتي مثّلت ملحمةً غير مسبوقة في الصراع مع الاحتلال، والذي تعامل معها بدوره بجدّية بالغة عدّها فيها امتداداً لـ "حرب الاستقلال". منذ ذلك الحين، عمل الاحتلال على مسارين، لتحطيم واحدة من دعائم تعزيز صمود الفلسطينيّين والحفاظ على حدّ معقول من ديمومة نضالهم، في واقعٍ فلسطينيٍّ ضيّقٍ ومحاصر، ويفتقر دائماً لاعتبارات موضوعيّة تساعد في الاستمرار الذاتيّ بوتيرة واحدة مرتفعة من النضال.

المسار الأول، فيزيائيٌّ مباشر، يمسّ الأسرى في معيشتهم داخل السجون، ويعتمدُ على مصادرة إنجازاتِهم التي من شأنها أن تخفّف من الآثار الاعتقالية على إراداتهم النضاليّة. ولم يكن إخراج المعتقلات التي بلغت فيها إنجازاتُ المعتقلين ذروةً غير مسبوقة، من مسؤولية الجيش إلى مسؤولية مصلحة السّجون، إلا خطوةً في اتجاه السحب المكثّف لإنجازات المعتقلين، ومعالجة إشكالية عودة المعتقلين أنفسهم إلى السجن، بمعنى اكتشاف الاحتلال أنّ السجن لم يعد رادعاً لشريحة واسعة من منتسبي بعض الفصائل الفلسطينيّة، ولاسيما فصائل المقاومة.

استفاد الاحتلال لإنفاذ مساره الأول، من الطغيان الملحميّ للانتفاضة الذي ضيّق من هوامش الاستجابة الجماهيريّة لأيّ فعاليّة نضالية داخل السجون. ثمّ استفاد من تغيّر تركيبة المعتقلين والمُترتبة على اجتياح المدن والمُفضية إلى فوضى وارتباك في صفوف الأسرى في المراحل الأولى، ثمّ إلى تغيّر التمثيل الاعتقاليّ على نحو أكثر استجابة لمطالب السلطة الفلسطينيّة في الخارج. ثمّ استكمل خطّته، باستثمار التراجع المستمرّ في قوّة الحركة الأسيرة، وانقسامها بعد الانقسام الفلسطيني، لا بين "فتح" و"حماس" فحسب، بل وحتّى داخل "فتح"، كما كشف الإضراب عن الطعام الذي قاده القائد الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي عام 2017 ولم يلتحق به شطر كبير من الصفّ الفتحاوي داخل الأسر.

أمّا المسار الثاني، فهو خارج حيّز السجن، ولكنّه لصيقٌ بِهمِّ الأسير الأكثر إلحاحاً، أيْ طمأنينته تجاه الاستقرار الاقتصاديّ لعائلته، فقد بدأ الاحتلال باستهداف حوالات فصائل المقاومة لحسابات أهالي منتسبيها من الأسرى. ومنذ ذلك الوقت، صارت مخصّصات أسرى فصائل المقاومة من فصائلهم قضيّةً بالغة الخطورة والصعوبة، وتحوّلت إلى مهمّة نضاليّة سرّية محفوفة بالقلق والخوف، من حيث تنفيذها، فإدخال مخصّصات أسرى فصائل المقاومة شبه محال. ومع الانقسام الفلسطيني زادت الجهات التي تلاحق مخصّصات الأسرى في الضفّة الغربيّة، وبات الأسير المحرّر أو أهل الأسير يدفعون ثمناً مُكلفاً بالاعتقال والغرامات جرّاء محاولتهم إدخال مخصّصات الأسير.

المقال الكامل على موقع "متراس"

مقالات من العالم العربي

"شنكَال"؟

فؤاد الحسن 2024-12-23

لا يقبل الدين الإيزيدي الراغبين في الانتماء إليه، الذين لم يولدوا لأبوَين إيزيديين. وهو بذلك، كديانة، ليست تبشيرية، ولا نبي أو رسول للإيزيديين، وهذا ما يجعل علاقتهم مباشِرة مع خالقهم،...

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.