أمام حجم المأساة السورية، تصبح الأحاديث عن «أشياء جيدة» تحصل هناك، من الأمور المثيرة للخجل لصاحبها. وتشتد الحيرة كلما جرى تكبير الحجم، المتعاظم أصلاً، للمجموعات الاسلامية المسلحة التي يتم وضعها كيفما اتُّفق في خانة تنظيم القاعدة وأخواته. معلوم الدور الرئيسي للنظام السوري في انتشار هذه المجموعات التي تعمل وفق معادلة أكثر قدر ممكن من القتل، مما يصل الى حدّ إلحاق الاضطراب بغاياتها السياسية. وهي باتت موجودة بالفعل، وبقوة، وهذا هو المهمّ. لكن المجدي هو إعطاء ردّة فعل شعبية سورية حيالها، حقها، رافضة لـ«داعش» (الدولة الاسلامية في العراق والشام) و«النصرة» والآخرين. الظاهرة تسير منذ أكثر من عام بوتيرة تصاعدية، حتى في أكثر الأماكن خضوعاً لسيطرة هؤلاء الوافدين من مرحلة قبل التاريخ، أو من أمراضه. فالرقّة، أفقر المحافظات السورية تاريخياً، وهي المدينة الكبيرة الوحيدة المنفلتة من سلطة النظام، وريف حلب، وريف إدلب، هي ساحات لتظاهرات يومية ضدّ «المحاكم الشرعية» المستبدّة بأمور الناس هناك، وبل وساحات لمعارك عسكرية بين فصائل من «الجيش الحرّ» ومقاتلي الأقنعة السوداء. ومَن يكترث بمتابعة المواضيع السورية الحياتية اليومية، سيجد كمّاً كبيراً من التقارير والأخبار والتفاصيل حول رفض شعبي عام لهذه النسخة القاتمة من الاسلام. رفْض سبق وعبّر عنه أهالي ريف إدلب في مقولة شديدة الرمزية: «لا يمكنكم بيع المياه في حارة السقّايين»، وذلك للإشارة إلى أنّ لبلاد الشام نسخة متجذّرة جداً من الاسلام، بحيث لا يحتاج أهلها لمَن «ينوّرهم» بفتاوى أهل الكهف في طرازهم الجديد. أكثر من ذلك، فإنّ معسكرات كثيرة للتكفيريين جرى التفاوض معهم على إنشائها عند أطراف بلدات وقرى ريف إدلب، لمنع اختلاط السكان بهم.
رفض شعبي تنتج عنه مفاعيل من نوع أنّ العدد الأكبر من قيادات ومقاتلي هذه المجموعات هم اليوم من غير السوريين، حتى باعتراف الإعلام الغربي المساهم بقوة في تكبير حجم هذه الكائنات، وهو ما يُستدلّ عليه من أسماء أبو عمر الشيشاني، وأبو عمر الكويتي... ظاهرة تُترجِم واقع عدم اندماج المجتمع السوري بهذه التنظيمات، وعجز هذه الأخيرة عن التغلغل بدورها في صلب تكويناته. في هذا السياق أيضاً، ليس تفصيلاً وعي كثُر ممّن لا يزالون صامدين في سوريا، بأنّ إسقاط النظام ليس هدفاً بذاته، بل شرط ضروري لحياة أفضل للسوريين، وهو ما يستحيل حصوله في ظلّ حكم هذه المجموعات الغريبة عن نسيج المجتمع السوري وذاكرته.
فكرة
أمور «جيّدة» في سوريا!
أمام حجم المأساة السورية، تصبح الأحاديث عن «أشياء جيدة» تحصل هناك، من الأمور المثيرة للخجل لصاحبها. وتشتد الحيرة كلما جرى تكبير الحجم، المتعاظم أصلاً، للمجموعات الاسلامية المسلحة التي يتم وضعها كيفما اتُّفق في خانة تنظيم القاعدة وأخواته. معلوم الدور الرئيسي للنظام السوري في انتشار هذه المجموعات التي تعمل وفق معادلة أكثر قدر ممكن من القتل، مما يصل الى حدّ إلحاق الاضطراب بغاياتها
للكاتب نفسه
«شجرة فوبيا»
أرنست خوري 2013-11-27
قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...
ليبيا وضحكة القذّافي
أرنست خوري 2013-11-13
لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...
هكذا تكلّم "الصندوق"
أرنست خوري 2013-10-30
أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....