دمشق ـ صنعاء ـ دمشق

في اليمن، كل شيء يسير بصعوبة اليوم. ضعْ جانباً مقدار الخراب الذي لا يزال علي عبد الله صالح يخلّفه، ممثَّلاً بأبنائه وأخوته الأشقاء وغير الأشقاء، وأقاربه وأركان حزبه (الذي لا يزال يرأسه رسمياً) في قيادات الأجهزة الأمنية والمؤسسات الرسمية. الغطاء الأميركي ــ السعودي، العربي ــ الدولي الذي سهّل ذاك الخراب لعقود، عاد لينتج بعد عام وشهر من «انتفاضة الشباب»، مبادرة خليجية أبقت على
2013-02-06

شارك

في اليمن، كل شيء يسير بصعوبة اليوم. ضعْ جانباً مقدار الخراب الذي لا يزال علي عبد الله صالح يخلّفه، ممثَّلاً بأبنائه وأخوته الأشقاء وغير الأشقاء، وأقاربه وأركان حزبه (الذي لا يزال يرأسه رسمياً) في قيادات الأجهزة الأمنية والمؤسسات الرسمية. الغطاء الأميركي ــ السعودي، العربي ــ الدولي الذي سهّل ذاك الخراب لعقود، عاد لينتج بعد عام وشهر من «انتفاضة الشباب»، مبادرة خليجية أبقت على صالح ولم تبقِه، أنهت عهداً ولم تنهِه. مبادرة أظهر اليمنيون وعياً وطنياً في موافقتهم على بنودها، رغم أنها حفظت لصالح وعشيرته الكثير، لكنها في المقابل أتاحت الفرصة لخلفه لكي يؤسس لـ«تطهير» البلاد من عشيرة صالح في الجيش والأجهزة الأمنية وأشلاء المؤسسات الرسمية، وهو ما بدأ من خلال قرارات إعادة هيكلة الجيش، تمهيداً لـ«الحوار الوطني». طبعاً لم يتوقّع أحد أن يشاهد السيد عبد ربه منصور هادي يجترح العجائب في عام واحد. لم يتوهّم أحد بأنه سيكون قادراً على حلّ أزمة الحوثيين ولا مشكلة الجنوب وشبح الانفصال أو استعادة السيادة من السعودية ومن الطائرات الأميركية التي تقصف بوتيرة تكاد تكون يومية مواقع «القاعدة»... تواضع اليمنيون في انتفاضتهم، لعلمهم بصعوبة شروط اجتماعهم وتاريخ بلدهم وتعقيداته الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية... يستحقّون جميعهم نيل جائزة نوبل للسلام على الانضباط الخيالي الذي أظهروه في إصرارهم على شعار «السلمية»، هم الذين يمتلك كلّ فرد منهم، «تشكيلة» خاصة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وربما الثقيلة. قرّروا ترك السلاح في المنازل، وبالنتيجة لم يُقتَل منهم سوى نحو ألفَي شخص خلال انتفاضتهم التي دامت عاماً وشهراً، إلى جانب جرح وتعرُّض آلاف آخرين للتعذيب والخطف طبعاً.
بعد أيام، ينهي اليمن عامه الأول برئاسة عبد ربه منصور هادي. عامٌ لا شكّ أنه كان أفضل من العقود الثلاثة الماضية. صحيح أنّ مستوى الفقر والفساد وحقوق الانسان لا يزال يضع هذا البلد في أسوأ المراتب، لكن شيئاً كبيراً تغيّر بالنسبة لليمنيين: عادت ثقتهم بأنفسهم، ثقتهم باحتمال التغيير، وهو ما يمكن تذكّره في لوحة الاحتفالات الشعبية التي سادت «انتخاب» هادي (أو مبايعته بـ 99.8 في المئة) في 21 شباط/فبراير 2012. كثيرة هي الظروف التي سهّلت السير بـ«الحلّ السياسي» الذي تُرجِم بـ«المبادرة الخليجية» التي شارك في كتابتها السفير الأميركي وممثل الأمم المتحدة، ووافقت عليها موسكو، وهذا كان حاسماً. لا شكّ أنّ المعارضين اليمنيين قرّروا القبول بالتسوية لرغبتهم الشديدة بالحدّ من الخسائر البشرية والمادية، لكنّ ذلك لما كان نجح لو لم تكن حصيلة ضحايا الانتفاضة محدودة، ولو دُمّر البلد بالمعنى الحرفي.
في سوريا اليوم، وبعد عامين على الانتفاضة التي انطلقت بسِلمية مشابهة لسِلمية نظيرتها اليمنية، يدور حديث عن «حلّ سياسي على الطريقة اليمنية». حلّ يُقال إنّ معظم الأطراف الخارجية المعنية تضغط على المعارضة من أجل أن تسير به. ما يُحكى عن وقف دول الخليج تسليح وتمويل العمل العسكري المعارِض، يندرج في ذلك الهدف. تكرار باراك أوباما انعدام حماسته إزاء معارضة يعتقد أنّ «جبهة النصرة» تشكّل عمودها الفقري، يصبّ في الخانة نفسها. اجتماعات ميونيخ يفسّرها البعض على أنها بداية مشوار «التفاوُض» في ظلّ استعصاء الحلّ العسكري. يمكن قول الكثير عن ضرورة وقف المجزرة السورية، حتى ولو كان الثمن التضحية بشعار إسقاط النظام أولاً. لكن هل مَن يتذكّر أنّ حَلاً نجح (أو يكاد ينجح) مع نظام قتل حوالي ألفين من أبنائه فقط، يصعب أن ينجح حيث وصلت حصيلة القتلى إلى 70 ألف، و160 ألف مفقود وعدد آخر يصعب إحصاؤه من الجرحى في بلد دُمّر بحجره وبشره؟

للكاتب نفسه

«شجرة فوبيا»

أرنست خوري 2013-11-27

قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...

ليبيا وضحكة القذّافي

أرنست خوري 2013-11-13

لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...

هكذا تكلّم "الصندوق"

أرنست خوري 2013-10-30

أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....