مصر: هدأ الشاطىء ولم تستقر الأعماق..

على الرغم من اشتهار قصة غرق مركب "رشيد" بمن فيه، فهي لا تتميز، سلباً أو إيجاباً، عن غيرها من سيناريوهات الهجرة غير النظامية فى مصر التي تمر دائما بخمس مراحل..
2018-09-22

منى سليم

كاتبة وصحافية من مصر


شارك
| en
جوني سمعان - سوريا

تم دعم هذه المطبوعة من قبل مؤسسة روزا لكسمبورغ. يمكن استخدام محتوى المطبوعة أو جزء منه طالما تتم نسبته للمصدر.

"الرزق بإذن الله"، كان اسم المركب الذي ابتلعه البحر بمحاذاة مدينة "رشيد" المصرية منتصف 2016 وابتلع معه أجساد ما يقرب من 200 مصري وأفريقي من أصل ما قُدِّر بأكثر من 400 راكب كانوا على ظهره.. وفي جوفه ايضاً. عامان مرا ولم تزل مشاهده عالقة بأطراف الحياة المصرية، حيث ابنة فقدت أمها وأختها ممن سافرن بشكل غير نظامي هرباً من أبٍ لا يَحتمل مرض الأم ويبرحهن ضرباً. أب يصرخ على شاشات التلفاز محتجاً على خطاب رئيس الجمهورية الذي وجهه للشباب: "سايبنا ورايحين فين.. أومّال احنا بنعمل ده كله لمين؟". قال الأب يومها: "غير نادم على موافقة ابني على السفر ولا أقبل أن تتهموه بعد موته بالطمع والمقامرة بعمره. أنتم المسؤولون أن ابني وغيره يلقون بأنفسهم في البحر بحثاً عن فرصة كريمة".. مشفى صغير تحتفظ جدرانه بصمت بذكرى تراكم الجثث على أرضه، بحيث لم يعد هناك شبر منها لم يذق الموت. أجساد منتفخة زرقاء يغطيها أهالي المدينة بالثلج والدمع.

أوراق قضية انتهت بالحكم بحبس 50 شخصاً بتهمة القتل العمد، بأحكام تتراوح ما بين 3 و25 سنة. ومن بعدها انتقلت الدفة إلى القاهرة والحديث عن تشريعات جديدة للحد من الظاهرة.

صدمة الغرق

قال رئيس الجمهورية بعد غرق المركب: "لن يخرج مركب واحد من مصر بعد اليوم". عُقدت اللقاءات المتكررة بين مصر وممثلي وكالة الحدود بالاتحاد الأوروبي ("فرونتكس")، ولم توافق مصر خلالها على المشاركة في سيناريوهات "التوطين البديل" التي قبلت بها ليبيا، حيث تم ضخ الأموال الأوروبية من أجل الحد من تدفق آلاف المهاجرين، يأتي 80 في المئة منهم عبر الشواطىء الليبيبة، وجرى هناك بناء وتمويل مراكز للإيواء والترحيل.

طالبت مصر عوضاً عن ذلك بدعمها أمنياً وتشجيع الاستثمار فيها لمواجهة عصابات المهربين الدولية من ناحية، ولتوفير فرص العمل من ناحية أخرى. ومن ثَم سُنَّ قانون جديد لتجريم عمليات الهجرة غير النظامية لتصل عقوبة المتورط بها إلى 25 عاماً.

أدت هذه الخطوات، ومن قبلها صدمة "رشيد"، إلى تراجع واسع في عمليات الهجرة غير القانونية المنطلقة من الشواطئ المصرية. لكن هل اختفت؟ وما نسبتها؟ وهل انتفت أسبابها اقتصادياً واجتماعياً، سواء تلك التي تخص أبناء المجتمع المصري نفسه او سواه، حيث مصر دولة عبور لأبناء أريتريا والسودان والصومال وسوريا.. أم أن اليد الأمنية والقانونية لا زالت حديدية بعد الحادثة، وهناك من ينتظر ارتخاءها؟

رحلة مصر من نقطة ساخنة إلى باردة (2014 - 2018)

تبدأ هذه الرحلة قبل 4 سنوات، وليس من على الشاطىء المصري ولكن من نظيره الإيطالي حيث يجلس موظفو وكالة الحدود الأوروبية ("فرونتكس") في حيرة من أمرهم. فقد اتخذ الاتحاد قراره بوقف الدخول بتأشيرات مجانية إلى دول أوروبا الشرقية ووقف الانتقال البري عبرها إلى غرب أوروبا، وهو ما أدى الى تحول طريق شرق البحر المتوسط إلى المنفذ الرئيسي للمهاجرين، وتزايد وصول المراكب عبر حدود ليبيا ومصر وتونس إلى إيطاليا واسبانيا واليونان.

