مع بداية العام الدراسي الحالي، اضطرّ الآلاف من السوريين المهجَّرين من بلادهم، إلى ارتياد مدارس مؤقَّتة أقيمَت في بعض دول الجوار، لمحاولة الحدّ من الخسارة الواقعة لا محال بحق الطلاب الذين فقدوا كل شيء تقريباً، بما فيه عامهم الدراسي. خسارة ربما تحمل إيجابية وحيدة تتمثل بنجاة عشرات الآلاف من حصّة التثقيف القومي الإلزامي على الطريقة البعثية. وعند محاولة دمج التلامذة السوريين في مدارس الدول المضيفة، ارتفعت الصرخة من قبل الطلاب السوريين وذويهم، إذ ظهر تفاوُت كبير في مستويات التلامذة اللاجئين ونظرائهم، اللبنانيين على سبيل المثال، خصوصاً في ما يتعلق بحصص اللغات الأجنبية والمواد العلمية. هكذا، شهدت بعض دول الجوار محاولات لاستحداث صفوف سورية بالكامل، بتلامذتها وأساتذتها، لتدريس المنهاج السوري نفسه. وقد ظهرت مشكلة مماثلة بالنسبة لعدد من الطلاب العرب العائدين من المدارس والجامعات السورية. أزمة سلطت الضوء على إحدى الجوانب الكثيرة المظلمة في النظام السوري العام، بما هو مزيج شاذ من القومية ـ العروبية ـ القُطرية ـ الاشتراكية، المنفتحة اقتصادياً على أشكال الفساد الليبرالي أو الاشتراكي لا فرق. وأمام هذه الخلطة العجيبة، حُكم النظام التربوي السوري وفق منطق مركَّب: الاشتراكية بمعنى مجّانية التعليم تُقابَل بأن يكون النظام التربوي فاشلاً ومتخلِّفاً (باستثناء اختصاصات قليلة)، بما أنه في العام 2012، لا يزال قسم لا بأس به من المنهاج التربوي السوري منسوخاً عن المناهج السوفياتية، و... الكورية الشمالية. هي كوريا الشمالية نفسها التي كان الرئيس حافظ الأسد يتبع «نموذجها» في الكثير من القطاعات، مثلما يظهر في فيلم «طوفان في بلاد البعث»، باكورة السينمائي الراحل عمر أميرالاي.
في سوريا العام 2012، لم يعد يعني الشيء الكثير أن تكون نسبة الذين يجيدون الكتابة والقراءة حوالي 80 في المئة، فهؤلاء يجدون أنفسهم، من بعد الجامعة، في سوق عمل داخلي أو خارجي مجرّدين من اللغات الأجنبية ومن المعارف الحديثة. حتى في نسب محو الأمية، لا تحتل سوريا سوى المرتبة التاسعة عربياً. النظام التعليمي السوري هو أحد الجرائم البعثية. نظام فهِم أنّ العروبة تعني التجهيل، وأن محاربة الامبريالية وقوى الاستكبار تُلزمه بمقاطعة الانجازات العلمية الغربية التي تبقى ملكاً للبشرية، لا لشعب ولا لدولة. طبعاً ذلك لا يمنع تخريج طغمة سورية حاكمة من الجامعات البريطانية والفرنسية والأميركية. هو نظام سخّر التعليم لمصلحة التكتيك السياسي. مثلاً، عندما كسرت باريس العزلة عن دمشق في العام 2008، قرّرت سوريا استحداث حصص اللغة الفرنسية في مختلف صفوف المدارس السورية لـ «ردّ الجميل»، من دون مراعاة ما تسبّب به «تعريب» الطلاب منذ مرحلة الروضة.
بعد أقلّ من شهرين على انطلاقة الثورة السورية، عرضت صفحة «الشعب السوري عارف طريقه» على «الفايسبوك»، ملصقاً بمناسبة عيد العمّال، مذيَّلاً بعبارة «تسقط اشتراكية الجوع والفساد». مع بداية العام الدراسي، ربما يصرخ فتية وفتيات سوريا "تسقط اشتراكية التجهيل".
فكرة
اشتراكيّة التجهيل
مع بداية العام الدراسي الحالي، اضطرّ الآلاف من السوريين المهجَّرين من بلادهم، إلى ارتياد مدارس مؤقَّتة أقيمَت في بعض دول الجوار، لمحاولة الحدّ من الخسارة الواقعة لا محال بحق الطلاب الذين فقدوا كل شيء تقريباً، بما فيه عامهم الدراسي. خسارة ربما تحمل إيجابية وحيدة تتمثل بنجاة عشرات الآلاف من حصّة التثقيف القومي الإلزامي على الطريقة البعثية. وعند محاولة دمج التلامذة السوريين في مدارس الدول المضيفة،
للكاتب نفسه
«شجرة فوبيا»
أرنست خوري 2013-11-27
قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...
ليبيا وضحكة القذّافي
أرنست خوري 2013-11-13
لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...
هكذا تكلّم "الصندوق"
أرنست خوري 2013-10-30
أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....