ضرب الرئيس السوداني عمر البشير موعداً عرقوبياً جديداً لـ"التغيير الكبير" في بلاده: في حلول نهاية عيد الفطر (أي في منتصف آب/أغسطس المقبل)، ستحصل "نفضة" كاملة على صعيد "السياسات والوجوه والأفكار" الحاكمة، وفق ما سرّبه مقرّبون منه في حزبه، "المؤتمر الوطني"، قبل أيام. مشروع يوحي بأنّ ما سيحصل سيكون أكبر من مجرد تعديل حكومي سبق أن قام به ربما عشرات المرات في السنوات الـ24 التي حكم فيها منذ انقلابه على الصادق المهدي، من دون أن يتغير شيء، ما خلا زيادة في الجوع والقتل والتسلط والتقسيم والتفرّد في الحكم والحروب المتنقلة من شرق البلاد إلى غربها، وشمالها فحدودها الجنوبية الجديدة. أهي مناورة جديدة للرجل، أم أنه، وهو الذي حرمه الخالق من الأولاد من زيجاته الثلاث (جميعها تقريباً حيكَت بطريقة تساهم في الحفاظ على حكمه)، بات يستشعر خطراً حقيقياً على مصير حكمه عشية بلوغه السبعين من العمر، وبعد رواج موضة التوريث في الجمهوريات!؟ سؤال كل جواب عنه يدخل في باب التخمينات القليلة القيمة في حسابات التاريخ، لكنه قد يكون مؤشراً جديداً لانعطافة في صلب "الاستثناء السوداني" الذي أرساه البشير منذ العام 1989. حتى في خطة "الانسحاب التدريجي" التي أعلن عن خيوطها العريضة في الخرطوم، يثبّت البشير استثناءً عن خطط الانسحاب المعهودة. ففي القيادات الحكومية والرئاسية والبرلمانية المنوي إرساؤها (من دون الاقتراب من الأجهزة الأمنية الجيش)، لن يكون هناك أعضاء يبلغون من السنّ أكثر من 50 عاماً بحسب ما طلبه الرئيس من أعضاء المكتب القيادي لحزبه، ليبقى هو الوحيد تقريباً الذي يناهز السبعين. لا يُتوقَّع أن تهلّل عواصم الغرب لهذه "المسرحية الثورية"، بما أنّ باقي فصول السيناريو كشف عنها صديق البشير وقريبه، محمد لطيف، الذي لفت إلى أن البشير "يسعى إلى تغيير كبير، لكنه عدّل في سيناريو التغيير بحيث يكون هو آخر المغادرين بدلاً من أن يكون أولهم، وهو يرتب لخلافته، والتعديل الحكومي المقبل يعتبر تمهيداً لذلك، خوفاً من وقوع أي صراع بين الإسلاميين على خلافته".
الاستثناء السوداني بنسخته البشيرية مستمر، والتشويق سيكون عنوان فصوله المقبلة. هل يستلم غداً أحد المقربين من البشير الحكم، ليكون واجهة جديدة لسلطة العسكر، وليرث كوارث المجاعة ودارفور وجنوب السودان ومذكرات اعتقال المحكمة الجنائية الدولية، والقتل الجماعي والهجرة المكثفة والتصحر؟ أم يعيد الرجل تحالفه مع حسن الترابي والصادق المهدي... أم يصفّيهما؟
قبل حوالي عام، سخر البشير من المتوعدين بالإطاحة به من خلال تظاهرات الغضب. خاطبهم قائلاً: تستطيعون إطاحتي فيما لو تمكّنتم من لحس كوعكم. فما كان من عشرات الآلاف إلا تخصيص احد أيام تظاهراتهم للحس جماعي لأكواعهم. ظلّ هذا "اللحس" محصوراً بإطار التحدّي الرمزي بالنسبة للمعارضين، لكن قد يكون البشير نفسه هو مَن استشعر جدياً بخطر الكوع.
فكرة
الاستثناء السوداني
ضرب الرئيس السوداني عمر البشير موعداً عرقوبياً جديداً لـ"التغيير الكبير" في بلاده: في حلول نهاية عيد الفطر (أي في منتصف آب/أغسطس المقبل)، ستحصل "نفضة" كاملة على صعيد "السياسات والوجوه والأفكار" الحاكمة، وفق ما سرّبه مقرّبون منه في حزبه، "المؤتمر الوطني"، قبل أيام. مشروع يوحي بأنّ ما سيحصل سيكون أكبر من مجرد تعديل حكومي سبق أن قام به ربما عشرات المرات في السنوات الـ24 التي حكم فيها منذ
للكاتب نفسه
«شجرة فوبيا»
أرنست خوري 2013-11-27
قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...
ليبيا وضحكة القذّافي
أرنست خوري 2013-11-13
لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...
هكذا تكلّم "الصندوق"
أرنست خوري 2013-10-30
أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....