في البداية، تعاطى مرسي ــ عن جهل أو عن سوء نية ــ بخفّة مع مشروع «سدّ النهضة» الذي تستعدّ إثيوبيا لبنائه منذ عام 2011، بغية استخدام مياه النيل الأزرق في إنتاج الطاقة.
ثمّ اختلف تعاطي الرئيس... تناقلت وسائل الإعلام مواعيد بدء العمل بالسدّ، فراحت الجماهير المصرية تتظاهر أمام السفارة الاثيوبية في القاهرة، مناديةً بطرد السفير، وصولاً إلى المطالبة بشنّ الحرب على هذه الدولة فيما لو واصلت السير قدُماً بمشروعها! عندها، ظهرت مصطلحات «الوضع الطارئ»، واللاءات المتكرِّرة (لن نسمح، لن نقبل...) تتردّد على لسان الرئيس وفريق عمله، إلى أن وصل الأمر حدّ تشكيل خلية أزمة تضمّ قادة الأجهزة الأمنية والوزراء المعنيين، بل قادة أحزاب المعارضة، لدرء خطر «المجاعة المائية» التي تفيد بعض التقارير بأن السدّ يهدّد بحصولها لمصر. أين كنتم يا سادة؟ وهل هناك خطر فعلي، ولماذا إذاً أكدت وزارة الخارجية في الخرطوم قبل أيام أنّ السدّ لا يشكل خطراً على السودان، ولماذا لا يتم اللجوء الى الهيئات الدولية ولا سيما أن تلك منازعات تنظمها اتفاقيات وقوانين...
ولأشهر، كانت المعارضة المصرية قد اتهمت مرسي بمباركة مشروع السد البالغة تكلفته 4.7 مليارات دولار، بدليل أن مصر شاركت مع السودان منذ عام في اللجنة الدولية للسدّ. أما آخر كلام «علمي» صدر حول الموضوع، فقد جاء في تقرير لخبراء من مصر والسودان واثيوبيا يوم السبت في الأول من حزيران/يونيو الجاري، وخلص إلى أنّ «الدراسات المقدمة من الجانب الإثيوبي لا توضح التحديد الكمي لأي من الفوائد أو الآثار السلبية للسد»، مع توصية بـ«إجراء مزيد من الدراسات للجوانب الاقتصادية والاجتماعية وأمان السدود والموارد المائية فضلاً عن النواحي البيئية». وهو استدراك متأخر بعض الشيء، لكون تحويل مياه النهر بدأ بالفعل!!
ليس الموضوع هنا المسّ بحصّة مصر من مياه نهر النيل والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً. بل هو في تلك التعبئة الجماهيرية المفاجئة، التي تخفي بالكاد أغراضها السياسية، علاوة على توسل لغة لا اسم لها سوى العنصرية، كالسخرية من أنّ «بلد الهياكل العظمية» (المقصود اثيوبيا حيث الناس جياع) يريد سرقة مياه نهرنا العظيم. بينما النيل ليس مُلك المصريين والسودانيين وحدهما، وهما دولتا المصبّ، لأن هناك تسع دول أخرى جميعها تشكل حوض النيل، وتحتاج مياه النهر في التنمية والطاقة والزراعة.
ثمة ما يوحي بأن تعاطي الرئيس مرسي مع «مشروع سدّ النهضة» موظف للالتفاف على المعارضة الشعبية، حيث نجحت حركة «تمرد» في جمع ما يقرب من ثمانية مليون توقيع لدعوته للاستقالة. فهل تقرع طبول حرب لفظية ضد أثيوبيا لحرف الأنظار عما يجري في مصر نفسها؟ هل يصبح السد هدية على طبق من فضة، بينما في الواقع لا مفاجأة والأمر معروف وموافق عليه...
فكرة
سدّ النهضة وخلاص مرسي
في البداية، تعاطى مرسي ــ عن جهل أو عن سوء نية ــ بخفّة مع مشروع «سدّ النهضة» الذي تستعدّ إثيوبيا لبنائه منذ عام 2011، بغية استخدام مياه النيل الأزرق في إنتاج الطاقة.ثمّ اختلف تعاطي الرئيس... تناقلت وسائل الإعلام مواعيد بدء العمل بالسدّ، فراحت الجماهير المصرية تتظاهر أمام السفارة الاثيوبية في القاهرة، مناديةً بطرد السفير، وصولاً إلى المطالبة بشنّ الحرب على هذه الدولة فيما
للكاتب نفسه
«شجرة فوبيا»
أرنست خوري 2013-11-27
قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...
ليبيا وضحكة القذّافي
أرنست خوري 2013-11-13
لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...
هكذا تكلّم "الصندوق"
أرنست خوري 2013-10-30
أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....