للعبرة

لا شماتة في الموت. بالتأكيد. وموت أحمد الجلبي تنطبق عليه تلك القاعدة الأخلاقية الأساسية. تتوقف مراعاة حرمة الموت عند هذا الحدّ الذي لا يمحو سيرة المرء، أياً كان، بل لعله يستحضرها بكل القوة المناسبة للحدث. فالإنسان الفاني (ولكن البشر نساؤون) هو محصلة مساره (الخاطف)، وهو ليس إلا ما يتركه وراءه في نهاية المطاف، حيث لا مال ينفع ولا شهرة ولا.. خزعبلات. ولله أن يقرر ما إذا كان سيرحم الجلبي. أما في
2015-11-05

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
خالد تكريتي - سوريا

لا شماتة في الموت. بالتأكيد. وموت أحمد الجلبي تنطبق عليه تلك القاعدة الأخلاقية الأساسية. تتوقف مراعاة حرمة الموت عند هذا الحدّ الذي لا يمحو سيرة المرء، أياً كان، بل لعله يستحضرها بكل القوة المناسبة للحدث. فالإنسان الفاني (ولكن البشر نساؤون) هو محصلة مساره (الخاطف)، وهو ليس إلا ما يتركه وراءه في نهاية المطاف، حيث لا مال ينفع ولا شهرة ولا.. خزعبلات. ولله أن يقرر ما إذا كان سيرحم الجلبي. أما في دنيانا، فالرجل عُرف بأنه محرِّض الأميركان والبريطانيين على ضرب العراق واحتلاله، وهو اُنْزل بطائرة هليكوبتر أميركية في بغداد في 2003، وهو مَن ترأّس قبل ذلك «المؤتمر الوطني العراقي» الذي تأسس في 1992 ودافع عن حصار العراق بوصفه وسيلة لإضعاف صدام حسين، فيما كان ملايين العراقيين يتضوّرون جوعاً ومرضاً.
ولكن الجلبي كان «يطرق باباً مفتوحاً». فالأميركان والبريطانيّون كانوا بحاجة لحجة، فاعتدّوا بتأكيدات الرجل الذي نشأ بين ظهرانيهم منذ صغره، والمتفاخر بأنه ابن عائلة ثرية من بغداد (ولكن الفقراء ليسوا عادة السرّاق، بينما للجلبي سجل حافل منذ بنك البتراء مروراً بالمساعدات الأميركية «للمؤتمر الوطني» في التسعينيات، وانتهاء بعقود تجهيز الجيش العراقي خلال فترة الاحتلال الأميركي...)، وبأن جدّه كان وزيراً مرات وأباه كان رئيساً للبرلمان في أزمنة الملكية التي أطاحتها ثورة 1958.. وأنّه كان على صلة بالمؤسسات الصهيونية العالمية والإسرائيلية التي دعمته علناً، كـ «JINSA» وهي «المؤسسة اليهودية لشؤون الأمن الوطني».
كان الجلبي «ستارة» ليس إلاّ لأغراض قررها الأميركان أصلاً. أو كان ما تردد عنه مذاك: (crook /محتال، puppet /دمية...). وهو شخصياً يشبه سائر الحجج: صدام حسين ديكتاتور دموي؟ صحيح. يمتلك أسلحة دمار شامل؟ كذب. يتواصل مع القاعدة ويدربها؟ كذب. إطاحته ستؤدي إلى الديموقراطية؟ كذب. سيعم السلام المنطقة؟ كذب.. وهكذا. وقد أبدى بلير بعض الندم في مقابلة منذ أيام على ما اقترفت يداه، كما فعل قبله كولن باول من دون سائر «المحافظين الجدد» (بوش ورامسفيلد وولفوفيتز وشيني وفيث وبيرل وبريمر ورايس.. أين هم اليوم؟)، بينما قال الجلبي منذ أشهر إنّه فخور بما ارتكب. وأما بخصوص الحجج الكاذبة التي وفّرها، فأجاب: «ما قيل سابقاً ليس مهماً». رحل الرجل، فمَن يَعتبر؟

 

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...