وفقاً لإحصائيات الاتحاد الأوروبي، تحتل مصر المركز الثاني بعد أريتريا في عدد المهاجرين القُصّر الذين يصلون إلى إيطاليا.

فوفقاً لتقديرات الإتحاد الأوروبى، عَبَر قرابة 181 ألف مهاجر البحر المتوسط إلى أوروبا خلال عام 2016، ينطلق أكثر من 80 في المئة منهم من ليبيا، والآخرون من تونس، بينما وصل عدد الرحلات من مصر خلال الستة أشهر الأولى وحدها من ذلك العام الى 1000 رحلة، وارتفع عدد المهاجرين المصريين المسجلين بشكل رسمي بمراكز الإيواء الأوروبية من 344 شخصاً عام 2015 إلى 2875 حتى حزيران/ يونيو 2016. كما سَجّل وقتها تدفق المهاجرين (من كافة الجنسيات) الذين ينطلقون من السواحل المصرية زيادة حادة بنسبة 104 في المئة، 70 في المئة منهم أتوا من بلدان أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى.

وبذلك أصبح المصريون ضمن الجنسيات العشر الأوائل الذين يعبرون إلى أوروبا عبر هذا الطريق. كما يشكل القُصّر (أقل من 18 عاماً) نحو 60 في المئة من هذا العدد ممن يستهدفون بطبيعة الحال ملاجىء إعادة تأهيل الأطفال على الجانب الآخر، لتصبح مصر ــ وفقاً لإحصائيات الإتحاد الأوروبي، فى المركز الثاني بعد أريتريا في عدد المهاجرين القُصّر الذين يصلون إلى إيطاليا.

وعليه، لم يكن غريباً أن تأتي تصريحات فابريس ليغيري، رئيس "فرونتكس" قبل 3 شهور فقط من غرق مركب "رشيد" على هذا النحو: "يبدو أن مصر بدأت في التحول الى بلد انطلاق للمهاجرين، يمكن وصفها بالنقطة الساخنة".

"البزنس"، هل يوقف تدفق الهجرة؟

تشير الحكومة المصرية الى تكثيف مشروعات تعليب وتمليح الاسماك في محافظات مصدِّرة للهجرة مثل "كفر الشيخ". وقالت الاحصاءات الرسمية إنه تم توفير 25 ألف فرصة عمل هناك. كما جرى تطوير عدة قرى منها قرية "الجزيرة البيضاء" التي كانت تعيش تحت خط الفقر وفي ظل انعدام تام للخدمات، وقد كانت حتى 2016 أقوى محطات "تخزين" الأفارقة والمتاجرة بتهجيرهم وذلك لموازاتها لمرفأ "رشيد".

في مقابل هذه الأرقام المتواضعة، هناك أرقام أخرى صادرة عن المنظمة الدولية لشئون اللجوء والهجرة، وقد جاءت تحت عنوان "الاتجار بالبشر عبر الهجرة": تصف التحقيقات هذا النوع من التجارة بأنها "مربحة" حيث يصل حجم ما يجنيه المهربون من إفريقيا الى أوروبا، ومن أميركا الجنوبية والوسطى إلى أميركا الشمالية، الى نحو 6.800 مليار دولار سنوياً. ويجني بعض المهربين أكثر من 60 ألف دولار أسبوعياً من هذه العمليات، وحجم ما يتكلفه المهاجر يتراوح ما بين ألف إلى 10 الاف دولار.

بعد حادث مركب رشيد جرى الالتفات الى حالة عدة قرى، ومنها قرية "الجزيرة البيضاء" التي كانت تعيش تحت خط الفقر وفي ظل انعدام تام للخدمات، وقد كانت حتى 2016 أشد محطات "تخزين" الأفارقة والمتاجرة بتهجيرهم، وذلك لموازاتها لمرفأ "رشيد".

هناك من ناحية الظروف الانسانية القاسية التي تتفاقم في كافة الدول ذات المناخ العام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الطارد لشعوبها، وهناك من ناحية أخرى سعي لا يتوقف الى تشريعات وإجراءات تستهدف الحد من الظاهرة. وعلى الجانب الآخر تأتي الأرقام الصادمة لحجم المكاسب التي تحققها هذه التجارة التي تتداخل فيها الرحمة بالجشع، والحلم بالكابوس.

