2015

لا يمكن تجاهل المناسبة ولا نريد ذلك، ليس من زاوية الوقوع في أسر الابتذال الرائج الذي تمكّن من تعليب كل المناسبات في إطار عصفه الاستهلاكي، وطال حتى العواطف والتفكير متخطياً الانقسامات الحادة والتناحرات الدموية القائمة في الواقع حول معاني الأشياء لمصلحة "تسويق" العيد- أي عيد- حتى وصل الأمر في بعض الأماكن إلى افتعال أعياد للأب والأخوة والأجداد وحتى للجيران، فغرقت تماماً رمزية عيد الأم
2014-12-31

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

لا يمكن تجاهل المناسبة ولا نريد ذلك، ليس من زاوية الوقوع في أسر الابتذال الرائج الذي تمكّن من تعليب كل المناسبات في إطار عصفه الاستهلاكي، وطال حتى العواطف والتفكير متخطياً الانقسامات الحادة والتناحرات الدموية القائمة في الواقع حول معاني الأشياء لمصلحة "تسويق" العيد- أي عيد- حتى وصل الأمر في بعض الأماكن إلى افتعال أعياد للأب والأخوة والأجداد وحتى للجيران، فغرقت تماماً رمزية عيد الأم مثلا..
فعلى الرغم من ذلك الإغراق، ما زالت السنة المنقضية/ السنة الجديدة مناسبة تحترم تقسيم الوقت الاجتماعي أو توزيعه، بإخراجه من العادية، ربما ليس إلى المقدس (لم يعد كذلك) ولكن إلى الاستثناء، وذلك حتى بالنسبة لأكثر الأماكن رفضا لها لاعتبارات دينية أو اجتماعية متنوعة.. ربما لسطوة القوة المهيمنة على العالم. ولكن لا بأس.

فإن أجرينا مراجعة أو جردة حساب (ما يدّعي الجميع أنه التمرين الذي يقوم به في هذا الوقت)، لبدت 2014 مهولة. وإن نحّينا جانباً التوقعات المتشائمة لـ 2015 (منذ زمن، يسيطر التشاؤم على النظرة إلى الزمن الآتي، وكأنه تعويد للناس على الأسوأ.. أو تعويذة ضده من قبل "الأخيار" العاجزين)، فسنرى عبر ذلك التفحص أن هناك تغييرا مثلا في الموقف العام من فلسطين باتجاه الاعتراف بها كقضية محقة يكابد أصحابها الشر المتسلط عليهم، بدليل احتلال صور معاناة الغزيين مثلا المكانة الأولى في البومات العام لأكثر وسائط الإعلام العالمية. هذا طبعا إلى جانب تلك الصورة التي لا تُنسى لنهر جارف من البشر ينتظرون الإعانات بين ضفتي شوارع مدمرة في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق.
هذا التغيير في "الضمير" العالمي لا يكفي بالطبع لرفع الظلم المديد اللاحق بفلسطين وأهلها. لكنه معبّر ويفترض أن يُدرَك وأن يُبنى عليه. كما هو معبّر الاستنكار المحيط بمسألة الغرق المتكرر لجموع الهاربين من الفقر والاضطهاد والاوبئة، والذي يتكشف أن بعضه ـ الغرق ـ متعمد. وكذلك فظائع الارتكابات المسجلة للأمريكان في معتقلات منتشرة في العالم، وفي العراق المنكوب. وهناك جرائم داعش و"الحرب ضد الإرهاب" ـ وهي تحظى بتركيز إعلامي.. لم يتمكن من حجب الصورة الأخرى. تلك هي خطوط الصدع المستمرة، ولا حاجة لعرّافين!

 

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...