ليبيا وضحكة القذّافي

لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية لحكومته: التحذير من تدخل محتمل لقوات أجنبية في حال استمرت الفوضى السائدة في البلاد، ودعوة الشعب الى التحرك ضد الميليشيات المسلحة.في التحذير المذكور استسلام معلَن لحالة ليبيا التي وصفها الرجل يوم الأحد الماضي
2013-11-13

شارك

لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية لحكومته: التحذير من تدخل محتمل لقوات أجنبية في حال استمرت الفوضى السائدة في البلاد، ودعوة الشعب الى التحرك ضد الميليشيات المسلحة.
في التحذير المذكور استسلام معلَن لحالة ليبيا التي وصفها الرجل يوم الأحد الماضي بأنها باتت «مصدراً للإرهاب والقلاقل والعنف». وأما الاحتكام إلى نخوة الشعب، فيستند إلى استنفار مصالح مئات الآلاف ممّن لا يزالون يعتمدون في معيشتهم على رواتبهم كموظّفين حكوميين في ما تبقّى من مؤسسات القطاع العام، خصوصاً في المدن الرئيسية، بما أنّ طرابلس الغرب «قد تجد صعوبة في تمويل الإنفاق المقرّر في الميزانية ما لم تتوقف الإضرابات المتسبّبة في غلق حقول النفط وموانئ التصدير». والخلط بين الميليشيات والإضرابات في القطاع النفطي ليس ضرباً من العبث من قبل زيدان، ذلك أنّ العنوان الأبرز للنزعات الانفصالية العشوائية السائدة حالياً في ليبيا تتّخذ من آبار وحقول النفط منطلقاً لحركتها ولخريطتها، بما أنّ هذه الثروة النفطية هي الأداة الوحيدة الممكنة لإسماع أصوات من هم خارج ثنائية طرابلس/بنغازي.
غير أنّ الردّ السريع على كلام زيدان جاء معاكساً للمأمول، وذلك بعيد ساعات فقط من خطابه، إذ أعلنت جماعة تطالب بالحكم الذاتي لشرق ليبيا، سبق لها أن استولت على موانئ نفطية عدة في مناطق نفوذها، بأنها أنشأت أول شركة نفط إقليمية انفصالية في مدينة طبرق، خارجة عن سلطة الحكومة المركزية.
اتقن العقيد معمر القذافي، طيلة عقود حكمه، العمل على تثبيت قاعدة تقوم على محو نفوذ قبائل واختراع أخرى بدلاً منها، في إدارة دائمة بهدف الحؤول دون ازدياد نفوذ أي منها أكثر من اللازم، أو مصاهرة تلك التي يصعب إبادتها أو استبدالها، أو اختزال مجموعة قبائل تنتمي إلى جذر واحد بأحد فروعها وضرب المتنافسين على الحظوة بعضهم ببعض للتدخل فيما بعد كحكَم لا يعلو كلمته صوت، وتسليم نخبة قبلية معينة منطقة كاملة من صحراء الجنوب والوسط، منبع النفط، أو توزيع أجزاء من قبيلته وحلفائها على المناطق التي تقع فيها موانئ تصديره ومشاركتها نصيباً واسعاً من إيراداته... كل ذلك بغضّ النظر عن ثمن تلك الاستراتيجية التي أدّت إلى ما تعيشه ليبيا اليوم. أما طاقم ما بعد سقوط القذافي وآله، فهم، تجميعة لقبائل منتصرة على أخرى ويرفضون القبلية في آن، يصرّون على تعزيز مركزية بنغازي/طرابلس ويتساءلون عن سبب غضب الجنوب والأطراف والوسط في الوقت نفسه...
لا شكّ أنّ ضحكة معمر القذافي تملأ قبره هذه الأيام وهو يشاهد مآل الأحداث في بلاده. القذافي زرع، واليوم حان موسم الحصاد، ومَن يدري، قد تعلو الصرخات المنادية بعودته غداً محيط سجن بوسليم.
            
 

للكاتب نفسه

«شجرة فوبيا»

أرنست خوري 2013-11-27

قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...

هكذا تكلّم "الصندوق"

أرنست خوري 2013-10-30

أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....

مصر: إعادة صياغة الأسطورة 

أرنست خوري 2013-10-09

كانت الاحتفالات المصرية يوم الأحد الماضي بالذكرى الأربعين لـ«نصر أكتوبر»، مختلفة. وذلك صحيح حتى بمقاييس ما أحاط بالمناسبة عند اغتيال أنور السادات خلال إحيائه الذكرى الثامنة لذلك «النصر» (الذي كان...