قال لنا الباحث بشؤون قضايا الهجرة غير النظامية في مصر، نور خليل: بداية لا يمكن التأكد عن طريق الاحصائيات الحكومية مما إذا كانت رحلات الهجرة غير الرسمية بين مصر واوروبا قد توقفت تماما أو تحديد نسبة تراجعها. لأن تلك الاحصائيات تعتمد على أعداد المقبوض عليهم من المهاجرين سواء فى مصر قبل انطلاقهم أو في أوروبا بعد وصولهم. وتراجع عدد المقبوض عليهم لا يعني بالضرورة تراجع رحلات الهجرة غير القانونية من مصر إلى أوروبا". وأضاف: "حادثة مركب رشيد أدت إلى خلق تخوف شديد لدى الأشخاص المقبلين على الهجرة من خوض التجربة. وأيضاً أصدرت الحكومة القانون 82 لسنة 2016 المتعلق بالهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر، ووضعت تشديدات أمنية لمحاولة ايقافها. ما زالت مناطق الصعيد والدلتا نابذة للبشر ومنتجة للمهاجرين. ورحلات الهجرة غير النظامية مستمرة، ولكن بنسبة أقل إنما لا يمكن تحديدها لعدم وجود آلية لذلك.. ومنذ 2013 تشهد مصر رحلات هجرة غير رسمية لحمَلة الجنسية السورية، قادمين عبر الحدود الجنوبية من دولة السودان بعد قرار منع دخولهم إلا بتأشيرة دخول مسبقة من السلطات المصرية".

ما بعد رشيد

في محاولة منا لتلمس حقيقة ما يجري على الأرض، توجهنا مرة أخرى إلى "رشيد"، مدينة تحمل كل سمات الجمال الذي يكتنه أسراراً من كل صنف.

مرّ عامان، ولا زال الخوف هو سيد المشهد، فالحكم القضائي النهائي على المتهمين قد صدر قبل شهور قليلة وسط شكاوى من أن "الغلابة هم الي اتاخدوا في الرجلين، الكبار لم يكونوا من رشيد وصدرت ضدهم احكام غيابية، وانتقلوا بنشاطهم لمدن أخرى".

لقد تغير كثير من أسماء القيادات بالمدينة، وأصبحت قرية "برج رشيد" محط أنظار دائم. قال أحد الباعة أثناء محاولتنا الوصول للحاج (م.ع) المخلى سبيله بينما لا زال أبناءه الثلاثة رهن الحبس بسب اتهامهم بالمشاركة بنقل المهاجرين بمركبهم الصغير الذي يحمل إسم العائلة، الى المركب الكبير المنتظر بعرض البحر: "لن يتحدث إليكِ أحد، ولو استمريتِ بالسؤال فسيتم إيقافكِ. المكان يعج بالمخبرين السريين". طَرقات قليلة على باب منزل الحاج (م.ع) انتهت بمحاولة إبعادنا: "ليس لدينا ما نقوله، الأكابر هربوا واحنا اللي لبسناها والمراكب لسه بتطلع. على طول الشط لغاية ليببا مفيش اكتر من الصيادين إللي الرؤوس الكبيرة هاتدفع لهم عشان ينقلوا المسافرين".

توجهنا إلى مكتب المحامي (أ.ح) الذي دافع عن الرجل الغاضب الذي أغلق بوجهنا الباب وعن عشرات غيره، وهو زودنا بحيثيات الحكم الصادر بحق المتهمين، والتي كانت أكثر تعبيراً من غيرها عن تفاصيل الهجرة غير القانونية في مصر عشية غرق المركب المنكوب.

خريطة طريق.. البحر

لم يكن لقصة مركب "رشيد" تميز، سلبي أو إيجابي، عن غيرها من سيناريوهات الهجرة غير النظامية فى مصر، إلا ربما الإصرار على تحميل المركب بأعداد تزيد عن حمولته، فكان الغرق السريع.

خمس مراحل تمر بها دائماً هذه التجارة الخطرة والمربحة. نقطة الانطلاق تبدأ بطبيعة الحال بالتخطيط: سمسار محلي "ذو حيثية"، سواء كانت ثروة أو علاقات عليا، يعمل بمفرده أو عبر فريق، ولديه علاقات واسعة بشبكات دولية تعمل على الاستفادة من الهجرة غير النظامية .

