لطالما كان يُقال ان تنظيم الاخوان المسلمين، في العالم العربي عموماً، وفي مصر خصوصاً، يجيد إدارة العمل الاجتماعي الدعوي، ويفشل حين يتسلم «أخ» من صفوفه الحكم. بالطبع ظلّت الحالة الحمساوية في غزة استثناءً لألف سبب. كان على مصر ما بعد حسني مبارك أن توفّر ميدان الاختبار الأدقّ، وقد ظلّت الحملة المناهضة للرئيس محمد مرسي ولحزبه ولتنظيمه الأم تندرج في خانة الصراع الطبيعي الذي يترجِم توق المصريين للمناكفة والمعارضة والبحث عن نمط حكم جديد يشبه شخصيتهم، بعد عقود من اختبار السكينة والذل والقمع والتهميش. لكن إصدار مرسي إعلانه الدستوري الهامايوني، الذي يخوّله اتخاذ كافة القرارات غير الخاضعة لأي إمكانية للإبطال، بحجة «حماية الثورة» (مثلما كانت فرمانات حالات الطوارئ تُبرَّر بأولوية تحرير فلسطين)، اختصر السنوات التي كانت ضرورية لفحص أهلية مرسي وإخوانه على الحكم من عدمه. لقد قدّم الرجل لخصومه ورقة مجانية رابحة في رحلة اصطياد خطاياه. حتى مَن كان يعارض مرسي و«إخوانه» برفق، صار مستعدّاً للتخلي عن حيائه وقولها علنية، على «الفايسبوك» وفي الشارع: اسمه محمد مرسي، مهنته: حسني مبارك.
لم يشفع لمرسي تضمين سلّة قرارته الجنونية بنداً ينص على إعادة محاكمة رموز النظام السابق. كذلك كان حال توقيت القرار، إذ إنّ ما اعتبره البعض بمثابة سلوك مصري مقبول حيال العدوان الأخير على غزة (مقارنةً مع ديبلوماسية نظام مبارك في أزمنة العدوان المتكرر على غزة)، محته بسرعة قياسية مبادرة مرسي في تنصيب نفسه رئيساً فوق العادة وفوق مبارك حتى، وذلك بالتزامن مع انتهاء العدوان.
الانتحار السياسي لمرسي بدأ يتخذ شكله المؤسساتي والدموي. بدء سقوط قتلى في صفوف معسكري المناهضين والمؤيدين له. استقالة نائب الرئيس احتجاجاً على الاعلان الدستوري. بدء تراجع الرئيس من خلال إشارته إلى الطابع الموقت لصلاحياته المطلقة. حتى وهو ينتحر، اختار مرسي السير بالخيار الأخطر: تعبئة مناصريه (الكثُر) في الشارع، دافعاً بذلك الاستقطاب السياسي إلى درجته القصوى. إن كان مستوى الانقسام العمودي على ما هو عليه في مصر حالياً، رغم تمتُّع شعب «المحروسة» بـ«فضيلة» كونه «صافياً» مذهبياً من ناحية الغالبية الاسلامية السنية، فكيف كان سيكون الأمر لو كان في مصر عامل انقسام مذهبي؟
لقد شعر مرسي بالانتفاخ الشعبي والسياسي باكراً. كان مشهده وهو يلقي خطابه يوم الجمعة الماضي تحت صورة عملاقة له أمام قصر الاتحادية، مشهداً مستفزاً بذاته. مَن يجرؤ، في بلد كمصر ما بعد ثورة يناير، أن يقف أمام جماهيره و«عشيرته»، ليلوّح بإصبعه الشهير وفوقه صورة عملاقة تمجّده على طريقة ما كانت الفنون البصرية تفعل أيام أبي العشيرة السوفياتية ستالين؟
وكأنه لا يكفي مرسي افتقاده الكاريزما وسمعته بأنه مرشح إخواني «بدلاً عن ضائع» (خيرت الشاطر الذي مُنع من الاستمرار في الترشح)، ليقرّر أن يتمّ تذكُّره باسم محمد مرسي مبارك.
فكرة
انتحارٌ على الطريقة المصريّة
لطالما كان يُقال ان تنظيم الاخوان المسلمين، في العالم العربي عموماً، وفي مصر خصوصاً، يجيد إدارة العمل الاجتماعي الدعوي، ويفشل حين يتسلم «أخ» من صفوفه الحكم. بالطبع ظلّت الحالة الحمساوية في غزة استثناءً لألف سبب. كان على مصر ما بعد حسني مبارك أن توفّر ميدان الاختبار الأدقّ، وقد ظلّت الحملة المناهضة للرئيس محمد مرسي ولحزبه ولتنظيمه الأم تندرج في خانة الصراع الطبيعي الذي يترجِم توق
للكاتب نفسه
«شجرة فوبيا»
أرنست خوري 2013-11-27
قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...
ليبيا وضحكة القذّافي
أرنست خوري 2013-11-13
لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...
هكذا تكلّم "الصندوق"
أرنست خوري 2013-10-30
أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....