يهودا والسامرة!

380 ألف مستوطن في الضفة الغربية، و200 ألف في القدس "الشرقية"! كانوا 20 ألفاً في 1977، بعد أكثر من عشر سنوات على هزيمة 1967 واحتلال القدس والضفة وغزة، أي كل فلسطين التاريخية. وكانوا 70 الفاً في 1987. تنامى إذاً العدد بهذه الصورة في ظل اتفاقيات أوسلو "للسلام"! ما الاستنتاج السياسي انطلاقاً من هذه المعطيات؟ ليس فحسب أن أوسلو كان خديعة كبرى، بل إن الأوضاع العالمية والعربية تردت
2015-12-31

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

380 ألف مستوطن في الضفة الغربية، و200 ألف في القدس "الشرقية"! كانوا 20 ألفاً في 1977، بعد أكثر من عشر سنوات على هزيمة 1967 واحتلال القدس والضفة وغزة، أي كل فلسطين التاريخية. وكانوا 70 الفاً في 1987. تنامى إذاً العدد بهذه الصورة في ظل اتفاقيات أوسلو "للسلام"! ما الاستنتاج السياسي انطلاقاً من هذه المعطيات؟ ليس فحسب أن أوسلو كان خديعة كبرى، بل إن الأوضاع العالمية والعربية تردت في العقود الثلاثة الأخيرة إلى حد سمح لإسرائيل بمثل هذه العربدة. واليوم، تخطط هذه لبناء 55 ألف منزل داخل المستوطنات، وبالأخص منها تلك المحيطة بالقدس، بحيث يُنْجز عزل المدينة بالكامل عن الضفة الغربية، وقطع هذه الأخيرة إلى جزءين، شمالي وجنوبي، بلا أي تواصل بينهما. وبالطبع، فيوجد قطع وتقطيع داخل كل جزء منهما، فيما يتعزز وضع قطاع غزة كسجن كبير معزول تماماً، ليس عن سائر فلسطين فحسب، ولكن عن العالم.
"يهودا والسامرة" صارت تعبيراً شائعاً، يستخدمه نتنياهو ووزراؤه بلا حرج، ويطابق في نظرهم الحقيقة التي يؤمنون بها. والمسجد الأقصى هو أقدس مقدسات.. اليهود! والمضطهِد والمعتدي هنا هم "المسلمون" الذين يريدون حرمان اليهود من مكان عبادتهم المفضّل (بحسب تسيبني هوتوفيلي، نائبة وزير الخارجية، الذي هو نتنياهو)، وهكذا..
ورطة كبيرة لإسرائيل بداية، التي يقول مسؤولوها إنّهم لا يريدون حل الدولتين ولا حل الدولة ثنائية القومية، ولكنهم يريدون مع ذلك الاحتفاظ بـ "أرض أجدادهم وملوكهم" (بحسب رئيس الوزراء نفسه). التفصيل الصغير أن على تلك الأرض شعب آخر. وهكذا يصبح فلسطينيو الضفة والقدس "محتلين"، ويصبح فلسطينيو 1948، الذين لم تتمكن العصابات الصهيونية من طردهم وقتها.. "طابوراً خامساً". هل ذلك هو قلب للحقائق على رأسها؟ لا يهم. السؤال هو ماذا ستفعلون إذاً؟ أن لا يكون لدى الإسرائيليين جواب على ذلك يعبِّر أصلاً عن المأزق التأسيسي لإسرائيل، التي تأمل بتغيير العالم كله ليلائمها (وهو التعريف العلمي للجنون). لكن ألاّ يكون لدى الحركة الوطنية الفلسطينية (ولدى العالم برسمييه ومتمرديه على السواء) جوابٌ هو العطب. وهو يقيناً وبالتجربة لن يستمر. فبانتظار "الجواب"، وبالعمل لأجله.. كل عام وأنتم بخير!


وسوم: العدد 174

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...