يصل حجم ما يجنيه المهربون من إفريقيا الى أوروبا، ومن أميركا الجنوبية والوسطى إلى أميركا الشمالية، الى نحو 6.800 مليار دولار سنوياً.

يتعاقد هذا السمسار مع صاحب أحد مراكب الصيد الكبرى على الابحار نحو أوروبا متحايلاً على قوات حرس الحدود ودون ترخيص. يبدأ بعد ذلك بتشكيل جيش من العملاء بالمحافظات كمساعدين له، يتجهون الى أماكن تجمع الافارقة والسوريين والى عدد كبير من القرى المصرية، يتفق السمسار على مبلغ يتراوح ما بين 40 و60 ألف جنيه مصري (4 آلاف دولار)، وخلال شهرين أو أكثر يستمر التواصل بينه والمهاجر حتى تحين اللحظة الحاسمة، وهي جمع المهاجرين ونقلهم إلى المدن الساحلية.

تبدأ الخطوة الثالثة بتجنيد جيش من الصيادين والشباب بالمدن الساحلية من أجل توفير دخول مموه لحافلات الطامحين للهجرة (سيارات نقل خضروات وأعلاف مغطاة)، وتوفير أماكن لتخزين المهاجرين (غالباً ما تكون مزارع او حظائر لتربية الدواجن قريبة من الشاطئ).. يبقون هناك من 10 أيام إلى إسبوعين، يكون خلالها مركب الصيد الكبير قد نجح في الخروج إلى المياه الإقليمية بغير الهدف المحدد له، وعليه طاقم من الصيادين والبحارة، ثم تبدأ الزوارق والمراكب الصغيرة بالخطوة الرابعة وهي تحميل المسافرين والمرور ليلاً بهم لنقلهم إلى عرض البحر، لتبدا الخطوة الخامسة الأخيرة.. التي يفترض أنها نحو أوروبا/ الحلم.

أوراق القضية.. قراءة بأثر رجعي

في مركب "رشيد" تحول الحلم إلى كابوس، وكشفت أوراق القضية عن حجم المكاسب المغرية التي دفعت القائمين على الرحلة إلى مضاعفة عدد المسافرين:

المركب الغريق اشتراه صاحبه الأخير قبل ٣ شهور فقط من محاولة انطلاق هذه الرحلة بمبلغ مليون وسبعمئة ألف جنيه، وكشفت التحريات انه تم شراؤه خصيصا لهذا الغرض، فحصل صاحبه من السمسار المحلي الكبير ("الحوت") على ما يقارب نصف مليون جنيه، أما سماسرة جلب المسافرين فكانوا يحصلون من هذا السمسار على عمولة 5 في المئة عن كل مسافر، وتباروا في تكثيف المكسب، فقسموا المسافرين الى من هم دون 18 عاماً، وهؤلاء يتوجهون إلى ملاجىء الأطفال في إيطاليا مقابل 20 ألف جنيه، في حين تم تزوير ما يسمى بـ"وثيقة تاجر بحري" مقابل 50 الف جنيه، لإيهام المسافر ان لديه أوراقاً رسمية للدخول إلى أوروبا. أما من قاموا بالإيواء والتخزين على الشاطىء فقد حصلوا على 400 جنيه عن كل فرد أي ما يقارب 160 ألف جنيه بعشرة أيام.

حسابات أولى تكشف عن صافي ربح للسمسار المحلي الكبير يصل إلى مليون جنيه. يقول المحامي عن مجموعة من المتهمين الصغار أن دور موكليه "اقتصر على النقل بالمراكب الصغيرة والأطعمة، أي لم يكن لديهم علم بالنية السيئة لتحميل المركب الكبير بضعف حمولته، ولم تكن لديهم نية القتل العمد كما وجهت لهم النيابة التهمة، بينما المتهمون الكبار، مهندسو العملية ككل، فقد هربوا ويصل الى مسامعنا أنهم عاودوا نشاطهم من جديد بمدن أخرى غير رشيد".

"الغلابة هم اللي اتاخدوا فى الرجلين، الكبار لم يكونوا من مدينة رشيد، وقد صدرت ضدهم أحكام غيابية، وانتقلوا بنشاطهم لمدن أخرى!".

