قال في المرة الماضية إنّه أضرب عن الطعام لمدة 66 يوماً لأنه يُحب الحرية، وأن فعله لا يبتغي الموت. الشاب الذي اختار ـ على الرغم من امتلاكه شهادة في الرياضيات الاقتصادية من جامعة بيرزيت ـ أن يكون خبَّازاً في قريته عرّابة قرب جنين، لأن "الاستقلال المادي هو أيضاً استقلال سياسي"، يُضرب عن الطعام مجددا منذ 47 يوماً.
لا يفهم الإسرائيليون، لا يمكنهم! يفعل الرجل ويلامس الموت وقد يرحل في أي دقيقة، في الوقت الذي يحتفي بالحياة، بل وينجب منذ عامين ثلاثة أطفال توائم دفعة واحدة (لعل ذلك لأنه يعرف أن الوقت المتاح له ضيق!) فيصبح أباً لستة. كيف لا يلين؟ الشاب المولود في 1978 اعتُقِل للمرة الأولى في 1997، وهو اليوم يُعتقل للمرة الحادية عشرة، ويضرب عن الطعام للمرة الخامسة. "الأمعاء الخاوية" مجدداً، وسيلته لكسر نية الاحتلال بالسيطرة. يقول "جسدي لي"، وهذا لا يمكنكم حياله شيئاً. الاحتلال سَلَب الأرض ويتحكم بكل السياقات، يهدم البيوت كعقاب جماعي لا يوجد مثيل له في العالم، يقتل ويعدم ميدانياً، ويعتقل إدارياً وبلا محاكمات، ويسعى عبر التنكيل والاضطهاد لإهانة من يستعمِر. بلا طائل. يقول خضر: أهزمكم، فلن أخضع. لا أشرب سوى الماء الصافي، بلا مغذيات، ولا أقبل "التغذية القسرية" وسيلتكم لكسر القرار الحر للمعتقلين (انظر نص مجد كيال عن الموضوع المنشور في السفير العربي 13 آب/أغسطس 2015). في المرة السابقة، أضرب خضر عن الكلام كذلك. رفض الرد على سجّانيه وعلى المحققين. وخضع الإسرائيليون، وأطلقوه في التاريخ الذي حدده هو. وعادوا فاعتقلوه بعد يوم لأنه ذهب إلى القدس، ثم أطلقوه، ثم اعتقلوه.. إداريا طبعاً، أي اعتباطياً، وهي واحدة من بدع الاحتلال الإسرائيلي التي لا نهاية لها.
تكلم خضر في جامعة بيرزيت حين إطلاق سراحه في مرة ماضية. استذكر كيف قاتل الطلاب من كل الفصائل الاحتلال في الانتفاضة الثانية. خضر، القيادي في "الجهاد الاسلامي"، هو رفيقنا وأخونا وابننا..
وسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوت وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّا.