10 نساء فلسطينيات و10 أفلام منهنّ وعنهنّ وعن البلاد وهي تعكس، جميعها، غنى وعمقاً في قصص النساء الفلسطينيات ورغباتهن ومقاوماتهن.
يعود مهرجان "شاشات" لسينما المرأة في فلسطين في دورته الحادية عشرة هذا العام، بأفلام تبحث في الأبعاد المختلفة لحيوات نساء من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. اختار المهرجان هذا العام لنفسه عنوان "أنا فلسطينية"، بكل ما يحمله هذا العنوان البسيط والمباشر من معانٍ عميقة ودلالات.
ما معنى أن تكون إمرأة "فلسطينية" اليوم؟
يحاول المهرجان نفسه الإجابة عن هذا السؤال بطرح أسئلة أخرى عن معنى هذا الانتماء للبلاد. "هل هي رائحة البرتقال، هل هي حديقة في مسارنا إلى المدرسة أو الجامعة أو العمل؟ هل هو منزل قديم؟ هل هو معْلم تاريخي؟ هل هي أغنية؟". لا إجابات جامدة أو نهائية، بل أسئلة وبحث وتفكير بصوت عال، وعلى الشاشة، بهدف "التعبير والتعمق بالشعور بالهوية بعيداً عن الشعارات المستهلكة الهادفة لتقليصها"، بحسب تعبير المنظمين.
إذاً، هو بحثُ في الانتماء والهوية، الحرية والاحتلال، الحركة وتقييدها. هذه الأفلام القادمة من العمق الفلسطيني هي تمثيل سينمائي لتعبيرات متشعبة عن حيوات المرأة الفلسطينية المتعددة، "تعطي عمقاً إبداعياً وذاتياً لتصورات سينمائية حول العلاقة مع الأشخاص، الأشياء، المشاعر، الأماكن، الحكايات والعلاقات. تركز أفلام المهرجان على إعطاء عمق شخصي لكيفية تعزيز المواطنة بأبعادها المكانية والزمانية وفضاءات احتمالاتها".
تعكس الأفلام العشرة تنوعاً في الأساليب واللغات السينمائية المستخدَمة، فمنها ما هو وثائقي أو درامي، ومنها ما هو رسم تحريكي. فيها رقص تعبيري، قصص شعبية وأساطير، بطلات من كل الأعمار والمناطق والحكايات، منهنّ بدويات، طالبات، نساء عاملات، مكافحات في سبيل فرصة لحياة أفضل، ومنهنّ حالمات وحتى متسلقات جبال وقمم بعيدة. بالعودة للكلمة المفتاح: العزيمة، فهي ستظهر في كل فيلم من الأفلام مستترة ومعلنة، حتى خلف كلمات الحزن وفي لحظات الضعف القصوى والاكتئاب والتأرجح بين الأمل واليأس. على سبيل المثال، فيلم "سرد" لزينة رمضان، الذي يستند على محادثات ورسائل واتساب صوتية بين صديقتين، إحداهما في الضفة (المخرجة) والأخرى في غزة. ففي أكثر اللحظات الكالحة التي تيأس فيها الصبية من إمكانية الحصول على منحة والخروج من غزة، ثمّة عزم ما في إعلان أنها ستحاول على أي حال وتستمر بالمحاولة. وكذلك في فيلم "صبايا كليمنجارو" (لميساء الشاعر من جنين) الذي يتتبع رحلة 3 فتيات فلسطينيات إلى تنزانيا لتسلق القمة الشهيرة، لأنهن يرغبن بالتجربة والسفر والمغامرة، وهنّ يرين التجربة انعكاساً لتسلق قمم ذواتهنّ وهممهن. هي العزيمة مجدداً، في الأثواب التي تطرزها البدويات في البرية كذلك ("خيوط من حرير" لولاء سعادة)، وفي انتظار الجدّة السورية الفلسطينية لحرية ما تجعلها تزور أهلها في البلدين، وفي غيرها وغيرها من الحكايات...
الأفلام في الواقع متفاوتة في الجودة ومستوى الإخراج والكتابة، وبعضها ذو طابع هاوٍ، وجلّها مؤثر، لكنّ أهميتها تكمن في نجاحها في نقل صورة من المهم أن تُلتقط وتُعرض، بالذات لأنها عن نساء فلسطين بصوتهن وعدساتهن وعبر أفكارهن.
لمحة عن المشروع والمهرجان
تشكل أفلام "أنا فلسطينية" جزءاً من مشروع "يلاّ نشوف فيلم!" الذي تنفذه مؤسسة "شاشات سينما المرأة" بالشراكة مع "جمعية الخريجات الجامعيات" في غزة ومؤسسة "عباد الشمس لحماية الانسان والبيئة"، وهو مشروع ثقافي - مجتمعي ممتد على ثلاث سنوات بتمويل رئيسي من الاتحاد الأوروبي وتمويل مساعد من مؤسسة CFD (المؤسسة النسوية للسلام) وكذلك ممثلية بولندا في فلسطين. ينتج مشروع "يلّا نشوف فيلم!" عشرة أفلام، ويعطي 60 منحة صغيرة لعروض سينمائية، بالإضافة إلى إقامة 600 عرض ونقاش سينمائي ونشاطات أخرى مفتوحة، و10 برامج تلفزيونية (واحدة عن كل فيلم)، مع حملات إعلامية مرافِقة ومستمرة على مدة المشروع.
حرص المهرجان على لمّ البلاد على البلاد، وعدم التفريق بين غزة والضفة حتى في توقيت يوم الافتتاح والعروض. وقد افتتح المهرجان في 23 تموز/ يوليو 2019، في مسرح رشاد الشوا في غزّة والمسرح البلدي في رام الله، متجاوزاً الحدود السياسية والجغرافية المفروضة بقوة الاحتلال.
وتلفت مديرة "شاشات" والمشرفة على إنتاج الأفلام د. علياء أرصغلي، لأنّ مهرجان شاشات لسينما المرأة هو الأكثر استمرارية في فلسطين، ببلوغه عامه الحادي عشر في الدورة الحالية منذ انطلاقته في عام 2005، وهو كذلك الأكثر استمرارية من بين مهرجانات سينما المرأة في العالم العربي بمجمله، ما يشكل إنجازاً حقيقياً للعمل السينمائي الفلسطيني ودعم الإنتاج الثقافي الفلسطيني، خاصة في الظروف التي يعيشها الفلسطينيون والفلسطينيات بمختلف مشاربهم.