كانت الاحتفالات المصرية يوم الأحد الماضي بالذكرى الأربعين لـ«نصر أكتوبر»، مختلفة. وذلك صحيح حتى بمقاييس ما أحاط بالمناسبة عند اغتيال أنور السادات خلال إحيائه الذكرى الثامنة لذلك «النصر» (الذي كان هو أحد آبائه الشرعيين)، أو حين دعا مرسي في العام الماضي، مَن بقي من المجموعة التي اغتالت السادات إلى المنصة الرئيسية للحفل. الحدث هذا العام، على مشهديته، يمتلك بُعداً آنياً داخلياً أقوى بكثير من رمزية الحرب وما نتج عنها. يعيد الجيش المصري اليوم التأكيد أنه الوحيد القادر على تعيين قواعد الاشتباك السياسي، وفرضها على مؤيديه وخصومه على السواء. وهو تمكن من ذلك عبر تكوين منطق عام جديد للذكرى في المخيلة الجمعية لغالبية المصريين، من كارهي جماعة «الاخوان المسلمين» وأنصارهم على السواء. فأجواء الاحتفالات وما سبقها، تقترح ما يشبه التماهي بين إسرائيل و«الاخوان»، حيث أمسى ما تحقّق من انتصار في العام 1973 موازياً لخلع الاسلاميين عن الحكم بعد عام واحد من فشلهم المعمَّم. وكذلك باتت مخيلة أنصار «الإخوان» تساوي بين احتفالات الحدث التاريخي من جهة، وخسارتهم هم قبل ثلاثة أشهر من جهة ثانية، مجسّدين بذلك عجزاً سياسياً جديداً بانجرارهم إلى الحملة الدعائية للجيش، المعلنة والضمنية، التي تمكنت من تصويرهم كأنهم خوارج عن المجتمع، غرباء، وهو ما أضمِر في وعي ولاوعي جزء لا يُستهان به من عامة الشعب المصري ونخبه. وكأنّ «الإخوان» وجدوا ضالّتهم في وضعية الضحية، بعد اعتقال معظم قادتهم، فراحوا يزيدون من فداحة الحالة عبر اللجوء إلى العنف الأصيل والمضاد، والتوقف بالزمن عند الإطاحة بمرسي، واتخاذ مواقف انتحارية مثل اختيار السادس من أكتوبر لتحريك «مليونية ضد الانقلاب»، في مكان الاحتفال المركزي نفسه بـ«ذكرى العبور» وتدمير خط بارليف. في هذا السياق، يندرج مقتل وجرح واعتقال المئات يوم الأحد الماضي من طرفَي «بحبّ الإخوان» و«بكره الإخوان».
لقد تمّت هندسة زينة الاحتفالات وشعاراتها واكسسواراتها بالكامل هذا العام لخدمة هدف واحد: إعادة اختراع أسطورة مؤسِّسة جديدة لـ«مصر ما بعد الإخوان». صحيح أنّ صور عبد الناصر والسادات عادت إلى الواجهة، إلا انها كانت عودة خجولة لم تعكّر فيضان بورتريهات عبد الفتاح السيسي والفوتوشوب الملازم لوضعياته المتعدّدة التي لا مكان فيها إلا للرصانة والعبوس الضروريَّين لملامح رجل عَزَل محمد مرسي وضرب «الإخوان» بيد من حديد. ثمة خلل وفصام تحملهما أهازيج المحتفلين يوم الأحد بهزيمة «الإخوان» تحت شعار حرب أكتوبر، على وقع رفرفة الأعلام المصرية وهدير الطائرات العسكرية رامية الهدايا والبالونات على المحتفلين بهزيمة «الإخوان»، والفرق الموسيقية والأغاني الوطنية، وأصوات الألعاب النارية... وهي جميعها شكّلت تجديداً للبيعة، لا ضدّ إسرائيل ولا أي عدو خارجي آخر، بل ضد فئة مصرية ـ أعجبتنا أم لم تعجبنا ـ فمن المؤكد أنّها كبيرة. مصر ليست بخير.
فكرة
مصر: إعادة صياغة الأسطورة
كانت الاحتفالات المصرية يوم الأحد الماضي بالذكرى الأربعين لـ«نصر أكتوبر»، مختلفة. وذلك صحيح حتى بمقاييس ما أحاط بالمناسبة عند اغتيال أنور السادات خلال إحيائه الذكرى الثامنة لذلك «النصر» (الذي كان هو أحد آبائه الشرعيين)، أو حين دعا مرسي في العام الماضي، مَن بقي من المجموعة التي اغتالت السادات إلى المنصة الرئيسية للحفل. الحدث هذا العام، على مشهديته، يمتلك بُعداً آنياً
للكاتب نفسه
«شجرة فوبيا»
أرنست خوري 2013-11-27
قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...
ليبيا وضحكة القذّافي
أرنست خوري 2013-11-13
لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...
هكذا تكلّم "الصندوق"
أرنست خوري 2013-10-30
أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....