حديث لم يختلف كثيرا عما جاء بتحريات الشرطة التي وصفت المتهمين الهاربين بـ"المخضرمين بتجارة الهجرة غير النظامية"، وهم "معروفة أسماؤهم"، مما دفع كثيراً من المراقبين للإشارة بأصابع الاتهام الى الأجهزة المختصة التي لديها فائض معلومات يشير إلى أن هذه العمليات لم تكن مفاجأة صادمة، بل أن المنطق يقول أن إخفاء كل هؤلاء المهاجرين (ما لايقل عن 300 بالرحلة الواحدة)، وأغلبهم من الأفارقة، في مدينة صغيرة دون أن تتمكن قوات الأمن من اكتشافهم، وإبحار مراكب الصيد والعودة دون رصد لزيف تراخيصها، وإدعائها أنها كانت في رحلة صيد لا تستغرق أكثر من 14 ساعة.. جميعها أمور تثير الربية.

تعليق أخير عن حادثة لعلها "الأخيرة"

يقول الباحث نور خليل في تعليق أخير: "الأحكام في قضية رشيد هي أحكام مشددة بالفعل تجاه الجناة وتحديداً المتهمين الأساسيين. ولكن على ذلك، ربما هناك خطأ واحد في الاجراءات يُسبِّب قبول النقض على الحكم وتخفيف هذه الأحكام في درجات التقاضي اللاحقة، أو ربما إلغائه بخصوص بعض المتهمين. وأيضاً تخلو القضية (تحقيقات وحكم) من أي تحديد لمسئولية الدولة وموظفيها تجاه الحادثة، وخاصة فيما يتعلق بتأخر عمليات الإنقاذ مما تسبب في موت المزيد من الضحايا، من المسؤول عن ذلك؟ ولماذا لم يعاقب؟ هل الدولة لا تملك معداتٍ وسفناً ومراكب انقاذ كافية؟".

أما عن المستقبل، فاشار إلى أن الإجراءات الأخيرة التي قامت بها الحكومة، من إصدار لقانون الحد من الهجرة غير المنتظمة (القانون 82 لسنة 2018) هو خطوة جيدة، لكن متأخرة كثيرا ولم يصدر القانون إلا بعد حادثة مركب رشيد، فهل كانت الحكومة تنتظر موت وفقدان 300 إنسان لتصدر القانون؟ وبالنظر للقانون نفسه، نجده يفتقر إلى تدابير الحماية الأساسية للضحايا، فعلى الرغم من نصه على رفع المسئولية الجنائية عن المهاجر المهرَّب ولكنه لم يحدد سياسات الحماية المتبعة مع الناجين والضحايا، كما لم يفرِّق بين محاولة الدخول غير النظامي وبين الخروج، أيضا لم يحدد وضع اللاجئين الهاربين من الحروب والنزاعات. وعلى سبيل المثال فقد نص القانون على إنشاء صندوق خاص لمساعدة الضحايا وحماية الشهود، بقرار ولائحة من مجلس الوزراء، وعلى الرغم من صدور القانون منذ عامين تقريباً إلا انه حتى الآن لم نسمع بأي جديد.

***

مشاهد ممتدة عبر عامين تؤكد انه لا إجابات كاملة، ولا أسئلة مغلقة. فالشاطئ الهادئ لا يعني أن الأعماق قد سكنت واستقرت.

محتوى هذه المطبوعة هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.

مقالات من مصر

كيف جرى تكبيل مصر واستعبادها؟

رباب عزام 2024-03-21

يبدو أن السلطة المصرية لن تتوقف نيتها في بيع الأصول والأراضي، ولن تكتفي فقط بما حُسم من صفقات منذ العام 2021، بل ستسعى إلى مزيد من عمليات البيع، تنفيذاً لاشتراطات...

السيسي وثمن دماء الفلسطينيين

حسام خليفة 2024-02-26

تضاعف الدين المصري، في السنوات الخمس الأولى من عهد "نظام يوليو 2013"، أكثر من خمسة أضعاف بحسب وزير المالية المصري آنذاك، عمرو الجارحي. بينما ارتفع إجمالي الدين الخارجي المصري إلى...

للكاتب نفسه

مصر التي كسرت خاطري وتقيّد فمي

منى سليم 2023-11-03

هل يأتي يوم تُحرِّرنا فيه مصر من وجعنا المكلوم منها وبها وعليها، فأجد نفسي على حين غرة ملتحمة بملايين أعرفها ولا تعرفني؟ هل ترضى عنا الأيام؟ وهل سنمتلك حينها القدرة...