نيابة أمن الدولة العليا المصرية وجهت إلى الباحث والصحافي الاستقصائي إسماعيل الاسكندراني تهماً تكفي قراءة التعليقات الساخرة منها في وسائل التواصل الاجتماعي لإدراك مبلغ خلوِّها من أي معنى.. وكذبها: "الانتماء إلى تنظيم الإخوان المحظور، والترويج لأفكاره، ونشر شائعات كاذبة عن سيناء"!
وأمّا الأساس في التهم فهو أن الشاب اللامع والشجاع تكبد مشقة الاستقصاء في سيناء كجزء من عمله البحثي والصحافي، ونشر نتائج أعماله التي أثارت إعجاب ومتابعة كل المهتمين في العالم. ولجديته وجدارته، دُعي إلى زمالات أكاديمية ومحاضرات بحثية في أوروبا وأميركا، ونال جوائز تقديرية عالمية. وهو "خالف" بالتأكيد.. لأن السائد أن يفضِّل أغلب المثقفين، وحتى الصحافيين، الكتابة انطلاقا مما يشاهدونه على التلفاز، أو يقرأونه، أو يسمعون عنه.. وهكذا يتناقلون "الانطباعات" في ما بينهم وكفى المؤمنين شر القتال! وأغلبهم، إن لم يَخَفْ من التطرق إلى المواضيع الحسّاسة ــ وهي راحت تشمل كل شيء ــ فهو يُقْدم بحذرٍ وحساباتٍ تحفظ له الأمان وخط الرجعة. وواحدهم، إنْ تخصص في مجالٍ تَرك سواه، بينما يقول إسماعيل كل ما عنده وما يعرف، ويستطلع ما لا يعرف، وينتقل بالمثابرة نفسها من أوضاع سيناء وقبلها النوبة، والاضطهاد والعنف المديدين لأهاليهما، إلى تناول فساد المقاولين وتواطؤ المسؤولين معهم (إن لم يكونوا جهة واحدة) حين يحلل خراب مدينته التي يعشق: الإسكندرية. مثقف يرى ترابط الظواهر ويلتقط تقاطعاتها، ويناقش بحماس واندفاع، ولا يهاب أحداً حتى بدا حادا راديكالياً.. وصَدَم "المهذبين" والمتأنين.. لم يتوفّر من انتقد الإخوان المسلمين وانحرافاتهم كما هو، متابعا طريق الراحل حسام تمّام.
الأساس الحقيقي في التهم أن إسماعيل نموذج من الشباب المتمرد والواعي معاً الذي اعتمل قبل يناير/كانون الثاني 2011 ثم أينع في أجوائه. ينبغي سحقه، واستعادته إلى اليأس من جدوى الكلمة والموقف، ومعهما من الثقة بالحياة نفسها. تلك، اليوم، وظيفة السلطة القائمة في مصر. وذلك هو السبب الذي يجعل ماهينور المصري، الرائعة، وراء القضبان لأشهر بل لسنوات متوالية، وعلاء عبد الفتاح ودومة وسواهم من الشابات والشبان الذين "تجاسروا".
إفتتاحية
هشّك بشّك

مقالات من مصر
تجوع ليحيا... إلى متى؟
"ما لقيتش طريقة أحلّ بيها هذه الأزمة غير هذا الإضراب عن الطعام، اللي أنا مصرة أنه يستمرّ، لحين ما علاء يتم الافراج عنه، أو لحين ما صحتي تنهار تماماً"، تقول...
مصر: تطوير التعليم وجدل مادة "التربية الدينية"
يمثل نظام "البكالوريا" الجديد، المزمع تطبيقه في مصر ابتداءً من العام الدراسي 2025-2026، محاولة لإعادة هيكلة التعليم الثانوي، فيتيح للطلاب فرصاً لتحسين نتائجهم عبر إعادة الامتحانات بمعدل أربع محاولات في...
ما بعد حرب غزة: الموقف المصري بين رفض التهجير واحتكار مشاريع الإعمار
حجم الركام في "غزة" تجاوز 42 مليون طن، وهو ما يعادل 14 ضعف الكمية، التي خلفتها الحروب السابقة على القطاع، حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2023. كما أن إزالة هذه الأنقاض...
للكاتب نفسه
لبنان: من هو الوطني اليوم؟
الوطني اليوم هو من ينوي لملمة كل تلك التقرُّحات وكل ذلك العفن. أن ينوي أصلاً، ويعلن عن ذلك، فهي خطوة إيجابية. وهو سيواجه مقاومة عنيدة من المستفيدين من واقع الحال...
لبنان مجدداً وغزة في القلب منه
... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...
الوحش الكاسر... الوحوش!
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.